انخفضت أسعار الخضراوات والفواكه في الأسواق بعد موجة غلاء «تاريخية» شهدتها خلال الشهر الماضي، كانت بسبب شحها في الأسواق، وتوقع تجار أن تواصل الأسعار انخفاضها إلى الأسعار الطبيعية، مؤكدين أن دخول كميات كبيرة من الخضراوات والفواكه إلى المملكة أحدث وفرة في العرضوأوضحوا أن الارتفاع أصاب معظم الخضراوات والفواكه، إلا أن الارتفاع الأساسي والكبير أصاب الخضراوات الموسمية التي ترد الأسواق من الدول المجاورة وتتأثر محاصيلها بتقلبات الفصول، ولا تعتمد على البيوت المحمية في الزراعة، وأكثرها تأثراً الطماطم، والكوسة، والخيار، والأوراق (اللتس، الخس، الملفوف). وأوضح عبدالله آل الشيخ (تاجر خضراوات) أن حجم الانخفاض تفاوت مثلما تفاوت حجم الارتفاع من نوع إلى آخر، إذ كانت الزيادة الكبيرة في الطماطم التي وصلت إلى 500 في المئة، إذ تجاوز سعر الكيلو 15 ريالاً ليكون الارتفاع الأعلى الذي تسجله خلال السنوات الخمس الماضية، وارتفع سعر الكوسة إلى 10 ريالات بعد أن كان سعرها لا يتجاوز 6 ريالات، أما أسعار اللتس، والخس فقد وصلت إلى أرقام كبيرة جداً تجاوزت 18 ريالاً للكيلو غرام، فيما تفاوتت أسعار الفواكه والخضراوات الباقية بين 50 إلى 100 في المئة، مضيفاً: «بحجم هذا الارتفاع حدث انخفاض، إذ عاد سعر كيلو الطماطم بين 5 إلى 7 ريالات، والكوسة إلى 8 ريالات، وستنخفض الأسعار أكثر من ذلك». وأشار إلى أن الارتفاع بدأ قبل شهر رمضان بنحو أسبوع ووصل ذروته في الأسبوع الأول من رمضان، إلا أنه تراجع مع منتصف الشهر ثم عاود الارتفاع من جديد في منتصف شوال الماضي، مضيفاً أن الارتفاع أصاب جميع المناطق، كما أن السعر تقريباً موحد في غالبية المحال التجارية على اعتبار محدودية الموردين والموزعين. وأكد أن المناخ يلعب دوراً أساسياً في وفرة الخضراوات والفواكه في المملكة، لأننا نعتمد بالدرجة الأولى على الزراعة التقليدية التي تتحكم فيها الظروف المناخية، والأزمة التي نعيشها في ارتفاع الأسعار سببها انتهاء فصل مناخي وبداية فصل مناخي آخر، إذ نعيش فترة انتهاء محصول وبداية محصول آخر، لذلك يحدث شح في الخضراوات والفواكه. من جانبه، أوضح عبدالعزيز المبارك (تاجر خضراوات) أنه من الصعب اتهام التجار بالتلاعب في الأسعار، ولا يمكن الجزم بهذا الأمر، «لأنه من الصعب جداً إثباته في قضايا جنائية تحقق فيها وزارة التجارة، ومن المعروف أن قاعدة العرض والطلب تلعب دوراً أساسياً في تحديد الأسعار، فنحن نعيش وضعاً يقل فيه العرض ويزداد فيه الطلب فتحدث ارتفاعات الأسعار، كما أنه يوجد ضعاف نفوس من التجار ممن يقومون باستغلال هذا الوضع ويتلاعبون في الأسعار، ولا يمكن نفيه بالمطلق». وأضاف أنه حدث تراجع في الشراء بسبب ارتفاع الأسعار، مؤكداً أنه من الطبيعي حدوث التراجع، «تعتمد الأسر في حالات الارتفاع على التقليل من الاستهلاك، ولا يمكن الوقف على نسبة هذا التقليل لعدم وجود جهات تتولى الوقوف على نسبة الاستهلاك، بينما من المؤكد أن ضعف العرض هو بحد ذاته انخفاض في الاستهلاك»، مشيراً إلى أن «الأسر الفقيرة هي الأكثر تضرراً من ارتفاع السلع الأساسية، إذ تتآكل القوى الشرائية لديها، ما يفاقم من أزماتها المادية». وحول تأثر محدودي الدخل بزيادة الأسعار، أوضح أستاذ الاقتصاد الدكتور محمد الشهري: «عند الحديث عن محدودي الدخل، فإننا نتناول شريحة من المجتمع يراوح دخلها الأساسي بين 2000 و 5000 ريال شهرياً، وتشكل السلع الأساسية فيها نحو 25 إلى 50 في المئة، وبارتفاع هذه السلع يتآكل المصروف على الموازنات الأخرى، ما يشكل تأزيماً في المصاريف الشهرية الأسرية ينعكس على قدرتها في توفير الحاجات الأساسية». وأشار إلى أن للتجار تأثيراً كبيراً في الارتفاع، إذ إن تحديد هامش الربح يخضع لرغبة التاجر ويشكل جزءاً أساسياً من القيمة المدفوعة للسلعة، فإذا كانت رغبة التاجر في الحصول على فائدة عالية فإنه يعمد إلى رفع الأسعار مستغلاً الطلب عليها، خصوصاً إذا كانت هذه السلعة من النوع الذي يصعب الاستغناء عنه، وهنا يأتي دور القناعة في فترة الأزمات، إذ يكون التاجر مطالباً بالقناعة بنسبة ربح بسيطة جداً». وحول تأثير المزارعين في الارتفاع، قال: «في العادة لا يوجد للمزارع تأثير في الارتفاع الموقت في الخضار والفواكه، إذ إن هناك حلقات عدة يمر خلالها المُنتج، ويكون المزارع فيها أقل تأثيراً على اعتبار أن محصوله يكون مباعاً قبل الموسم، أو في فترة الحصاد، وهذا لا يخضع في العادة إلى التأثيرات المباشرة للسوق». وأكد أن «تدخل الحكومة يتم عبر طرق عدة، في مقدمها مراقبة الأسعار ولجم جشع بعض التجار، والوقوف على عمليات الاحتكار أو تجفيف السوق من السلع، إضافة إلى دعمها بعض المستوردين للقيام باستيراد السلع التي تقل في السوق بكميات كبيرة حتى تقضي على الارتفاع، كما أنها تقوم بإجراءات تسهيل عملية دخول السلع من الجمارك».