أكد الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب أنه تلقى دعوة إلى المشاركة في مفاوضات السلام حول سورية المرتقبة في 23 كانون الثاني (يناير) في كازاخستان في رعاية روسيا وتركيا، والتي ستشكل أول اختبار في السياسة الخارجية للإدارة الجديدة. وقال الناطق باسم فريق ترامب، شون سبايسر، لوكالة فرانس برس: «تلقينا طلباً للمشاركة» ملمحاً إلى أنه لم يتم إرسال رد بعد. وتعقد مفاوضات آستانة حول مستقبل سورية غي رعاية روسيا وتركيا، وأعلن عنها في نهاية كانون الأول (ديسمبر) بعد بدء العمل بوقف جديد لإطلاق النار. وتنظم للمرة الأولى من دون تدخل الولاياتالمتحدة التي كانت ضالعة في كل المحادثات الدولية حول الأزمة السورية في السنوات الماضية. وسيكون حضور فريق الرئيس الجديد مؤشراً قوياً إلى تصميم ترامب على تحسين العلاقات مع روسيا. إلا أنه يواجه معارضة للتقارب مع روسيا من داخل حزبه الجمهوري وسط مزاعم بأن روسيا شنت حملة هدفت إلى دعم ترامب للفوز في انتخابات الرئاسة. وما يزيد من تعقيد الأمور أن الدعوة جاءت وسط اتصال بين مايك لين الذي اختاره ترامب لمنصب مستشار الأمن القومي الأميركي والسفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك. وتمّ الاتصال الذي أكده مسؤولون أميركيون متزامناً مع قيام إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بفرض عقوبات على نظام فلاديمير بوتين لمحاولته التأثير في الانتخابات. وخلصت أجهزة الاستخبارات الأميركية إلى القول أن موسكو تدخلت في الانتخابات الأميركية لمصلحة ترامب، إلا أنها لم تؤكد ما إذا كان هذا التدخل قد أثر في نتيجة الانتخابات. ورفض ترامب نتائج أجهزة الاستخبارات، وقال أنه تغلب على المرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون في شكل نزيه. وستشكل المشاركة الأميركية في المفاوضات السورية كسباً ديبلوماسياً كبيراً لموسكو، إذ إنها ستعزز دورها كقوة رئيسية في سورية. وكانت الولاياتالمتحدة قادت الجهود السابقة لإنهاء الحرب الدموية في سورية، والتي حصلت بدعم الأممالمتحدة. وقال السيناتور جون ماكين، الجمهوري الذي يعد شوكة في خاصرة ترامب، أن التقارب مع روسيا «غير مقبول». وأضاف أن تحسين العلاقات مع روسيا «سيكون مشاركة في مجزرة بوتين و (الرئيس السوري بشار) الأسد للشعب السوري». وحولت حملة القصف الجوي الروسية في سورية الحرب لمصلحة نظام الأسد ووضعت الولاياتالمتحدة وأوروبا في موقع متأخر عن روسيا. إلا أنها أدت كذلك إلى عمليات قصف عشوائية للمدنيين، دفعت إلى اتهام روسيا بالتواطؤ في ارتكاب جرائم حرب. ويمكن أن تجعل مفاوضات آستانة الولاياتالمتحدة تبدو كأنها تلعب دوراً ثانوياً. إلا أن ديبلوماسيين غربيين أكدوا أن الولاياتالمتحدة وأوروبا لا تزالان تتمتعان بنفوذ نظراً إلى أن إعادة إعمار سورية ستكلف 200 بليون دولار تقريباً، وهو ما يفوق قدرة موسكو. في حال مشاركة إيران في مفاوضات السلام، وهو الأمر المتوقع، فإن ذلك سيضيف إلى التعقيدات التي تواجه ترامب. فقد عملت القوات الجوية الروسية يداً بيد مع الميليشيات المدعومة من إيران على الأرض لهزيمة المسلحين المعارضين للأسد. وفي حين أغدق ترامب المديح على بوتين، إلا أنه اتخذ موقفاً متشدداً من التعاون مع إيران. وتعهد إلغاء الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إدارة الرئيس باراك أوباما مع أيران، كما أن كثراً من أعضاء إدارة ترامب يربطهم تاريخ مرير مع طهران ويرجح أن يتبنوا موقفاً متشدداً منها. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان ترامب سيطالب روسيا بتخفيف علاقاتها مع طهران كثمن لتحسين علاقاته معها. وتزايدت التوترات داخل الحلف بين طهران ودمشق وموسكو، إلا أنه لم تظهر سوى مؤشرات قليلة إلى أن هذه الترويكا على وشك الانهيار. وأعرب ترامب عن أمله بأن تكون روسيا حليفاً في القتال ضد تنظيم «داعش» في سورية. إلا أن إدارة أوباما والمراقبين المستقلين يعتبرون أن حملة روسيا العسكرية تستهدف المسلحين المعارضين حصراً. وذكر معهد دراسات الحرب الذي يراقب الأزمة السورية أنه خلال الشهر الماضي نفذت القوات الروسية حملات قصف مكثفة تهدف إلى «حصار وتجويع» البلدات التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة وتقوية النظام. وقال المعهد أن «الهدف الرئيسي لحملة القصف الروسية خلال هذه الفترة لا تزال المعارضة المقبولة» في إشارة إلى معارضي نظام الأسد.