كم تبدو المسافة بعيدة بين النوم في دمشق والنوم في بغداد حين يكون الزائر صحافياً عربياً يبحث عن أجوبة لأسئلته. في أيار (مايو) الماضي استولى عليّ القلق حين نمت على مقربة من دجلة. شعرت بأنني أقيم بين حطام دولة اسمها العراق، كنا نراهن على ان تكون رافعة في معركة البحث عن المستقبل العربي. ولم يكن العنف وحده ما يبعث على القلق. أخطر منه رائحة الطلاق بين المكوّنات، وتحول هذا البلد العريق ملعباً لجيرانه بعدما كان لاعباً في إقليمه. في بغداد خالجني شعور بأن أكبر ثروة يمكن أن ينعم بها شعب هي ثروة الاستقرار، ولو كان مشوباً بأخطاء ونواقص. في غياب الاستقرار يضيع النفط ويضيع الغاز، وتضيع الطاقات البشرية وتضيع أعمار أجيال. لا أقصد بالاستقرار إقفال النوافذ امام التطلع الى الإصلاح والتطوير. الحماية الحقيقية للاستقرار تستدعي فتح النوافذ، والقدرة على الاستماع والتفاعل. في بغداد شعرت بالثمن الرهيب الذي يمكن ان يدفعه بلد نتيجة للرهانات المتهورة، أو الأحلام الانتحارية والقراءات المغلوطة للوضعين الإقليمي والدولي. إنها مأساة ان يعجز الحاكم عن قراءة اتجاهات الرياح فيسرّع اصطدام سفينته بالصخور وغرقها. النوم في دمشق مختلف عن النوم في بغداد، حين يكون الزائر صحافياً عربياً. يخالجك شعور بأن سورية نجحت في اجتياز عقد كامل أقامت خلاله وسط العواصف التي هبت على جيرانها أو من أراضيهم. انه عقد صعب بدأ عملياً مع هجمات 11 ايلول (سبتمبر) وما تبعها من محطات عراقية ولبنانية شائكة. أحياناً تدافع الدول عن نفسها خارج حدودها. وتشعر أحياناً ان بعض الاضطراب لدى جيرانها يمكن ان يعزز موقعها أو يضمن سلامتها. في اللقاء مع الرئيس بشار الأسد شعرت بأن سورية لا تشعر اليوم انها مهددة على غرار ما شعرت به بعيد الغزو الأميركي العراق والزلزال الذي ضرب لبنان. شعرت ان سورية تستعد للتصرف كقوة استقرار في محيطها. في هذا السياق فهمت ما أبلغه الأسد الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من ان مشاركة المكوّنات العراقية في حكومة وحدة وطنية يجب ان تكون مشاركة حقيقية وفعلية، وليست مجرد ديكور. وفي السياق نفسه فهمت كلام الرئيس السوري عن العلاقة مع لبنان ورئيس وزرائه سعد الحريري. يشعر زائر دمشق بأن القيادة السورية تملك حالياً من الطمأنينة ما يشجعها على التوجه نحو تقديم نفسها كقوة استقرار، أو قوة مساعدة على الاستقرار، وأنها تفرد لحسابات التعاون الاقتصادي وعائداته مكاناً أكبر في رسم السياسات. وتقارِب الملفات بواقعية أكبر يمكن قراءتها بين السطور إذا غابت الصيغ المباشرة. وليس ثمة شك في ان التوازنات الجديدة في الإقليم تلقي على دمشق مسؤولية مضاعفة في بذل جهود أكبر لترميم البيت العربي، ولو اقتضى الأمر تجاوز حساسيات أو شكليات. واضح ان العلاقات السعودية - السورية استعادت قدراً من الدفء يسهل البحث المشترك في سبل إطفاء الحرائق العربية مع الالتفات الى انه من غير الطبيعي ان تبقى العلاقة المصرية - السورية على ما هي عليه الآن. وإذا كان من الصعب حالياً التقريب بين القراءات للوضع في المنطقة بملفاته العراقية والفلسطينية واللبنانية، يمكن على الأقل الاتفاق على آلية لإطفاء الحرائق يتم الانطلاق منها لوقف تدهور أوضاع اللاعب العربي في الإقليم، قياساً بأحوال اللاعبين