في إنجاز أمني نوعي واستباقي، قد يكون الأهم في سياق ملاحقة الأجهزة الأمنية اللبنانية المجموعات الإرهابية والتكفيرية، تمكنت قوة من مديرية المخابرات في الجيش بالتنسيق مع شعبة «المعلومات» في قوى الأمن الداخلي ليل أول من أمس، من إحباط عملية انتحارية «داعشية» كانت تستهدف مقهى «كوستا» في شارع الحمراء في بيروت، وألقت القبض على الانتحاري المدعو عمر حسن عاصي (لبناني من صيدا) وهو يستعد لتفجير نفسه بواسطة حزام ناسف في رواد المقهى. وأصيب الموقوف بكدمات في وجهه نتيجة عراكه مع عناصر القوة أثناء توقيفه ونقل فوراً إلى مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت لتلقي العلاج، ومنها نقل لاحقاً إلى المستشفى العسكري وفرضت عليه حراسة أمنية مشددة. (للمزيد) وبتوقيف الانتحاري عاصي نجت منطقة الحمراء من عملية تفجير كان يمكن أن توقع ضحايا، خصوصاً أن واجهة المقهى من زجاج وأن الحزام الناسف الذي كان عاصي يلف خاصرته به يزن أكثر من 8 كيلوغرامات وفيه مواد متفجرة شديدة الاحتراق وكرات حديدية. وعلمت «الحياة» من مصادر رسمية لبنانية بارزة تواكب تفاصيل الانقضاض على الانتحاري قبل ثوان من تفجير نفسه، أن إلقاء القبض عليه جاء بناء على معلومات أمنية جرى تحليلها وتقاطعت في النهاية حول وجود مخطط للقيام بعملية انتحارية في مكان ما. وأكدت المصادر أن التنسيق بين مخابرات الجيش وشعبة «المعلومات» كان وراء تقاطع المعلومات التي كانت في حوزتهما من أن الحصار المفروض على «داعش» في الرقة في سورية وأيضاً في الموصل في العراق، سيدفع بالتنظيم إلى شن عمليات انتحارية لإرباك الساحات الأخرى بغية التخفيف من الضغط العسكري والضربات الجوية من التحالف الدولي التي تنزل به خسائر كبيرة في الأرواح، ما يضطره الى إخلاء مناطق يحتلها. وكشفت المصادر نفسها أن مديرية المخابرات وشعبة المعلومات والقوى الأمنية الأخرى موضوعة في جاهزية أمنية فوق العادة لقطع الطريق على المجموعات الإرهابية التي تحاول القيام بعمليات انتحارية. ولفتت المصادر الى أن عاصي وضع تحت المراقبة الأمنية الشديدة من مخابرات الجيش منذ أن أصيب في أحداث عبرا في صيدا وكان يومها يناصر الشيخ أحمد الأسير الموقوف حالياً وتتم محاكمته بتهمة الاعتداء على الجيش اللبناني. وقالت إن سلوك عاصي بدأ يتغير، وهذا ما اعترف به عدد من أفراد عائلته فور توقيفهم في منطقة شرحبيل في صيدا للاستماع الى إفاداتهم. وتبين أن عاصي غادر منزله في شرحبيل في ساعة مبكرة من صباح أول من أمس ولم تعرف والدته المكان الذي توجه إليه، مؤكدة في الوقت ذاته أنها لاحظت منذ فترة أن سلوكه بدأ يتغير وأن تصرفه غير مسبوق. وأضافت المصادر أن قوة من مخابرات الجيش فرضت عليه رقابة مشددة استمرت منذ فترة، ولم تتوقف إلى أن فوجئت بدخوله مقهى «كوستا» فسارعت إلى الانقضاض عليه وهو كان يهم بفتح سحاب «سترته» لتفجير نفسه. وأكدت أنه اعترف فور نقله إلى المستشفى العسكري بانتمائه إلى «داعش» وأنه كلف القيام بعملية انتحارية، وقالت إنه جاهر أثناء التحقيق الأولي بانتمائه إلى هذا التنظيم، حتى أنه تصرف وكأنه غير نادم على فعلته. ونقلت المصادر عنه قوله للذين استمعوا إلى افادته الأولى: «أنا مستعد الآن في حال أخرجتموني من المستشفى أن أفجر نفسي». وأشارت أيضاً إلى أن مخابرات الجيش ضبطت في جهاز حاسوب عثرت عليه في منزله، حافظة معلومات يعمل فريق الاختصاص في الجيش على تفكيك الشيفرة الموجودة في داخلها. ونفت المصادر ما تناقله بعض مواقع التواصل الاجتماعي عن وجود صورة شخصية له تجمعه برئيس الحكومة سعد الحريري، ونقلت عنه عندما عرضت عليه هذه الصورة في المستشفى، أنه ليس هو الشخص الذي تجمعه الصورة مع الحريري. وبالنسبة إلى الحزام الناسف الذي كان يلف به خاصرته وتمكن خبير المتفجرات من نزعه منه قبل أن يفجر نفسه به، قالت المصادر الأمنية إنه من السابق لأوانه الدخول في التفاصيل المتعلقة بالجهة التي أمنت له الحزام، على رغم أن المنطق الأمني يقول إنه لم يحضره معه من صيدا لأنه لا يغامر بإحضاره خوفاً من أن يضبط في حوزته في حال إخضاعه للتفتيش من الحواجز الأمنية المنتشرة من صيدا إلى بيروت، أو أن ينفجر فيه بطريق الخطأ. وأكدت أن تحديد المكان الذي أحضر منه الحزام الناسف وبالتالي الجهة التي سلمته إياه، ينتظر تحسن وضعه الصحي لمواصلة الاستماع إلى إفادته لتبيان ما إذا كان ينتمي إلى خلية إرهابية تضم مجموعة من الأشخاص أو أن مشغله المباشر الذي يفترض أن يكون على تواصل مع قيادة «داعش» في الرقة هو الذي تولى تأمينه له.