أثار اعتداء إرهابي على مسجد في كيبيك مخاوف واسعة النطاق من أن يشكل ضربة لنهج التسامح مع الأجانب، خصوصاً اللاجئين، الذي يعتمده رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو. وفاقم اقتحام مسلحَين ملثمَين المسجد وفتحهما النار على المصلين ليل الأحد - الإثنين، ما أسفر عن 6 قتلى و19 جريحاً، حالَ التوتر القائمة نتيجة إجراءات حظر سفر مسلمين إلى أميركا بأوامر الرئيس دونالد ترامب. وبدا الهجوم الكندي بمثابة مبرر للقيود الأميركية. وخيّم غموض كبير على ملابسات الاعتداء الأول من نوعه في البلاد، ونفذه طالبان جامعيان في العشرينات من العمر، وهما محمد الخضير المغربي الأصل، وألكسندر بيسونيت وهو من أصول فرنسية ويدرس العلوم السياسية في جامعة قرب مونتريال. ولم يعرف هل أن خضير يحمل جنسية كندية أم مجرد إذن إقامة، إلا أن إفادات شهود بأن المسلحين صاحا بعبارات «تكبير» خلال الهجوم، دفعت إلى الاعتقاد بأن تنظيم «داعش» يقف وراءه. ويعتقد أن الهجوم استهدف حلقة نقاش دينية في المركز الثقافي الإسلامي جنوب غربي كيبيك بعد صلاة العشاء، حضرها حوالى 39 شخصاً، وأفيد بأن أعمار الضحايا راوحت بين 35 و60 سنة، وهم مسلمون كنديون غالبيتهم من دول عربية عدة وبينهم مغاربة وشمال أفريقيون. وتفادت السلطات تقديم تفاصيل عن الضحايا أو منفذي الهجوم، لكنها أكدت أنهما يرتادان جامعة «لافال» شمال مونتريال، وأن أحدهما اعتقل في مسرح الجريمة، أما الآخر فاستسلم طوعاً بعد اتصاله هاتفياً بالشرطة واعترافه بالجريمة، وعثر في سيارة رباعية الدفع كان يقودها على ثلاثة رشاشات أحدها من طراز «كلاشنيكوف». وكان شهود قالوا إن أحد المسلحين عاد مرتين إلى سيارته لجلب ذخيرة لاستكمال إطلاق النار على الموجودين داخل المركز الإسلامي. وتعاملت السلطات الكندية مع الاعتداء باعتباره «إرهابياً»، أي أن ثمة تنظيماً إرهابياً يرجح أن يكون «داعش» وراءه، خصوصاً أنه تزامن مع استغلال التنظيم إجراءات منع السفر الأميركية لتأكيد ما وصفته «كراهية» الغرب للعرب والمسلمين، كما نقل موقع «سايت» المتخصص عن بيانات للتنظيم. كذلك اعتبرت السلطات الكندية أن الاعتداء يستهدف التنوع الحضاري والتعايش بين مواطني البلاد. وورد في بيان أصدره رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أمس: «ندين هذا الاعتداء الإرهابي الذي استهدف مسلمين موجودين في مكان عبادة وملاذ». وقال ترودو في بيانه، إن «التنوع هو قوتنا، والتسامح الديني بالنسبة إلينا ككنديين، من القيم العزيزة». وأضاف أن «المسلمين الكنديين يشكلون عنصراً مهماً في نسيجنا الوطني وأعمالا جنونية مثل هذه لا مكان لها في مجتمعاتنا ومدننا وبلدنا». وأعرب رئيس الوزراء الكندي عن «تعازيه الحارة إلى عائلات القتلى وأصدقائهم»، وتمنياته ب «الشفاء العاجل للجرحى»، وأكد أنه مع استمرار التحقيق «تتأكد التفاصيل»، مشدداً على أن «وقوع مثل هذا العمل الجنوني أمر محزن». من جهة أخرى، كتب رئيس حكومة مقاطعة كيبيك الناطقة باللغة الفرنسية فيليب كويار في حسابه على «تويتر»، أنه «بعد هذا العمل الإرهابي، طلبت من الجمعية الوطنية تنكيس علم كيبيك»، ما يعني حداداً وطنياً عاماً. وأكد أن «كيبك ترفض رفضاً باتاً هذا العنف الهمجي». وأضاف: «فلنتضامن مع أبناء كيبك من أتباع الديانة الإسلامية». وقوبل الاعتداء بموجة غضب واسعة في كندا وتنديد حول العالم. ودان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الهجوم «بأكبر مقدار من الحزم»، معتبراً أن «الإرهابيين» أرادوا «ضرب روح السلم والانفتاح لدى أهالي كيبيك». ودان ملك الأردن عبدالله الثاني «الهجوم الإرهابي البشع في مسجد كيبيك الكبير». وأكد في برقية إلى رئيس الوزراء الكندي «وقوف الأردن إلى جانب كندا في التصدي لخطر الإرهاب بأشكاله كافة». وعبر في البرقية عن «أصدق مشاعر التعزية والمواساة». ودان شيخ الأزهر أحمد الطيب «الهجوم الإرهابي». وأكد في بيان أن «تلك الهجمات البغيضة التي تقتل النفس وتنتهك حرمة بيوت الله، تؤدي إلى نشر الفتن والكراهية والعنصرية وتخلق تربة خصبة للإرهاب والتطرف».