الآخرين. تبقى فكرة خبيثة مرت ببالي وأنا أسلك طريق بيروت - دمشق. أشار السائق الى موكب سيارات معتمة الزجاج، وراح يخمّن هوية صاحب الموكب. شعرتُ بلذة ان تكون صحافياً وأن تقتصر همومك على العودة بحديث ناجح. وقلت من يدري حجم التوتر الذي يعيشه صاحب الموكب الذي اجتاز مسرعاً. أغلب الظن انه منهمك بالسؤال عن مستقبله. لعله نائب يحلم بأن يصير وزيراً، أو وجيه يحلم بأن يتحول نائباً. شعرتُ بلذة أن يكون المرء صحافياً تقتصر طموحاته على حديث يثير اهتمام القراء ويرد على اسئلتهم. أريد هنا ان أسجّل ان الرئيس بشار الأسد كان سخياً في الوقت الذي منحه ل «الحياة»، وأجاب عن كل الأسئلة التي طرحتها. هنا نص الجزء الثاني والأخير من الحوار: بالنسبة الى العلاقة السورية - الأميركية، صدرت قبل أيام وثائق قيل فيها ان سورية كانت مصدر الأحزمة الناسفة في العراق. هل ما زال موضوع العراق يسمّم العلاقة، أم موضوع الموقف من المقاومة الفلسطينية أو «حزب الله». أين العقدة التي تحول دون عودة علاقات شبه طبيعية بين سورية وأميركا؟ - العقدة أننا لا نقول لأية جهة، بما فيها أميركا، «نعم» إلا إذا كنا مقتنعين، وإذا كانت تعبّر عن مصالحنا. هذه هي المشكلة، لذلك أعتقد بأن هذا الموضوع سيخلق مشكلة في كل القضايا المختلفة. أي أن لدينا موقفاً واضحاً في الموضوع الفلسطيني. لنا موقف في الموضوع اللبناني، في موضوع المقاومة، في موضوع العراق، مواقفنا واضحة وهي لا تريحهم. لا تريح، إذا لم نقل كلهم، على الأقل جزءاً كبيراً من المؤسسات في الدولة الأميركية. هذه هي المشكلة، أي هي قديمة وليست جديدة. ألا يوجد شيء عملي جديد؟ - شيء عملي، لا. الشيء الوحيد هو أننا لم نعد نسمع لغة الإملاءات، ولكن، شيء حقيقي على الأرض؟ لا نرى شيئاً جدياً حتى الآن. بدأت عملية جس نبض في موضوع السلام، لكنه مجرد جس نبض. أخذ ورد، أي أفكار. فلا يوجد أي شيء فعلي على الأرض في أي موضوع، لا العلاقات الثنائية ولا القضايا الأخرى التي تهمنا. هل هناك تعاون أمني مع الولايات المتحدة؟ - حالياً لا يوجد. حتى في ما يتعلق ب «القاعدة»؟ - لا، في أي موضوع، ولا في «القاعدة». منذ أي عام هو متوقف؟ - أعتقد منذ العام 2005، منذ خمس سنوات متوقف. ونحن ربطناه بتحسن العلاقات الثنائية، قلنا لهم إنه لا يمكن أن يكون هناك أي تعاون أمني من دون علاقات ثنائية جيدة وتعاون سياسي. أي عودة سفير؟ - لا. السفير يهم أميركا. نحن سفيرنا موجود في أميركا. إذا أرادت أن تعيّن سفيراً في سورية، فهذا يخص أميركا ويخدمها. عدم وجوده في سورية لا يضر سورية. مهمة سفيرنا في أميركا أن يخدم مصالحنا وليس العكس. فهذا (تعيين سفير أميركي) مجرد شيء شكلي يعبّر عن إشارة، هو مؤشر، لكنه ليس شيئاً عملياً. هل لديكم نوع من الخيبة من الرئيس الأميركي باراك أوباما؟ - لا. لأن اوباما شخص. في النهاية، في أميركا توجد مؤسسات، ولوبيات (جماعات ضغط)، وكونغرس. توجد جهات مختلفة. أعتقد بأن أوباما أراد أن يقوم بإنجازات. الآن على مسار السلام، يحاول أن يقوم بشيء، ولكن يبقى الرئيس في أميركا وحده غير قادر على القيام بإنجازات كبرى، عندما لا تكون المؤسسات داعمة له. هل القطيعة التركية - الإسرائيلية أزعجت سورية؟ كان من الممكن أن تلعب تركيا دوراً مرافقاً أكثر للتفاصيل... - لا، لأن إسرائيل ومع مجيء هذه الحكومة في بداية العام الماضي، بدأت مباشرة حملة على مستوى الدول المعنية أو المهتمة، بخاصة في أوروبا ولدى الأميركيين في شكل بديهي، للشرح وللإقناع بأن الدور التركي لا يمكن أن يبقى في عملية السلام. إذاً، هذه الحكومة الإسرائيلية سعت منذ البداية لتقويض الدور التركي. وأتت قضية الهجوم على أسطول الحرية (مرمرة) كي يكون هناك شيء عملي يضرب هذه العلاقة، ويضرب الدور التركي. لكن إسرائيل من قبل، وبصرف النظر عن هذه الحادثة، لم تكن تقبل بالدور التركي لأن الحكومة الإسرائيلية الحالية غير قادرة أو غير مهيأة للسلام. فكيف يمكن أن يكون هناك دور تركي لو كان موجوداً اليوم، ولا يوجد شريك إسرائيلي؟ فالدور التركي مبني على وجود شريك إسرائيلي، والشريك غير موجود، بالتالي لا يمكنني أن ألعب دوراً في السلام، ولا تركيا تستطيع. في المصالحة الفلسطينية - الفلسطينية، هل نتوقع شيئاً ملموساً؟... هناك الكثير من المصالحات والحوارات، لكننا لا نرى مصالحة حقيقية. - ترى شيئاً ملموساً عندما تقرر الأطراف كلها أن تكون خاضعة للمصالح الفلسطينية - الفلسطينية، أو للتأثيرات الفلسطينية - الفلسطينية وليس للتأثيرات الخارجية. عندما يقررون أن يتصالحوا مع بعضهم بعضاً كفلسطينيين. عندما يكون هذا الملف فلسطينياً بامتياز، وليس إقليمياً أو دولياً، تحصل مصالحة. طالما أن هذا الملف، ولو بجزء منه، يتبع لدول أخرى أو يتأثر بدول أخرى، أشكّك بإمكانية وصول الأطراف إلى حل نهائي. هل هناك طرح يتعلق بزيارة قريبة للرئيس محمود عباس إلى دمشق؟ - لا، لم يُطرح الموضوع. هناك مناطق عربية أخرى مشتعلة. نرى اليمن، السودان يستعد للطلاق. الصومال. هل يقلقك هذا؟ كلما حصل فراغ في مكان، طلت منه «القاعدة». والآن هناك أخبار في العراق تفيد بأن قسماً من «الصحوات»، يعود إلى «القاعدة» بسبب أسلوب التعامل معه. - «القاعدة» هي نتيجة، أو فكر «القاعدة». نحن نتحدث عن «القاعدة «وكأنها منظمة متماسكة. لا، الحقيقة انها قضية فكر، تُطلَق عليه تسمية «القاعدة» تجاوزاً. ولكن هي نتيجة وليست سبباً. أنا يقلقني السبب، يقلقني الفراغ الذي أدى الى هذا السبب. يقلقني الإحباط الذي أدى الى هذا السبب، هو نتيجة إحباط. يقلقني ضعف النمو والتطور الذي أدى الى هذا السبب، تقلقني الأخطاء السياسية والفراغ السياسي والأداء السياسي الخاطئ لنا كمسؤولين، والذي يؤدي الى هذه النتيجة. هذا هو المقلق. هذه مجرد أعراض، كما لو أن لديك آلاماً في البطن، ألم البطن لا يدل على شيء، بل على مشكلة خلفه، ما هي المشكلة التي تقف وراء ألم البطن، وليس الألم بحد ذاته. ألا تحاول «القاعدة» أن يكون لها نشاط في سورية؟ - طبعاً، في كل مكان بما فيه سورية، متواجدة. في كل الساحة العربية والإسلامية تقريباً، ولكن ليس بالضرورة أن تكون منتشرة. جغرافياً هي متواجدة، أما شعبياً فهي محدودة حتى الآن، الناس لديهم وعي، على الأقل في سورية. هل هناك اعتقالات؟ - هناك حالات أمنية من فترة لأخرى، كانت هناك محاولات أُحبِطت في مرات مختلفة. هل حدث شيء أخيراً؟ - لا يخلو الأمر من بعض الحالات كل عدة أشهر، ولكن لا يوجد شيء حديثاً. هل تم إحباط محاولات تفجير مثلاً؟ - طبعاًً، محاولات تفجير، أحياناً محاولات تهريب لمواد متفجرة مع دول الجوار، وهكذا. ليس بالضرورة أن تكون محاولات ضد الدولة. هل هناك معلومات عن وجود «القاعدة» في شمال لبنان، تقلق سورية مثلاً؟ - حالياً، لا توجد لدينا معطيات كثيرة عن حركة نشطة في شمال لبنان. منذ عامين كانت الحركة نشطة جداً، لكن ذلك لا يعني أنها غابت. كما قلت، هي جغرافياً متواجدة في كل الساحات، ودائماً نُطلق عليها تسمية «الخلايا النائمة». كونها نائمة فأنت لا تعرفها، والقلق هو مِن الشيء الذي لا تعرفه، وليس من الشيء الذي تعرفه. الآن هناك تواصل. العمليات التي تُحبَط في سورية، تدل الى أن في دول الجوار في شكل عام، حركة ل «القاعدة»، بخاصة في لبنان والعراق. طبعاً العراق معروف، ليس هذا سراً. لكنّ لهم تواجداً في لبنان ايضاً. لدينا نحن جزء من المعلومات وأحياناً لا نعرف ما هي تتمتها. الأهم أن تكمل المعلومات، أن تكون متكاملة كي تعطي صورة واحدة. الحوثيون هل طلب منكم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح شيئاً يتعلق بالحوثيين، بالموضوع اليمني؟ - لا، لم نتدخل في هذا الموضوع. طبعاً كان هناك حديث مع الرئيس علي عبدالله صالح، وتشاور لمعرفة كيف هو الوضع وكيف يمكن أن نساعد، ولكن لم يطلب منا أية مساعدة. ولا حتى بالتدخل لدى أطراف يمنية لها علاقة بجنوب اليمن؟ - لا توجد لدينا أية أطراف لها علاقة. جنوب اليمن موضوع مختلف، لكنه لم يطلب. في سورية لا يوجد أي نشاطٍ معادٍ لليمن، وسورية موقفها واضح من وحدته. كنا من الدول الداعمة في شكل كبير جداً لوحدة اليمن، فلا يمكن في شكل طبيعي أن نسمح لأي نشاط من سورية أو يمر عبرها، ضد وحدة اليمن تحت أي عنوان. هذا المجال ممنوع؟ - حتى لو عدت إلى موقفنا من الوحدة بين سورية ومصر. على رغم كل الأخطاء التي حصلت تجاه سورية، وكانت كبيرة جداً وأساءت إلى سورية، كان موقفنا في شكل أساسي ضد الانفصال. نحن مع إصلاح الأخطاء إذا كانت موجودة، لكننا لسنا مع نسف الإنجاز. أهم قرار ما هو أصعب قرار اتخذته؟ - في أية مرحلة؟ منذ اليوم الذي تسلمتم فيه السلطة؟ - أحياناً، الكثير من الأشياء لا تعرف صعوبتها إلا لاحقاً، لا أعرف إذا كان يسمى صعباً. إذا كنت مقتنعاً بشيء فيجب ألا يكون صعباً، ولو كان قراراً حاسماً أو مهماً. أستطيع أن أقول أهم قرار وليس أصعب. ذلك أدق، لذلك توقفت عند كلمة صعوبة. أهم قرار؟ - أهم قرار عندما تمكنا من رؤية المخطط الأميركي من بعد 11 أيلول (سبتمبر). وقلنا لأميركا في مفاصل عدة: لا. طبعاً أنا لا أتكلم عن قرار واحد. هي مجموعة قرارات كانت مرتبطة ببعضها بعضاً، بدأت مع 11 أيلول ولم تنتهِ، ولكن وصلت الى ذروتها عام 2005 مع الهجمة على سورية من خلال موضوع التحقيقات الدولية وموضوع لبنان، وكان المطلوب من سورية أن تقدم كل التنازلات في العراق، طبعاً، كي نساعد القوات الأميركية. دعنا نأخذها بالتسلسل: أولاً، مساعدة أميركا أو الوقوف إلى جانبها في جهدها السياسي للتحضير لحرب العراق، قلنا لا. ثم بدأت المساومات بعد عام 2003 كي ندفع الثمن من خلال التنازل في موضوع السلام، وكان هناك وسطاء أوروبيون، فقلنا: لا. أيضاً كانت تلك القرارات كلها مهمة. النقطة الثالثة، كيف تعاملنا مع الموضوع اللبناني. طبعاً عندما أخذنا قراراً بالخروج من لبنان، كان هذا أحد القرارات المهمة، لأننا كنا نعرف ما هي اللعبة. عندما جاء الأميركيون بعد عام 2003 طالبوا