لا تنفك المعلمة أمل ناصر، من التشهد، منذ انطلاقها فجراً، من منزلها في مدينة الخبر، وحتى وصولها إلى مدرسة ثاج الابتدائية (محافظة النعيرية)، التي بدأت العمل فيها مطلع العام الدراسي الجاري. وتستقلُّ أمل وزميلتها السيارة لأكثر من 600 كيلو متر ذهاباً وإياباً، بين المنزل والعمل، على طريق يُعد «الأخطر» من بين الطرق في المنطقة الشرقية. وتعبر هذا الطريق يومياً، عشرات المعلمات القادمات من الدمام، والقطيف، والجبيل، واللاتي يعملن في الصرار والمراكز والهجر الواقعة بالقرب منها، مثل الصحاف، وغنوة، والحناة، والزغين، والقليب، والمليحة، وغيرها من الهجر. وتقول أمل: «لكثرة عددهن، لم نجد مكاناً في السيارات التي تنقلنا، ما اضطرني وزميلتي إلى استئجار سيارة خاصة بنا»، مضيفة «هناك زميلة في المدرسة ذاتها. ولم تنقل منذ العام الماضي، تضطر إلى أن تصطحب والدتها معها كل صباح، لكونها لم تجد زميلات معها في المدرسة والمنطقة التي تسكن فيها». ولا تقتصر المعاناة على أمل وزميلاتها المعلمات، فهناك المعلمون والموظفون، ومرتادو الطريق الواصل بين مدينة الجبيل ومركز الصرار والهجر الواقعة على هذا الطريق، بسبب غياب رقابة وزارة النقل، على أوضاعه. ويعاني عابرو هذا الطريق من موقعين «خطرين»، يحويان حفراً وتشققات كبيرة، تتوعد المارة، إضافة إلى موقع منخفض، لا يحوي علامات إرشادية توضح المواقع «الخطرة». وتقول المعلمة سارة، التي تسكن في الدمام، وتدرّس في مدرسة الصرار المتوسطة: «نعاني أشد المعاناة من سوء بعض المواقع على الطريق، التي تلفت بسبب سوء الصيانة»، مستدركة أنها «مواقع تُعد على أصابع اليد الواحدة، ومسافاتها قصيرة جداً، لكنها خطرة». وتضيف سارة، «تعرضنا خلال الفترة البسيطة الماضية، منذ بداية العام الجاري، إلى الخطر أكثر من مرة، بسبب أوضاع الطريق، وعدم معرفة السائق بمواقع الحفر فيه، فضلاً عن كثرة الجمال السائبة التي تعبر الطريق، لعدم وجود سياج». ولا يختلف حال المعلمين القادمين من الدمام، والجبيل، والقطيف، والذين يعملون في سلك التعليم في مدارس الهجر، عن المعلمات، فهم يواجهون مشكلات ومخاطر مختلفة على الطريق الرابط بين مدنهم ومقار عملهم، من سوء بعض المواقع في الطريق. ويقول المعلم محسن الغريافي، في مدرسة ثاج: «هناك مسافات قصيرة جداً على الطريق؛ لكنها سيئة. وقد تعرض أرواح عابري هذا الطريق إلى الخطر». ويشير زميله محمد المرهون، أن زملاءهم الذين عملوا في العام الماضي، «تحدثوا عن كثرة الحوادث التي تقع على هذا الطريق، وكان آخرها حادثة للمعلمات، توفي فيها سائقهن. وأصيبت المعلمات بإصابات خطرة». وفي المقابل، فإن أحمد فهد العازمي، الذي يسكن هجرة ثاج، يعاني هو الآخر حين يرتاد هذا الطريق يومياً، بحكم عمله في مدينة الجبيل. ويقول: «إن هاجس الطريق يشغلني عندما أدير محرك سيارتي، منطلقاً من منزلي في طريقي إلى عملي، أو العكس، بسبب موقعين خطرين لا تتجاوز مسافة الواحد منهما 300 متر؛ لكن هذه المسافة تهدد أرواح الكثيرين، بسبب خطورتها». ويضطر العازمي، إلى تحديد مسافة الموقعين، بواسطة الكيلومتر في السيارة، حتى يتسنى له الانتباه، وتخفيف السرعة عند الاقتراب منهما. ويضيف «أدعو الله ألا أجد أحداً قد وقع ضحيتهما، وبخاصة من المعلمين والمعلمات، الذين لا يعلمون موقعهما، ويقطعون الطريق فجراً كل يوم من الدماموالجبيل. وألا يحلّ بهما ما حلّ بزملائهم، في العام الماضي، بعد أن كادت تزهق أرواح معلمات، بسبب حادثة وقعت على هذا الطريق، إثر محاولة السائق الابتعاد بالسيارة عن الحفر والتشققات».