تابعت لجنة المال والموازنة النيابية البحث في موضوع قطع الحساب وحساب المهمة ورد وزارة المال على أسئلة كان طرحها نواب في جلسات سابقة. وتميزت جلسة الأمس التي عقدت برئاسة النائب إبراهيم كنعان ومشاركة وزيرة المال ريا الحسن، بحضور مفاجئ لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، ما أدى الى حصول مواجهة «مالية - سياسية» ضد السياسات المالية للحكومات السابقة، داخل الجلسة وخارجها إذ انتقد عون السياسات المالية للحكومات السابقة، في حين ابرز عضو كتلة «المستقبل» النائب عمار حوري سلسلة وثائق ومستندات تعود الى ما قبل الطائف «تتهم العماد عون باختلاس أموال» إبان توليه قيادة الجيش. وفيما استمعت اللجنة الى شرح من وزيرة المال حول أسئلة النواب والمستندات التي طلبوها، إضافة الى شروحات رئيس ديوان المحاسبة القاضي عوني رمضان حول مراسلات وزارة المال وديوان المحاسبة منذ عام 93 وطريقة إعداد قطوع الحساب وحساب المهمة وسلفات الخزينة، تبادل عدد من نواب كتلتي «المستقبل» و «التغيير والإصلاح» الردود، مسجلين العتب بعضهم على بعض، وتوجهت اللجنة وفقاً للمادة 32 الى رئاسة مجلس النواب بالطلب لتأمين بعض المستندات. وتعهدت الحسن بتقديم بيانات توضيحية لبعض الأمور المطروحة. ورأى النائب عون في تصريح للصحافيين لدى مغادرته اجتماع اللجنة، أنّ «البلد يعيش في فوضى مالية»، وقال: «هناك أشياء غريبة حدثت وتحدث في هذا القطاع، أفقدتنا الثقة بإدارة المال العام»، لافتاً إلى أنّ «الأسباب متعددة والنتيجة واحدة وهي أنّ هناك هدراً والحسابات غير مضبوطة». ولفت الى «وجود فروق في الحسابات ناتجة إما عن إهمال أو عن سوء نية». وأكد عون «عدم جواز السكوت على التراكم الذي حصل منذ 17 سنة وحتى اليوم». ونفى عون رداً على سؤال «أن يكون في صدد محاكمة رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري كما يحاول البعض تصوير الموضوع»، مشدداً على أن «أحداً لا يحاكَم بعد وفاته، والخطأ إذا استمر ليس هو مسؤولاً عنه بل من استمر في الخطأ»، لافتاً إلى أنّ «المسؤول عن استمرارية الخطأ ليس الحريري بل من تولوا الحكم بعده». وأوضح عون أنّ «التدابير الإصلاحية أمر ضروري، وهذا النهج المالي سقط وليس كفوءاً وتغييره واجب»، مشدداً على أن «هناك مسؤوليات يجب أن يتحملها أصحابها، لأن أي حكم من دون محاسبة هو حكم فالت»، مشيداً بما يحصل من خلال لجنة المال «للمرة الأولى في البرلمان اللبناني». وعما إذا كانت كل حركته تهدف الى الوصول لوزارة المال، قال عون: «أنا منذ زمن اقترحت عليهم أن يأخذوا كل الوزارات ويعطوني وزارة المال لأنني كنت أعرف ما يحصل في مالية الدولة». وردّ النائب حوري على عون في تصريح في ساحة النجمة، فدعا الى «إجراء تحقيق برلماني ليس فقط منذ عام 1993 بل منذ ما قبل الطائف، إذا كان لا بد من مساءلة وتدقيق»، وربط «عدم إقرار موازنات سابقة بإقفال المجلس النيابي»، مذكراً بأن الرئيس فؤاد السنيورة «كان طلب في جلسة لمجلس الوزراء ترأسها الرئيس إميل لحود فتح تدقيق حسابات الإدارات العامة منذ ما قبل الطائف»، مذكراً بأنه طلب شخصياً إجراء تحقيق برلماني في 17 - 12- 2008. وأضاف حوري: «يتحدث البعض عن مناقشة فترة عام 93 وما بعد ذلك، والبعض تحدث في مرحلة سابقة عن الحريرية السياسية، نحن نقول فلتفتح كل الأوراق ليس من عام 93 أقله منذ اتفاق الطائف حتى الآن». وزاد: «البعض يتساءل لماذا كانت كل هذه التعقيدات منذ عام 93؟ وفي كل بساطة التعقيدات متراكمة منذ الحروب المتلاحقة على لبنان وآخرها كان حربي الإلغاء والتحرير»، مبرزاً سلسلة وثائق ومستندات «تدين العماد عون» من بينها كتاب من وزير المال السابق (الراحل) علي الخليل، في حينه، الى وزير العدل يطلب فيه «تجميد الأموال المودعة باسم القائد السابق للجيش ميشال عون في المصارف اللبنانية والأجنبية كافة ويتحدث عن أموال حولت من لبنان الى الخارج وفي بنوك معينة، والكتاب مؤرخ في 6-1 -1990، أي بعد اتفاق الطائف» . كذلك أبرز حوري كتاباً محالاً في حينه من وزير الدفاع (الأسبق) ألبير منصور، الى وزير العدل «يطلب فيه استرجاع أموال وزارة الدفاع... لما كان العماد عون قد أقدم على تحويل أموال عائدة لوزارة الدفاع وأودعها في حسابات خاصة باسمه الشخصي وأسماء مستعارة، ولما كان قد اعترف بوجود هذه الحسابات لذلك نطلب إليكم اتخاذ جميع الإجراءات القانونية الكفيلة بحفظ حق هذه الوزارة والدولة اللبنانية والخزينة العامة وإعادة الأموال المختلسة إليها». وأبرز حوري كتاباً آخر موجهاً من العماد عون مؤرخ في 17 - 8 - 1989 الى مدير «البنك اللبناني للتجارة» - فرع الحازمية يطلب فيه «فتح حساب رقمي لدى فرع المصرف في باريس من دون اسم يُحرك من قبل السيدة ناديا الشامي عون وتحويل كامل الرصيد وفوائد الحساب الى الحساب الرقمي في باريس، وتنفيذ المطلوب بالسرعة القصوى وإقفال الحساب، وتحويل مبلغ 5 ملايين دولار من الحساب رقم 40663/ 109 الى الحساب في باريس». ورد عضو تكتل «التغيير والإصلاح» النائب سيمون أبي رميا على كلام حوري لافتاً إلى أنه «يتضمن تحميلاً للمسؤولية للعماد عون عندما كان في سدة المسؤولية ويدافع عن السيادة والاستقلال والقرار الحر في لبنان في حين كان الذين ينتمي إليهم حوري يبيعون سيادة لبنان واستقلاله». وقال: «لا يزايدنّ أحد علينا بشيء وإذا أرادوا المعركة فلتكن». وبعد انتهاء الجلسة قال النائب كنعان انه «بعد بيان ديوان المحاسبة الذي سلط الضوء على مشاكل معينة موجودة في أعداد الحسابات وبأعداد قطع الحساب، استوضحنا بعض المستندات المطلوبة بموجب كتاب خطي وجه الى وزيرة المال بناءً لطلبها ولُخصت فيه مطالب النواب. ومن هذه المطالب ما كان مطلوباً من ديوان المحاسبة وهي المراسلات التي وجهها (الديوان) الى وزيرة المالية... وتعهدت الوزيرة بتجميع المستندات التي لم يتم تجميعها بعد، والعودة الى أرشيف الوزارة كي تسلمها للجنة المال في أقرب فرصة، إضافة الى المراسلات بين المديريات المعنية في وزارة المال. وقد حصل نقاش حول هذا الموضوع ورأت وزيرة المال انه يجب العودة الى رئاسة الحكومة بهذا الطلب، لكن النقاش أدى في النهاية الى العودة الى المادة 32 من النظام الداخلي للمجلس النيابي والذي يسمح للجنة المال بأن تطلب من خلال رئيس مجلس النواب... الذي يقوم بما يراه مناسباً في هذا المجال لتأمين المستندات المطلوبة للجنة». وأرجئت الجلسة الى الثلثاء المقبل لاستكمال المناقشة.