خلال مهرجان الأردن الأول للإعلام العربي، الذي تم خلال الفترة 5 – 7/ 2010، منح المهرجان وزير الثقافة والإعلام السعودي الدكتور عبدالعزيز خوجة جائزة شخصية المهرجان، اعترافاً بدوره الكبير للإسهام في رسم استراتيجية الإعلام العربي وحضوره الدائم والفعال في التظاهرات الإعلامية العربية، وتوجهاته المنفتحة على الإعلام، وما تتمتع به شخصيته المتواضعة من تميز لفت الانتباه. في نظري أن هذا التكريم الذي حظي به لم يكن محض المصادفة، أو من منطلق المجاملة، فهو، والحقيقة تفرض نفسها، أحدث انقلاباً في الإعلام السعودي بمختلف قطاعاته من حيث التجديد والتحديث والتطوير، فمنذ أن حمله خادم الحرمين الشريفين شرف المسؤولية والأمانة في وزارة الثقافة والإعلام، تمثل جسامة الحمل ووضع توجيهات القيادة أمامه لا يحيد عنها قيد أنملة، وكانت توجيهات القيادة بمثابة الوقود الذي هيأ له الأسباب الكفيلة بتجسيد توجيهات القيادة على أرض الواقع المشاهد. كان نشاط وزير الثقافة والإعلام يسابق الزمن، فأول خطوة أقدم عليها إعداد مشروع تحويل الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء السعودية إلى مؤسستين عامتين، إيماناً منه بأهمية التعاطي مع مواكبة الإعلام المعاصر وتغطيته للأحداث المتتابعة، وخلال مدة وجيزة، لم تتجاوز السنة من نيله ثقة القيادة، أطلق خمس قنوات تلفزيونية جديدة دفعة واحدة، هي قناة «أجيال» للأطفال، وقناتا «القرآن الكريم»، و«السنة النبوية»، اللتان لقيتا الارتياح التام من شرائح المجتمع والعالم الإسلامي، وقناة «الاقتصادية»، وقناة «الثقافية»، التي أحدثت حراكاً ثقافياً غير مسبوق له صداه في المجتمع. كما أعطى القطاع الإذاعي اهتماماً كبيراً إيماناً منه بأهميته في نقل المعلومة، ما أعطاه مساحة واسعة، لم يقتصر على الإذاعات الرسمية، بل أطلق موجات «إف إم» الأثيرية للقطاع الخاص، لتسهم هي الأخرى مع الإذاعات الرسمية في دفع عجلة التنمية ونقل صوت الحق للعالم أجمع، وتوسع في إنشاء محطات للإرسال الإذاعي على موجات «إف إم» والتلفزيون الرقمي. من البدهي القول إن سياسة الانفتاح المنضبط واعتماد الحرية المنضبطة كذلك عند الطرح في وسائل الإعلام المختلفة؛ هي سياسة الوزير خوجة التي اعتمدها لإعطاء الفرصة للرأي والرأي الآخر في التعبير بعيداً من المساس بثوابت الدولة الأساسية. لا يختلف الأمر كثيراً في قطاع الثقافة، كيف لا؟! وهو الأديب الشاعر المثقف، كل هذه الصفات كانت تصب في مصلحة شريحة المثقفين والأدباء والشعراء، الذين وجدوا ضالتهم في خطواته التصحيحية، فعندما كانت المملكة ذات إرث حضاري وثقافي بالغ العراقة والأصالة، تشكل ينبوعاً من ينابيع الدين الإسلامي الصافية؛ وجد الدكتور خوجة نفسه مؤتمنة في تنمية الجانب الثقافي ومد الجسور مع الثقافات الأخرى، انطلاقاً من أهمية التلاقح الثقافي بين الشعوب، وتنمية الحراك الثقافي داخل المجتمع من خلال الأندية الأدبية ومعارض الكتاب وقناة الثقافية، التي أصبحت علامات فارقة بإيجابياتها المشاهدة والملموسة في عهد الدكتور خوجه، تجير له. لمس مهرجان الأردن اهتمامه بالإبداع الأدبي الذي يضطلع به من خلال هذه الأندية الأدبية وجمعيات الثقافة والفنون ومعارض الكتاب، باعتبارها تظاهرة ثقافية تؤتي أكلها في كل عام، ويحسب للدكتور خوجة سيره بنظرة بعيدة وثاقبة عندما ارتكز على ثوابت الدين، وأمن الدولة ونظامها، ورمزها، ووحدتها الوطنية؛ تلك الثوابت التي تعزز الحرية ولا تعوقها أو تكبلها. لذا لا غرو أن تنطلق وزارة الثقافة والإعلام في عهد الوزير خوجة إلى آفاق رحبة في عصر يتمتع فيه المثقف والإعلامي السعودي بنشاط متقد وحيوي، يتيحه له تطور علم الاتصال ووسائله. يكاد المتابع لأعمال وزارة الثقافة والإعلام في عهد الوزير خوجة يلمح بجلاء سمة الأداء المهني الذي تتصف به وسائل الإعلام السعودية في الآونة الأخيرة، متبوئة مكانة سامية بين وسائل الإعلام العربية، ومحققة دورها الريادي بين بقية المنافسين، كل ما أقدم عليه الوزير خوجة، لم يتأتَ؛ لولا فضل الله ثم توجيهات ودعم القيادة الرشيدة لهذا الرجل الصادق الأمين (إن خير من استأجرت القوي الأمين). وتقديراً من مهرجان الأردن للإعلام العربي لجهود الوزير خوجة - التي بينت بعضاً منها، ولربما تكون شهادتي مجروحة؛ لكن أمانة الكلمة تقتضي ذلك - أجزم أن منح الوزير خوجة جائزة شخصية المهرجان، كانت لهذه الأسباب، وهي في نظري لم تعد جائزة له فحسب! بل للإعلام السعودي، ناقل صوت الحق للعالم أجمع، وللرجال العاملين بصدق وإخلاص، ليكونوا قدوة حسنة لغيرهم. [email protected]