ريادة الأعمال والحوكمة والمسؤولية الاجتماعية، مفاهيم حديثة تحكم مسار مجتمعات الأعمال في كل أسواق العالم، واعتمدتها كلية سليمان العليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت برامجَ في منهجها التعليمي، هي التي أكملت عشر سنين على انشاء كيانها المستقل، تحتفل بها اليوم، مع خطط لمزيد من الابتكار لتخريج طلاب مبدعين من لبنان والعالم العربي. وأعلن عميدها جورج نجار، في حديث إلى «الحياة»، أن «مشروعنا المستقبلي الأهم هو ترسيخ موقعنا ككلية لتخريج القادة، تجد فيها مؤسسات المنطقة شريكاً استراتيجياً لزيادة تنافسيتها واستدامة نجاحها في الاقتصاد العالمي». وكما تُخرّج الكلية حالياً رواداً في عالم الأعمال، كانت انطلاقة التخصص بإدارة الأعمال عام 1900، رائدة أيضاً في كلية التجارة بإدارة ادوارد نيكولي، وتخرّج أول طلابها عام 1903، واستحقت في تلك الحقبة صفتها ككلية تعدّ قادة ومبادرين. واستمرت مستقلة حتى عام 1928 لتلتحق دائرة بكلية الآداب والعلوم، مانحة شهادة البكالوريوس الأولى عام 1929، وشهادة الماجيستير عام 1946. وهي تستحق صفة الريادة في هذا الاختصاص لأنه برز في خمسينات القرن العشرين وستيناته، تزامناً مع الازدهار الاقتصادي الذي شهده لبنان في تلك الحقبة. وفي عام 2000، مع تطور لافت للطلب على تعليم إدارة الأعمال في المنطقة، استقلت الكلية لتصبح السادسة في الجامعة. وشكّل عام 2003 مفترقاً حاسماً في تاريخ الكلية، اذ اكتسبت اسمها الحالي (كلية سليمان العليان). واعتبر نجار، أن الكلية تمثل «نسخة حديثة ومطورة لمسيرة التميزّ بتدريس إدارة الأعمال التي بدأتها الجامعة الأميركية كمبادرة ريادية عام 1900. وظلت على مدى القرن العشرين ملحقة بكلية الإدارة والعلوم في الجامعة وخرجّت افواجاً من قادة قطاعات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط والعالم الواسع. وكان من بين خريجيها رؤساء وزارات، ووزراء مال واقتصاد، ومحافظو مصارف مركزية، ورؤساء مجالس إدارة، ورؤساء شركات ومديروها. كما وصل خريجوها إلى أعلى المراتب في مؤسسات عالمية، مثل «مورغان ستانلي»، و «سيتي بنك». ورأى أن في «استقلالها عام 2000 بعمادتها الخاصة ككلية سادسة في الجامعة، افتتحت عهداً جديداً من الانتقال الى مستوى مختلف من الصدارة في مجال إدارة الأعمال». ولفت إلى أنها «اكتسبت عام 2003، اسمها الحالي ككلية سليمان العليان لإدارة الأعمال، حاملة اسم رائد من روادّ إدارة الأعمال على صعيد عالمي هو رجل الأعمال السعودي المرحوم سليمان العليان الذي قدمّت عائلته الكريمة لنا، منحة سخّية مكنتنا من إحداث نقلة نوعية تحتاج إليها المنطقة وتتطلع اليها». وعدّد نجار، الخطوات التطويرية «المهمة»، بعد استقلال الكلية، المتمثلة ب «زيادة عدد الأساتذة الى ستين من 17 جنسية، وتطوير درجات علمية جديدة، وإطلاق برامج طموحة في البحث العلمي، والتعاون الإستراتيجي مع كليات الأعمال العالمية والانتقال الى مبناها