«إزيك يا عم لينين؟... واحشنا والله»!... هكذا خاطب الفنان المصري أشرف سرحان تمثال مؤسس الاتحاد السوفياتي عندما قدم حلقة خاصة في برنامجه «مشاهدات» عن فلاديمير لينين ودوره التاريخي وحضوره في المشهد الروسي المعاصر. أثار سرحان جدلاً ساخناً بسبب تعمده استخدام العامية المصرية في برنامجه الذي يبث على قناة «روسيا اليوم» الناطقة بالعربية. فأسلوبه قوبل باستحسان كثيرين وجدوا فيه خروجاً على المألوف، خصوصاً أن مقدمه جمع بين تقديم المعلومة و «القفشة» وسعى إلى تحويل حلقاته إلى قصص مبسطة تكون قادرة على جذب اهتمام الجمهور والتأثير فيه. في المقابل، اعتبر المعارضون أن في استخدام العامية إساءة للموضوع واستخفافاً بعقل المتلقي، خصوصاً أن بعض الموضوعات التي تناولها البرنامج تعتبر مثار جدل أصلاً داخل روسيا، وبينها مثلاً آلية التعامل مع رموز الحقبة السوفياتية والمسائل المتعلقة عموماً بالتاريخ الروسي. تقوم فكرة برنامج «مشاهدات» على تقديم جولة ميدانية في كل حلقة تنقل سرحان مع عدسة الكاميرا إلى الموقع، حيث يدخل المقدم في حوارات مباشرة مع ضيوفه وينقل انطباعاته معتمداً على موهبته الخاصة ومهارات فنية اكتسبها من خلال عمله في السينما المصرية سابقاً. ويتطلب الشكل المعتمد للبرنامج هوامش حرية أوسع لنقل الصورة إلى المشاهد، فغالباً يعتمد المقدم على الخروج عن النص أو ابتكار «القفشات» التي تتناسب مع الحدث أو الموضوع المطروح. ويدافع سرحان عن أسلوبه بالإشارة إلى أن المطلوب من البرنامج أن «يصل إلى المتلقي العادي وأن يترك أقوى انطباع ممكن عنده»، ثم ينتقل كعادته إلى العامية المصرية لتوضيح فكرته: «أنا عاوز أمي تشوف البرنامج هي وصاحباتها ويقدروا يفهموه». ويوضح فكرته: «هل يمكن أن أتكلم في البيت بالفصحى مع أمي أو زوجتي أو مع أولادي والله يطردوني من البيت بعد ثلاثة أيام أو يطفشوا مني»، معتبراً أن برنامجه يخاطب كل عائلة عربية ويسعى لنقل روسيا من الداخل إليها من دون الإمعان في تركيب جمل لغوية تبدو زائدة عن الحاجة. مزج ويعتبر سرحان أن قدرة البرنامج على الوصول إلى قلوب المشاهدين العاديين (غير المختصين) تعد المؤشر الحقيقي على النجاح. ويضيف في حديث إلى «الحياة»: «البرنامج هو في النهاية عمل فني إن جاز التعبير له أسلوب خاص به يقبل بمرور أيّ من اللهجات العامية ويكفي للتدليل على ذلك أن العامية اللبنانية تستخدم في الفضائيات اللبنانية وتلقى قبولاً واسعاً حتى في البلدان العربية الأخرى». وأشار سرحان إلى أنه اتخذ قراراً بتقديم برنامج يمزج بين أن يكون مليئاً بالمعلومات و «خفيفاً» في الوقت ذاته يقوم على كسر حدة المألوف في القنوات الإخبارية. و «قررت أن أكون من دون ربطة عنق وأن أتشبه بالمشاهد وأقدم إليه ما يريحه ويمتعه مع المحافظة على تزويده بالمعلومة». ويبدو أن الامتحان الأصعب أمام هذا «الأسلوب» كان في تناول ملفات حساسة مثل الحلقات التي قدمت منطقة القوقاز وخصوصاً داغستان التي تشهد ظروفاً أمنية معقدة، هنا اعتمد «مشاهدات» الابتعاد عن أخبار المواجهات والحرب والاعتداءات التفجيرية تاركاً هذه لنشرات الأخبار، وفضل الجلوس مع الداغستانيين حول موائدهم، ونقل أنماط حياتهم، وتفاصيل عن تاريخ المنطقة وتركيبتها السكانية. حول هذا كله قال خبير في شؤون الصحافة التلفزيونية ل «الحياة»: إن المهم في البرنامج نجاحه في كسر النمطية السائدة»، فهو ليس برنامجاً تسجيلياً وثائقياً لكنه يعرض انطباعات مقدمه عن المكان والأشخاص الذين يراهم ويتحدث إليهم، وفي هذه الحال لا بد من تبسيط اللغة ومنحها روح النكتة والحركة السريعة الخفيفة المطلوبة لتلبية الغرض. ويفتح الجدل حول الموضوع على مساحة أوسع باعتبار أن الحديث ذاته دار حول استخدام العامية المصرية في بعض القنوات واللبنانية في قنوات أخرى. جدل ربما سيستمر طويلاً، حتى لو سعى سرحان إلى «حسمه» بسؤال بسيط: كيف لي أن أقول لمشاهدي وأنا أجلس في مطعم وجبات سريعة أنني طلبت ساندوتش وسلطة من دون أن أستخدم العامية؟