مقديشو - رويترز - فر سكان من العاصمة الصومالية أمس السبت خلال فترة هدوء موقت في القتال بين القوات الحكومية ومتمردين إسلاميين متشددين أسفر عن سقوط ما لا يقل عن 45 قتيلاً يوم الجمعة. وشنت القوات الحكومية هجوماً قبل الفجر أول من أمس في محاولة لطرد متمردين اسلاميين من معاقلهم في مقديشو مما أدى الى اندلاع اشتباكات هي الأكثر دموية في العاصمة منذ شهور. واندلع قتال متقطع صباح أمس وظهر السكان بحثاً عن الطعام أو للانضمام الى 49 الف شخص فروا من العاصمة في الاسبوعين الماضيين. وقال علي ياسين جيدي نائب رئيس منظمة «علمان» للسلام وحقوق الإنسان: «بدأت أعداد كبيرة من الأسر تفر اليوم (أمس) من أحياء جديدة وسيفاقم هذا الوضع الانساني المتدهور بالفعل». وتخشى دول مجاورة وحكومات غربية أن يصبح الصومال الذي يعاني من حرب أهلية مستمرة منذ 18 عاماً ملاذاً لمتشددين على صلة بتنظيم «القاعدة» إلا اذا تمكنت الحكومة الصومالية الجديدة بقيادة الرئيس شيخ شريف شيخ أحمد من التغلب عليهم. ومنذ بداية عام 2007 أسفر القتال عن مقتل ما لا يقل عن 17700 مدني ونزوح أكثر من مليون شخص. ويعتمد نحو ثلاثة ملايين صومالي على المساعدات الغذائية الطارئة. واكثر من نصف الذين قتلوا أول من امس من المدنيين، كما أصيب أكثر من 182 في الاشتباكات الضارية. وقال مسؤول كبير في المعارضة إن المتمردين كانوا يعطون السكان فرصة أمس لمغادرة منازلهم قبل اندلاع جولة جديدة من المعارك مع القوات الحكومية. وقال الشيخ محمد ابراهيم ل «رويترز»: «لا نزال في مواقعنا وسنستأنف (القتال) إذا هاجمتنا الحكومة». وحمل مقاتلون اسلاميون السلاح عام 2007 لطرد القوات الاثيوبية التي كانت تدعم حكومة يؤيدها الغرب أخفقت في بسط أي سيطرة على مناطق شاسعة من أراضي الصومال. وانسحبت القوات الاثيوبية من البلاد بحلول بداية عام 2009 وانتخب رئيس اسلامي للبلاد في جيبوتي المجاورة في كانون الثاني (يناير). الا أن المقاتلين شددوا من هجماتهم ضد الحكومة الجديدة وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي في مقديشو. وتقود حركة «الشباب» التي تقول واشنطن إن لها صلات وثيقة ب «القاعدة» وجماعة «حزب الإسلام» الهجمات على الحكومة والميليشيات المتحالفة معها وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الافريقي. واتهمت الحكومة الصومالية اريتريا بدعم مقاتلي «الشباب» بإرسال شحنات بنادق كلاشنيكوف وقذائف صاروخية وأسلحة أخرى. وصعد الاتحاد الافريقي من الضغط في وقت متقدم من مساء الجمعة ودعا مجلس الامن الى فرض عقوبات وفرض منطقة حظر طيران واغلاق الموانئ الصومالية. وقال الاتحاد الافريقي المؤلف من 53 عضواً في بيان «يجب أن يفرض مجلس الأمن عقوبات ضد كل الأطراف الاجنبية سواء داخل أو خارج المنطقة، خاصة اريتريا التي تقدم الدعم للجماعات المسلحة». وينفي الرئيس الاريتري أساياس أفورقي الاتهامات ويلقي باللوم على عملاء أميركيين في نشر أكاذيب لتشويه صورة حكومته. وحتى الجمعة لم تكن القوات المؤيدة للحكومة تبدو قوية بما يكفي لإنهاء سيطرة حركة «الشباب» على أجزاء من مقديشو. ولكن انشقاق أحد زعماء الميليشيات المخضرمين الذي ينخرط تحت امرته مئات من المقاتلين في الاسبوع الماضي ربما دفع الرئيس الصومالي شيخ شريف أحمد الى الأمر بشن الهجوم الجديد. ويقول خبراء إن القوات الموالية للحكومة ستواجه مشكلات في بسط سيطرتها على اقاليم بعيدة مما يزيد من خطر اطالة أمد القتال في بلد لم يعرف سوى العنف منذ الاطاحة بالديكتاتور محمد سياد بري عام 1991. ومن بين الشخصيات المهمة في أي مصالحة زعيم المعارضة المتشدد الشيخ حسن ضاهر عويس الذي كان يدير مقديشو ومعظم جنوب الصومال الى جانب احمد في أواخر عام 2006. وانقسم الزعيمان الإسلاميان بعد انضمام أحمد الى عملية سلام استضافتها الاممالمتحدة في جيبوتي المجاورة وانتخب رئيساً في كانون الثاني الماضي. وقال عويس الذي كان يعتبر دائماً الأكثر تشدداً ل «رويترز» في مقابلة يوم الجمعة إن «الصومال ليس له حكومة نعترف بها... يجب ألا يخدعنا غربيون مثل شريف... سندحر الحكومة قريباً ان شاء الله».