أبلغت إسرائيل بريطانيا، عبر وزير خارجيتها ويليام هيغ الذي يزور إسرائيل حالياً، أنها لن تبدأ «الحوار الاستراتيجي» بين البلدين طالما لم يتم إلغاء القانون البريطاني الذي يمنح «صلاحية مقاضاة دولية» لأي شخص أو جهة في بريطانيا يرغب في التوجه إلى محكمة محلية لاستصدار أمر اعتقال ضد من يشتبه بأنه ارتكب جرائم حرب. ويأتي هذا الطلب في أعقاب قيام عدد من الشخصيات الإسرائيلية الرفيعة بإلغاء زيارات إلى بريطانيا خشية تعرضها للاعتقال، آخرها نائب رئيس الحكومة دان مريدور. ووفقاً للصلاحية الممنوحة، بالإمكان استصدار أمر اعتقال ضد أية شخصية سياسية أو عسكرية باستثناء رئيس دولة أو رئيس حكومة ما زال في منصبه. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن يغال بالمور المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية ان «الحوار الاستراتيجي (مع بريطانيا) ارجئ. وتشكل زيارة وزير الخارجية البريطاني (وليام) هيغ مرحلة مهمة في التبادل الثنائي حالياً». وأضاف ان «عدم تمكن المسؤولين الاسرائيليين من التوجه الى بريطانيا سيحتل الاولوية في برنامج هذه الزيارة بالنسبة الينا». وكانت الحكومة البريطانية السابقة اعتذرت في السابق لنظيرتها الإسرائيلية عن عدم تمكنها من التدخل في صلاحيات المحاكم، وأوضحت أن القانون لا يلزم المحكمة التي تستجيب لاستصدار أمر الاعتقال بإبلاغ المستشار القضائي للمملكة به، ما يحول بالتالي دون قيام الحكومة بتبليغ إسرائيل بأمر إصدار أمر اعتقال من عدمه. وتقول إسرائيل إن الحزب الحاكم حالياً في بريطانيا (المحافظين) تعهد خلال حملته الانتخابية بتعديل القانون على نحو يتم بموجبه ابلاغ المستشار القضائي بأي أمر تصدره محكمة محلية لاعتقال شخصية من خارج بريطانيا، ما يمكّن الحكومة من ابلاغ الشخصية بأمر الاعتقال. ونقلت الإذاعة عن أوساط سياسية إسرائيلية خيبة أملها من عدم إقرار التعديل، مستبعدةً أن تنتهي إجراءات تعديله قبل صيف العام المقبل. وخلال زيارته الى رام الله للقاء مسؤولين فلسطينيين، اكد هيغ ان الحكومة البريطانية تنظر جدياً في هذا الموضوع. وقال ان «مسألة الاختصاص القضائي العالمي تشكل امراً نعيده الى نصابه الصحيح في الحكومة الجديدة (...) لكننا سنفعل ذلك على طريقتنا الخاصة وفي توقيتنا الخاص». وأشارت السفارة البريطانية في تل ابيب الى انه سيتم طرح مسودة تعديل لنص القانون امام البرلمان «في الاسابيع المقبلة». وقالت المتحدثة كارن كوفمان ان «الحكومة البريطانية تفهم ان لدينا مشكلة حقيقية نعالجها»، مشيرة الى ان الامر سيتطلب «اشهراً عدة» قبل اقرار التعديل. وأضافت: «سنقدم مسودة (تعديل) في الاسابيع المقبلة بهدف تمريرها لدراستها في الدورة الحالية للبرلمان». ومارست اسرائيل ضغوطاً على بريطانيا طوال خمس سنوات لحملها على تعديل النص القانوني بعد ان أُرغم عدد كبير من ابرز المسؤولين السياسيين والعسكريين على الغاء زياراتهم خشية توقيفم. وفي كانون الثاني (يناير)، تعهد رئيس حكومة بريطانيا آنذاك العمالي غوردن براون بتغيير القانون بعدما ألغت تسيبي ليفني زعيمة المعارضة ووزيرة الخارجية خلال فترة الهجوم الاسرائيلي على غزة نهاية 2008 ومطلع 2009 زيارة لها الى بريطانيا عقب صدور مذكرة توقيف بحقها، ما اثار تشنجات ديبلوماسية بين البلدين. وفي مقابلة مع صحيفة «يديعوت احرونوت» تصادف مع زيارته الاولى الى اسرائيل بصفته وزيراً للخارجية، قال هيغ ان على الاسرائيليين ان ينتظروا من باب الاحتياط ان يتم تعديل القانون قبل ان يزوروا بريطانيا. وأضاف: «اعتقد ان من الحكمة ان ننتظر اولاً إقرار هذا القانون ثم نبادر الى دعوتهم». إلى ذلك، أعربت أوساط في وزارة الخارجية الإسرائيلية عن «استغرابها» للاجتماع الذي عقده هيغ في رام الله أمس مع اللجان الشعبية المناهضة للجدار الفاصل قرب قريتي بلعين ونعلين غرب رام الله، ثم اللقاء الذي جمعه بشخصيات فلسطينية في القدسالمحتلة لبحث الأوضاع في حي الشيخ جراح المهددة منازله بالهدم والتهويد. واعتبرت الأوساط هذه الاجتماعات «تضامناً بريطانياً مع نشاط اللجان الشعبية» التي تتظاهر كل يوم جمعة ضد الجدار وتشتبك مع جيش الاحتلال. وكانت السفارة البريطانية احتجت قبل أسبوعين على قرار محكمة عسكرية إسرائيلية سجن أحد أبرز المناهضين للجدار، عبدالله أبو رحمة لمدة عام، كما أصدرت وزارة الخارجية البريطانية بياناً أعربت فيه عن قلقها من قرار المحكمة، «الذي يبغي حرمان المناهضين للجدار من حقهم الشرعي في التعبير عن الرأي من دون عنف، وضد ضم أراض فلسطينية إلى إسرائيل. ووفقاً لوسائل الإعلام الإسرائيلية، فإن الغرض الرئيس من زيارة هيغ لإسرائيل هو البحث حول «طاولة مستديرة سرية» في الملف النووي الايراني بحضور رؤساء المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ومدير اللجنة الإسرائيلية للطاقة النووية ووزيري شؤون المخابرات والشؤون الاستراتيجية دان مريدور وموشي يعالون ونائب وزير الخارجية داني أيالون.