على رغم المراجعات المتكررة والمستمرة للمستشفيات منذ أكثر من 12 عاماً، فقَد فواز العنزي ابنته «بتول» بعد معاناة طويلة مع المرض، ويخشى أن يلحق بها توأمتها «هديل» وشقيقها «محمد».هذا هو الواقع المر لوالد أطفال ثلاثة قتلت طفولتهم في سن باكرة، وهو واقع يأتي في سياق ماضٍ أشبه بالكابوس، وربما تستمر المعاناة مستقبلاً، فحتى الآن من المتوقع أن تستمر المراجعات المرهقة والرحلات المكوكية أو أن يلحق الطفلان بشقيقتهما. ولم ينفكَّ فواز يراجع مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض بحثاً عن علاج لذلك الداء الذي فتك بفلذة كبده ويهدد طفليه الآخرين، فالعيون حائرة والنظرات يحدوها الأمل والتفاؤل بدأ في الأفول بمرور الزمن واستمرار الأحزان. يقول العنزي: «لا أعود من من رحلة حتى أستعد لرحلة علاجية أخرى إلى الرياض، فأنا من سكان محافظة القريات التي تبعد عن العاصمة نحو 1500 كيلو متر»، موضحاً أن الأمر مرهق، سواء من الناحية المادية أو النفسية. ويعود والد الأطفال بالذاكرة إلى الوراء سنوات طويلة: «في العام 1413ه رزقني الله بتوأم بنات أسميتهما بتول وهديل، وقد ولدتا وهما تعانيان من مرض وراثي نادر تم اكتشافة بعد ست سنوات من مولدهما في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، إذ شخص المرض آنذاك وتحديداً قبل نحو 12 عاماً على أنه مرض وراثي يسمى التليف الرئوي الكيسي البنكرياسي». ويضيف: «منذ ذلك التاريخ ونحن نراجع المستشفى، إذ نقطع مسافة تقارب ثلاثة آلاف كيلو متر ذهاباً وإياباً كل 90 يوماً في رحلة أقل ما يقال عنها إنها روتينية وعديمة الفائدة»، لافتاً إلى أن معاناته مع حجوزات ورحلات الطيران أخذت حيزاً كبيراً من فكره وتحولت بمرور السنوات إلى همِّ آخر. ويعتبر فواز أن المراجعات المستمرة ل«التخصصي» لم تكن ذات فائدة، «كان نصيبنا منها إرهاق السفر والتنقل بين العيادات، بينما كانت الحال المرضية لطفلتيَّ تزداد سوءاً. في خضم الأحزان وتكالب الظروف على أسرة العنزي، رزقه الله بطفل اختار له اسم «محمد»، واستبشرت به العائلة والأقارب، لولا أن الله شاء أن يصاب بالمرض النادر نفسه، ما حمل والده عبئاً آخر وجعله يصارع وضعاً أسرياً ومادياً معقداً طيلة السنوات الست الماضية (يبلغ محمد حالياً ستة أعوام). لم تشأ المصائب أن تغادر رب الأسرة المحبط، فقد فجع مطلع العام الحالي بوفاة إحدى التوأم «بتول». ويصف فواز هذه الذكرى السيئة: «قبل وفاتها تردَّت حالتها بشكل لافت، ما اضطر الأطباء إلى نقلها إلى قسم العناية المركزة في مستشفى الملك فيصل التخصصي في الرياض، وبقيت هناك مدة 18 يوماً فارقت بعدها الدنيا نتيجة تليف الرئة وتأخر حالها الصحية». عينا العنزي تخفي كثيراً من الألم والحسرة، على رغم أنه بدا هادئاً وواثقاً، «أنا عبد مسلم مؤمن بقضاء الله وقدره، وبقدر ما أستطيع لن أجعل اليأس يتملكني أو يثنيني عن علاج هديل ومحمد»، مستدركاً: «ما يحزَّ في خاطري أن 12 عاماً من المواعيد والرحلات العلاجية ما بين القرياتوالرياض لم ينتج منها إلا وفاة بتول رحمها الله». ولا يخفي فواز أنه لم يستطع التغلب على الخوف، «بعد أن فقدت بتول أصبحت أخشى أن يكون مصير هديل ومحمد مثل مصيرها، وتولد لدي شعور بأن إشراقه شمس كل يوم جديد تعني لي غياب أحدهما». وعلى رغم ما يختلج نفسه من أحاسيس مختلطة بين التفاؤل والخوف والحزن، إلا أنه ما زال مصرّاً في كل مرة على حزم حقائب السفر نحو الرياض، مع أن الأطباء يرسلون إليه إشارات بين الفينة والأخرى بعدم جدوى تلك المواعيد، «هديل ومحمد في حاجة ماسة إلى عناية مدى الحياة ودخول إلى المستشفى في شكل متكرر، إضافة إلى العلاج الطبيعي أربع مرات يومياً طوال العمر للعناية بهما وعدم التأخر في إرسالهم إلى مراكز متخصصة. ويختم فواز سرد معاناته بأن بارقة أمل تلوح في الأفق، ألا وهي وجود علاج في مراكز طبية متقدمة في الولاياتالمتحدة الأميركية تعالج مثل تلك الحالات، متمنياً من أولياء الأمور والمسؤولين في هذه البلاد المباركة مساعدته في السفر إلى الخارج لعلاج طفليه وذلك بتوفير كلفة العلاج.