الحالي في الحرم السفلي للجامعة». وأشار إلى أن «نشاطاتها استقطبت الصحافة الاقتصادية العالمية»، ذاكراً منها صحيفة «الفايننشال تايمز»، فضلاً عن وجود خمس كراسٍ موقوفة وبرنامجين ومركز، الى جانب مساحات تحمل أسماء متبرعين من بين اصدقاء الكلية وخريجيها». ومن الإنجازات، بحسب نجار، أن الكلية «معتمدة من منظمة AACSB الأميركية لاعتماد كليات إدارة الأعمال، ما يجعلها واحدة من 500 كلية فقط تحظى بذلك من بين 1300 كلية في العالم. وتضم مجلسين استشاريين الأول عالمي يجمع أسماء جامعات «هارفرد» و «ام أي تي»، و «هوبكنز»، و «جورجتاون»، و «انسياد» وكلية لندن للاقتصاد، والثاني إقليمي يضم ألمع اسماء قادة الأعمال في منطقتنا». ولا تكتفي الكلية بتقديم شهادات البكالوريوس والماجستير، بل «نقدم ايضاً برامج تتناول مبادرات جديدة مطلوبة على صعيد المنطقة، منها مركز الحوْكمة الذي يعدّ أبحاثاً رائدة في الإدارة الرشيدة للمؤسسات، وهو الوحيد بين جامعات المنطقة». وأكد نجار أن هذا البرنامج «مستقبلي التوجه يطرح خيارات متقدمة لا تستسيغها الاّ قلة نخبوية عندنا، لكنها تحوّلت شرطاً ملزماً بالنسبة إلى إدارة المؤسسات من المجتمعات المتطورة. وتجد هذه الأبحاث طريقها الى ارقى المجالات العلمية العالمية». ولا يقل برنامج المسؤولين الاجتماعيين للمؤسسات أهمية، إذ أشار نجار إلى أنه «يعدّ أبحاثاً عن كيفية تفاعل المؤسسات عندنا مع بيئتها سعياً منها إلى الاستدامة الطويلة الأمد، وليس مجرّد الربحية في المدى القصير». وأوضح أن البرنامج الأول «يموّله «بنك الكويت الوطني»، والثاني عائلة رئيس الوزراء اللبناني السابق نجيب ميقاتي. وأضافت الكلية مركزاً متخصصاً في إدارة التجديد وريادة الأعمال تموله عائلة درْوزة في الأردن ويحمل اسم السيد سميح درْوزة الذي يضطلع بدور رائد في صناعة الأدوية في المنطقة العربية». وعن عدد الطلاب المتخرجين سنوياً، أعلن نجار أنهم «400 طالب وطالبة، ليفوق 4 آلاف في السنوات العشر الماضية». وأكد أن المؤسسات «تتسابق لاجتذابهم للعمل، ولا يوجد واحد يبحث عن فرصة عمل. وتقليدياً يحصل ثلثهم على فرص عمل في السوق المحلية، ويذهب الثلثان الى اسواق العمل الخارجية خصوصاً في الخليج، وكثيرون ينتهون في الولاياتالمتحدة وأوروبا وكندا، لكن نسبة منهم تعود الى سوق العمل المحلية بعد سنوات من اكتساب الخبرة». وتتميّز الكلية بمتابعة الطالب مع تخرّجه، إذ لفت نجار إلى أن لديها «مركزاً متكاملاً لخدمات الطلاب يتابع، من بين امور اخرى، الخريجين ويواكب نجاحهم، كما يساعدهم في الحصول على فرص العمل ويقدم لهم الإرشاد المهني على يد متخصصين». وتحدث نجار عن «المشروع المستقبلي الأهم» وهو «مواصلة مسيرتها الحثيثة نحو تبوء مكانة عالمية لتتخذ موقعاً في عداد كبريات كليات إدارة الأعمال في العالم، وتحتل مرتبة متقدمة في تراتبيتها». ولم يغفل «قطع شوط كبير في هذا الاتجاه، ووقعنا اتفاقات أبحاث مع اعرق المؤسسات الأكاديمية».