حمّل الرئيس الأميركي دونالد ترامب محتجين وتعطّل أنظمة الكومبيوتر لشركة «دلتا» للطيران، مسؤولية فوضى شهدتها مطارات أميركية خلال اليومين الماضيين، بعد قراره في شأن الهجرة، والذي رأى مسؤول في الإدارة أن تنفيذه شكّل «قصة نجاح هائلة»، على رغم تصاعد الأصوات المعارضة له. ووقّع ترامب الجمعة الماضي مرسوماً يحظر دخول جميع اللاجئين الى الولاياتالمتحدة ل120 يوماً، واللاجئين السوريين لفترة غير محددة. كما يحظر لثلاثة أشهر، دخول مواطني سبع دول ذات غالبية مسلمة، تعتبرها واشنطن «ملجأً للإرهابيين»، هي إيران وسورية والعراق واليمن وليبيا والصومال والسودان. وتراجع البيت الأبيض عن تطبيق الحظر على حاملي البطاقة الخضراء التي تتيح لهم الإقامة الدائمة في الولاياتالمتحدة. وانتقد ترامب السيناتور تشاك شومر، زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، الذي دمعت عيناه لدى حديثه عن الحظر، اذ كتب على موقع «تويتر»: «109 أشخاص فقط من بين 325 ألفاً احتُجزوا لاستجوابهم. المشكلات الضخمة في المطارات سبّبها عطل في شبكة كومبيوتر دلتا، والمحتجون ودموع السيناتور شومر». وأضاف أن وزير الأمن الداخلي جون كيلي أكد له أن «كل شيء يسير كما يرام، وهناك مشكلات ضئيلة. اجعلوا أميركا آمنة مرة أخرى». ونبّه الى أن «البحث عن ارهابيين قبل دخولهم الى بلادنا، ليس امراً لطيفاً، وكان ذلك جزءاً كبيراً من حملتي». وعلّق على اتهام البيت الأبيض بإصدار المرسوم في شكل مفاجئ، من دون التشاور مع أجهزة الحدود والمسؤولين المعنيين، قائلاً: «لو أُعلن الحظر بإشعار لمدة أسبوع، لكان الأشرار تدافعوا على بلادنا خلاله. هناك أشرار كثيرون في العالم». وكان ترامب أكد أن المرسوم «ليس حظراً يستهدف المسلمين، كما تروّج خطأً وسائل الإعلام، ولا علاقة له بالدين، بل بالإرهاب وبأمن بلدنا». وذكّر بأن الدول السبع المشمولة بالقرار مُدرجة أصلاً على لائحة أعدتها إدارة الرئيس السابق باراك اوباما، تُحظر على كل من سبق وزار أحد هذه البلدان، السفر الى الولاياتالمتحدة من دون الحصول على تأشيرة. كما ذكّر بأن إدارة أوباما جمّدت عام 2011 لستة أشهر إصدار التأشيرات للاجئين العراقيين، مؤكداً أن «أميركا كانت دوماً أرضاً للحرية وموطناً للشجعان. سنحمي الحرية فيها ونصون الأمن». وتابع: «هناك أكثر من 40 دولة في العالم، أكثرية سكانها من المسلمين، وليست مشمولة بالمرسوم. سنُصدر التأشيرات مرة أخرى لكل الدول، بمجرد أن نتأكد من أننا راجعنا ونفذنا السياسات الأكثر أمناً، خلال 90 يوماً». في السياق ذاته، قال مسؤول بارز في الإدارة الأميركية أن ترامب يريد إرساء سياسة هجرة تُجنّب الولاياتالمتحدة تفجيرات وهجمات شهدتها فرنسا وألمانيا وبلجيكا. وأضاف أنها تريد ضمان أن الأشخاص الراغبين بالهجرة الى الولاياتالمتحدة لا يؤيدون «الكراهية والعنف والتطرف». ورفض انتقادات لأسلوب تنفيذ المرسوم، متحدثاً عن «قصة نجاح هائلة». وخفّفت إدارة ترامب قيوداً على حاملي البطاقات الخضراء والعائدين إلى الولاياتالمتحدة من الخارج، لكن كيليان كونواي، مساعدة الرئيس، شددت على أن ما حدث «لم يكن تراجعاً»، مؤكدة أن الخطوط العريضة للخطة لم تتغيّر، بل كانت تحتاج إلى توضيح. وحضّ السيناتور الجمهوري بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الإدارة على أن «تجري فوراً مراجعات مناسبة»، فيما حذر السيناتوران الجمهوريان جون ماكين وليندساي غراهام من أن يساعد قرار ترامب على «تجنيد إرهابيين، أكثر من تحسين أمننا»، وتحوّله «في نهاية المطاف إيذاءً ذاتياً متعمداً في الحرب على الإرهاب». ودان وزراء العدل في 16 ولاية أميركية، المرسوم معتبرين انه «يتعارض مع الدستور ومع قيم أميركا وليس شرعياً». وتعهدوا «التصدي له بكل الوسائل المتاحة أمامهم»، وزادوا: «سنعمل سوياً لضمان أن تخضع الحكومة الفيديرالية للدستور، وأن تحترم تاريخنا كأمّة تأسست على الهجرة، وألا تستهدف أحداً فقط بسبب جنسيته أو إيمانه». ويمثّل الموقعون على البيان ولايات يقطنها ثلث الشعب الأميركي، وهي كاليفورنيا وكونيتيكت ومقاطعة كولومبيا (العاصمة) وهاواي وآيوا وماين وميريلاند وماساتشوستس ونيومكسيكو ونيويورك واوريغون وبنسلفانيا وفيرمونت وفرجينيا وواشنطن. وتجمّع آلاف المتظاهرين في واشنطنونيويورك وبوسطن ومدن أميركية أخرى، احتجاجاً على المرسوم. وردّد حوالى 10 آلاف شخص في حديقة في مانهاتن بنيويورك «نرحب باللاجئين!». وقال رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو: «إنها بداية تراجع حرياتنا المدنية وحقوقنا الدستورية، ونعرف الى أين يؤدي هذا الطريق».