هيمنت القيود على الدعاية الانتخابية على المشهد السياسي في مصر مع اقتراب انتخابات مجلس الشعب المقررة في 28 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، إذ هدد حزب «الوفد» بمقاطعة الاقتراع بسبب منع التلفزيون الحكومي بث إعلانات ترويجية له، فيما تمسك «الإخوان المسلمون» بخوض الانتخابات تحت شعارهم «الإسلام هو الحل»، على رغم تهديد رسمي بشطب أي مرشح يرفع هذا الشعار. وتصدر شعار «الإسلام هو الحل»، كالعادة، المشهد الانتخابي، غير أن جديد هذه المرة هو تهديد رئيس اللجنة العليا للانتخابات المستشار السيد عبدالعزيز بشطب أي مرشح يرفع هذا الشعار، ما اعتبرته الجماعة «انحيازاً إلى الحزب الوطني» الديموقراطي الحاكم، وشددت على أن مرشحيها سيلجأون إلى القضاء للفصل في مدى قانونية خوضهم الانتخابات بهذا الشعار. لكن الأمين العام للحزب الحاكم صفوت الشريف قال أمس إن حزبه «يرفض كل محاولات الالتفاف على الشرعية وخلط الدين بالسياسة». وأكد خلال اجتماع الأمانة العامة للحزب الذي عقد برئاسته، «التزام الوطني بكل ما تصدره اللجنة العليا للانتخابات من قواعد لتنظيم العملية الانتخابية بما يحقق المساواة بين كل الأطراف في إطار الدستور والقانون». إلا أن رئيس الكتلة البرلمانية ل «الإخوان» عضو مكتب الإرشاد الدكتور سعد الكتاتني اعتبر أن «شعار الإسلام هو الحل، ليس فيه خلط بين الدين والسياسة، ولا مخالفة لقواعد اللجنة العليا للانتخابات». وقال ل «الحياة» إن «الجماعة سترفع الشعار على رغم تحذيرات رئيس لجنة الانتخابات الذي تعتبر قراراته إدارية يجوز الطعن فيها... هو يقول ما يشاء، وإذا كان هناك حكم قضائي بمخالفتنا الدستور، فليواجهنا به... وليعلم أنه لا يملك شطب المرشحين، بل يكون الشطب بقرار قضائي». ورأى أن «هذا التهديد لا يليق برئيس اللجنة، فإن هددت قيادات الحزب الوطني فهذا مفهوم في إطار المنافسة، أما رئيس اللجنة، فما الداعي لتحذيراته الاستباقية إلا إذا كان سينحاز إلى الحزب الوطني». وتساءل: «أين رئيس اللجنة من الاعتقالات التي تتم في صفوف أنصار المرشحين وأين هو من الدعاية المبكرة لمرشحي الوطني، فيما الإخوان لم يبدأوا دعاياتهم بعد والاعتقالات مستمرة في صفوفهم وآخرها اعتقال 70 شخصاً في الإسكندرية» أمس. وكانت الجماعة أعلنت أمس اعتقال قوات الأمن نحو 70 من أنصار مرشحيها في الإسكندرية. واعتبرت أن «حملات الاعتقال على قيادات وأعضاء الجماعة في المحافظات، ومصادرة البضائع والأموال تفضح نية النظام واستعداده لتزوير انتخابات مجلس الشعب، لمصلحة مرشحي الحزب الحاكم». وقال الكتاتني ل «الحياة» إن «الاعتقالات تمت فيما كان أعضاء الجماعة يعلقون ملصقات مكتوب عليها معاً للإصلاح... معاً سنغير، ولا تحمل أي شعارات للإخوان أو مرشحيهم». وأضاف أن «اعتقال أنصار مرشحي الإخوان جزء من بداية حملة التزوير، ويمثل أسوأ التفاف على تعديلات قانون الطوارئ الذي قصر الاعتقال على حالات الإرهاب والمخدرات، فيما لا نزال نرى اعتقالات لأسباب سياسية». أزمة مع «الوفد» إلى ذلك، تفجر جدل على خلفية رفض التلفزيون الرسمي بث الحملة الدعائية ل «الوفد»، واشتراطه الحصول على تصريح من اللجنة العليا للانتخابات وإقرار محتوى الحملة من قبل لجنة رصد الأداء الإعلامي الحكومية. وهدد الحزب في بيان أمس بمقاطعة الانتخابات في حال استمرار هذا النهج. وأكد أنه «لن يكون مشاركاً سلبياً في انتخابات لا تتوافر لها ضمانات النزاهة». وأعلن أن مؤسساته «في حال انعقاد دائمة لمراقبة تطورات الموقف، واتخاذ القرار بالاستمرار في الانتخابات أو مقاطعتها في الوقت المناسب». وكان الشريف أكد خلال اجتماع الأمانة العامة ل «الوطني» أمس أن الحزب الحاكم «يتعامل مع الأحزاب السياسية ويتفاعل معها في منافسة شريفة يحسمها صندوق الانتخاب، لكنه لا يدخل في صفقات سرية مع أحد، فالناخب هو الحكم وهو الفيصل». وشدد على التزام الحزب «كل ما من شأنه تحقيق المساواة بين كل الأطراف». غير أن السكرتير العام لحزب «الوفد» الدكتور منير فخري عبدالنور رفض حديث الأمين العام للحزب الحاكم عن «منافسة شريفة» مع المعارضة. وأكد ل «الحياة» أن مرشحي حزبه «يواجهون بتضييقات وقيود غريبة». وقال إن «الوفد هدد بمقاطعة الانتخابات إذا استمر الوضع على ما هو عليه، والأمر لا يتوقف عند حد عدم بث دعاية الحزب على تلفزيون الدولة، لكن المناخ كله غير مؤاتٍ لضمان نزاهة الانتخابات، وتحديداً موقف المحليات والمحافظين من مرشحي المعارضة واستمرار الحزب الوطني ولجانه في استخدام المباني الحكومية والمدارس ومراكز الشباب في الدعاية الانتخابية لمرشحيه ووضع العراقيل أمام مرشحي المعارضة في تقديم أوراقهم». وأشار إلى أن «الجهات الإدارية تطالب مرشحي المعارضة بتقديم شهادة إثبات جنسية يستغرق استخراجها وقتاً طويلاً، وإذا لم يكن هناك قدر من التكافؤ، فلن نخوض الانتخابات». وعما إذا كان «الوفد» تلقى بعد تهديده بالانسحاب تطمينات من الحكم، قال عبدالنور: «على العكس، القيود تزيد على مرشحينا، حتى استخراج صحيفة الأحوال الجنائية وهو أمر مكفول لكل مواطن يتطلب الحصول على موافقات استثنائية... إن فاض بنا الكيل فسنتخذ قرار المقاطعة».