بإغلاق مكاتب المقاومة الفلسطينية في دمشق وطرد قادتها. وهذا كان هدفهم الرئيسي بعد عام 2003، فكان جوابنا الرفض في شكل واضح. هذه كانت أهم مطالب زيارة (وزير الخارجية الأميركي السابق) كولن باول، عندما أتى في الزيارة الثالثة وكانت بعد الحرب (على العراق) بثلاثة أسابيع. قال: انتصرنا ونريد منكم الطلبات التالية: أولاً، ثانياً، ثالثاً، ورابعاً. حينها قامت «حماس» بمبادرة منها للوقوف مع سورية في ذلك الوضع الذي كان يعتبر صعباً، بنزع اليافطات من على مكاتبها. قلت له (باول) ان «حماس» قامت بهذا العمل. قال: مطلوب منكم أن تطردوهم. ويومها رفضت وقلت له: بلِّغ الرئيس (الأميركي السابق جورج) بوش اننا لن نطردهم. بعدها في عام 2005، عندما بدأت المواجهة مع سورية، بعد خروجنا من لبنان، وعندما قررت المواجهة في خطابي في مدرّج جامعة دمشق في مثل هذا الوقت، في تشرين الثاني (نوفمبر) عام 2005. قد يكون هذا محصلة القرارات المهمة في قرار المواجهة. هم لم يفهموا القرارات التي اتخذناها واعتبروا أن لا بد من المعركة فقررنا المواجهة، وكان هذا أهم قرار. مواجهة الأميركيين؟ - مواجهة كل من يقف ضد مصالحنا من دون استثناء، إن كان بوش أو (رئيس الوزراء البريطاني السابق توني) بلير أو (الرئيس الفرنسي السابق جاك) شيراك. هل شاهدتم على التلفزيون سقوط بغداد في عام 2003؟ - طبعاً، كنت أتابعه مباشرة. ماذا كان شعورك كرئيس لسورية؟ - كان شعوري هو أن الورطة الأميركية بدأت. منذ اللحظة الأولى؟ - أجل...أجل. حتى قبل ذلك، قلت لهم ذلك عام 2002. لمن قلت ذلك؟ - إلى أعضاء الكونغرس وتوني بلير عندما كنت في بريطانيا، وكل من تحدث معي. أعضاء الكونغرس الذين كانوا داعمين للحرب وكانوا يأتون ويتحدثون عن الصواريخ الساحقة التي ستدمر، وكل هذا الكلام. كنت أجيبهم بكلمتين: ستربحون الحرب وستغرقون في المستنقع. وفي حديثي إلى صحيفة «السفير» في ذلك الوقت، قلت هذا الكلام وأن المقاومة ستبدأ وإلى آخره. كانت الصورة واضحة، وهذا الذي نقوله نحن. أهم شيء أننا كنا قادرين على أن نرى تسلسل الأحداث منذ البداية. كنت أقول لهم: ستغرقون وستبحثون عمن ينجدكم ولن تجدوا من يساعدكم في العراق. وهذا ما حدث. لذلك عندما كنا نشاهدها (سقوط بغداد) كانت بداية ورطة (الأميركيين). طبعاً بالنسبة إليّ كمواطن عربي، كانت هناك إحباطات عندما نرى عاصمة عربية ودولة بأكملها تسقط، وتسقط خلال أسابيع. طبعاً هذا لم يكن ضمن الحسابات، كانت هناك حسابات تتحدث عن أشهر من المقاومة أو غيرها. لكننا كما يبدو لم نكن نعرف تفاصيل الوضع داخل العراق، فكانت الصورة مغايرة تماماً. اتخذتم قراراً بإفشال الغزو؟ - كان من البديهي. بالنسبة إلينا قبل الغزو، طالما أننا ضد الغزو أن نكون ضد الاحتلال. هذا الموقف معروف، نحن حتى اليوم نسميها قوات احتلال ولا نسميها قوات أجنبية. أيها كانت أصعب مرحلة عليكم؟ قابلتكم في 28 شباط (فبراير) 2005، شعرت بأنها كانت مرحلة ضغوط كبرى. - قد تتفاجأ إذا قلت لك أن الأمور بالنسبة لي تكون مقلوبة. في تلك المرحلة كنت على المستوى الشخصي مرتاحاً أكثر من هذه الأيام، لأنك عندما تكون في المعركة فإنك تعرفها وترى معركة واضحة، ولكن عندما لا تكون لديك معركة تفكر بما يتم تحضيره. بالنسبة إليك، يجب ألا تكون مرحلة المعارك هي الصعبة، بل ما بين المعارك، لأنك لا تعرف ما الذي ستأتي به المرحلة المقبلة، وهنا يكمن القلق. هل المرحلة الحالية من تلك المراحل؟ - أجل، مراحل الراحة هي المقلقة وليست مراحل المصاعب أو الضغط. الضغط قد يكون أسهل، فعندها تظهر الأهداف، إذا كنت قادراً على رؤيتها طبعاً، فيصبح توجهك واضحاً وتعلم تماماً كيف تتجه الأمور، وتكون لديك معركة ستخوضها فإما أن تربح وإما ان تخسر. فترات الراحة هي التي تقلق، لأنها تدفع الأشخاص على المستوى الرسمي والشعبي الى التراخي، وعندها يكون لديك قلق من أية معركة بعدها. هل يا ترى هذا التراخي وصلنا في مرحلة لأنه لا توجد معارك مباشرة، مع أنها لم تتوقف والضغوط مستمرة؟ الفكرة الأساسية هل أن التراخي بحد ذاته هو الخطير وليس المعركة، هذه هي وجهة نظري. ماذا تنتظر في العلاقات الدولية؟ علاقة قوية مع إيران، وعلاقة دافئة مع السعودية، وعلاقة مع تركيا، تنتظر علاقة مع الأميركيين؟ وهل الانتظار السوري عامل ضاغط على القرار السياسي؟ - لا، هناك سوء فهم أحياناً لفكرة الانتظار السوري، أن سورية تنتظر وتستغل اللحظة. لا، هذا كلام غير دقيق، أنت تنتظر عندما تعرف أن أي عمل ستقوم به لن يؤدي الى نتيجة، عندها تنتظر. لا تقوم بعمل، لأنه هدر للوقت وللجهد، في المقابل نحن في كل مكان نستطيع أن نتحرك فيه لنرى نتائج، نتحرك فوراً، والدليل أن لدينا حركة سياسية واسعة. في السنوات الماضية لم تكن موجودة، دائماً الحركة السياسية السورية تتسارع وتزداد، فنحن نتحرك، لا ننتظر، نحن لا نعتقد بأن الانتظار حالة صحية. هو حالة سلبية، ولكن إذا فُرِضت عليك بمعنى أنك فقدت الأمل بإنجاز شيء في حالة معينة، فالأفضل أن تنتظر. ألا تقوم بعمل وتفشل فيه، هنا يصبح الفشل أسوأ شيء، أقل سوءاً هو الانتظار، وأفضل شيء أن تقوم بعمل وتنجز. هكذا تسلسل الأمور عندنا. عودة الى الموضوع العراقي. وحدة العراق، عروبته واستقلاله، مبادئ أساسية في السياسة السورية. من خلال اتصالاتكم وزيارات المسؤولين العراقيين إلى دمشق بمن فيهم المالكي، هل حصلتم على تأكيدات باحترام، أو بالعمل لتطبيق هذه المبادئ وتهميش القوى الانفصالية في العراق؟ - هذه كونها مبادئ في السياسة السورية، نطرحها مع كل القوى العراقية منذ (بداية) الاحتلال حتى اليوم. هذا حاضر في كل لقاء. فلا يمر لقاء ونتحدث بالتفاصيل إلا عندما نبدأ بهذه المقدمة وبتوضيحها وربط أي شيء بها. وللتوضيح أكثر، معظم القوى العراقية التي التقينا بها تؤكد على الكلام ذاته، طبعاً لا نستطيع أن ندخل في النيات. بمن فيهم المالكي؟ - من دون استثناء، بمن فيهم المالكي. سمعنا هذا الكلام في شكل واضح من الجميع. واستكمالاً للموضوع اللبناني، كان هناك كلام فحواه أنه بعد عيد الفطر الماضي، سيزور رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري بيروت لعقد اجتماع اللجنة الاقتصادية الاجتماعية او «هيئة المتابعة والتنسيق». هل هذا الأمر لا يزال قائماً؟ - لا، لأنه كان مجرد كلام إعلامي، لأن اللجنة عقدت من خلال زيارة الرئيس الحريري منذ أشهر قليلة. فالزمن قصير جداً، لا توجد تطورات تستدعي الآن اجتماع لجنة مشتركة في سورية أو في لبنان. عادة اللجان المشتركة تجتمع كل سنة في بلد، أي خلال سنة تكون هناك تطورات، تكون هناك سلبيات ظهرت على ساحة العلاقة، فيتم خلال هذا اللقاء تلافيها، إضافة إلى توقيع اتفاقات جديدة، أو طرح مشاريع جديدة. الزمن الذي طُرِحت فيه الفكرة تفصل عن زيارة الرئيس الحريري بشهر أو شهرين، فكان ذلك كلاماً إعلامياً. لا أعرف ما مصدره، إلا أنها لم تكن مخططة، ما زال من المبكر الحديث عن لجنة مشتركة وحتى الاتفاقات الحالية لم ندرس ولم نقوّم ما نفِّذ منها أو لا. الموضوع ليس مجرد لقاء. في جولاتكم الخارجية الأخيرة في السنتين الأخيرتين، طرحتم «رؤية استراتيجية» لتحويل سورية إلى نقطة ربط لخطوط النفط والغاز والنقل بين البحور الخمسة (الأحمر، الأبيض، قزوين، الأسود والخليج العربي)، ماذا تحقق في الفترة الأخيرة، وكيف تنظرون الى المستقبل؟ أين يقع العراق ضمن هذه الرؤية؟ - الذي تحقق هو الربط الكهربائي. ولكن دعنا نبدأ بالشيء الأكبر. العنوان الأكبر هو فكرة أن تكون سورية مركز»hub» فيها مبالغة إذا لم تكن المنطقة هي المحور. لكن سورية ستستفيد من المنطقة، فأنت لا تستطيع القول أن سورية هي المركز لوحدها. فما دور العراق إذاً؟ وما دور تركيا؟ الأردن ما دوره؟ مجرد أن أكون مركزاً فهم مراكز. عندما تحدثت عن ربط البحار الخمسة، الفكرة ان الموقع الجغرافي الكبير من الممكن أن يكون مركزاً، ولكن من الصعب أن يكون بلداً، ضمن هذا الإطار تحدثت عن المنطقة كلها، سورية جزء. الذي تحقق في هذه المنطقة في شكل أساسي، أولاً، في مجال الكهرباء. الربط الكهربائي أول ما بدأ وأصبح موجوداً موضوع البيع والشراء. الطاقة، أصبحت موجودة. الغاز طبعاً تحقق عن طريق مصر والأردن وسورية، والآن اقتربنا من إنجاز أو إنهاء الخط مع تركيا وهي تبني الآن الخط إلى سورية. بقي بناء ما مسافته 90 كيلومتراً، وهذا الخط هو الذي سيكون جزءاً من خط «ناباكو» باتجاه أذربيجان. كنا نناقش أيضاً خطاً إيرانياً – تركياً - سورياً. هذا لم نذهب إليه فما زلنا في حالة حوار مع الإيرانيين حول سعر الغاز، لذلك لم نبدأ به. لا نستطيع أن نبدأ قبل الاتفاق على سعر الغاز. ما وقعناه مع العراق هو إقامة خطي نفط وخط غاز بين سورية والعراق. هذا الشيء أُنجِز كتوقيع في هذه المرحلة. الآن سيكون هناك لقاء لصوغ المناقصة، ووضع الآليات ومن ثم عملية البناء. هناك زيارة قريبة للرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى سورية؟ - جرى اتصال بيني وبين الرئيس سليمان قبل نحو أسبوع تقريباً، وتكلمنا وكان لديه بعض المعطيات يريد إكمالها. قلت له أن لديّ بعض المعطيات التي لها علاقة بالوضع اللبناني، وعندما تكتمل المعطيات لديّ ولديك من الممكن أن نعقد لقاء، ولكن لم نحدد موعداً . كيف هي العلاقات مع الرئيس سليمان؟ - جيدة جداً، هناك تواصل دوري بيني وبينه على الهاتف. جيدة جداً ؟ - هناك اتصال مباشر وتنسيق دائم. قيل أن سورية لا تقبل من أصدقائها أو من القوى اللبنانية أن تكون في المنطقة الرمادية. هل صحيح أن سورية تريد إما الأبيض وإما الأسود؟ - لا، أحياناً البعض يحاول أن يعرّف التكتيك بأنه منطقة رمادية. التكتيك يُفرض بحسب الساحة. المهم ألا تكون المبادئ رمادية، إذ يجب أن تكون واضحة. مواقف الرئيس ميشال سليمان مثلاً من موضوع المقاومة واضحة، من موضوع لبنان ووحدته واضحة، هذه هي المبادئ، ولا يجوز أن تكون رمادية. أما كيف تتعامل مع القوى اللبنانية كمسؤول، فهذا يصبح موضوعاً ذاتياً. فعندما لا تهمني مواقفك ربما أقيّمك رمادياً، يهمني أن تكون معي، مع الأبيض والأسود معي أو مع الأبيض والأسود مع الآخرين. أعتقد بأن مواقف الرئيس ميشال سليمان واضحة وهو عبّر عنها في شكل معلن، وليس في الجلسات الخاصة فقط. نحن نعتبر أن الرئيس سليمان واضح. العلاقة مع الجوار سؤال له علاقة أيضاً بالزيارات الخارجية، دائماً في الفترة الأخيرة هناك سفر لكم إلى أماكن جديدة، أو إحياء علاقات تاريخية على أسس جديدة. أين تضعون هذه الزيارات، وفي أي سياق؟ - في سياق الخريطة. عندما تكون لديك خريطة، ما الذي يؤثر بك. تركيزنا دائماً أول الأمر على دول الجوار. عندما بدأنا مع تركيا، بدأنا لأنها دولة مجاورة، ونحسّن الآن علاقاتنا مع العراق على رغم الأزمة التي حصلت العام الماضي. هدفنا أن تكون علاقاتنا جيدة مع الدول المجاورة، الشيء ذاته مع لبنان، ومع الأردن الذي كانت العلاقات باردة معه منذ سنوات، واليوم باتت حارة. نحن، أولاً، نريد الطوق القريب، يجب أن تكون علاقتك معه جيدة، ليست لديك مصلحة في أي مشكلة معه. المرحلة التالية، عندما نتكلم عن البحار الخمسة. هي ليست كلها مجاورة، فنحن من خلال هذه الرؤية الإقليمية، لا بد أن نبني علاقاتنا. لذلك، أرمينيا وأذربيجان مجاورتان لتركيا وتعتبران تتمة لها، وقبرص تجاورنا في شكل طبيعي. لكن رومانيا وبلغاريا تقعان على البحر الأسود، وأيضاً أوكرانيا، فنحن نتكلم عن منطقة هي البحر الأسود الذي يجب أن تكون علاقتك جيدة به. الآن نفكر في أن هناك دولاً مهمة بصرف النظر عن هذه الخريطة، لكننا نعطي أولوية للجوار أولاً. ثم للمنطقة الإقليمية التي نتكلم عنها، ثانياً، لأن هناك بنية تحتية مشتركة. ثالثاً، يجب أن تبني تحالفات على مستوى العالم في الاتجاه السياسي في المحافل الدولية وغيرها. هناك دول جيدة، وذهابنا إلى أميركا الجنوبية كان في هذا الإطار. ربما من الصعب أن تبني بنية تحتية لعلاقة في شكل سهل مع أميركا الجنوبية، بسبب البُعد والمحيطات التي بيننا. أما اليوم، فالصين مثلاً تريد أن تبني خط سكك حديد للقطار لنقل البضائع، سيأتي في اتجاه إيران. حسناً، وصلت إلى منطقة البحار الخمسة. ما موقعك الآن من هذه العقدة،عقدة النقل؟ يجب أن تكون جزءاً منها. في المقابل، يجب أن نبدأ التفكير بأفريقيا. الآن ندرس الموضوع. أفريقيا قارة مهمة ولها مستقبل مهم، ولكن ما هي الخريطة التي ستتحرك فيها؟ لا تستطيع أن تتحرك مع قارة بأكملها، ولا بد أن تكون لديك نقاط تركيز بأهمية الدول كي تبدأ العلاقة معها ومن ثم توسعها. نحن نمشي بهذه الخريطة التي نقوم بتكبيرها شيئاً فشيئاً. بؤر، بؤر ومن ثم تتوسع. لدى بعض الدول الأوروبية شعور بأن سورية تدير ظهرها، أولم تعد كما كانت مهتمة بعلاقتها مع الدول الأوروبية، ويعطون مثالاً موضوع اتفاق الشراكة. - لا، هذا مجرد شعور. الفارق أننا دائماً كنا مهتمين وما زلنا. الآن نوسع علاقاتنا مع الدول الأخرى في شكل كبير، ومع مناطق أخرى. الجانب الثاني أن هناك دولاً صاعدة في هذا العالم، قوى صاعدة اقتصادياً وسياسياً، في مقدمها الصين والهند. لا شك أن علاقاتنا معها تاريخية، وأن علاقاتنا المميزة مع القوى التي تصعد حالياً، ينظرون إليها، لا أريد أن أقول على حساب علاقتنا معهم، ولكن في المقارنة أصبحت العلاقة ليست بالأهمية ذاتها كما كانت سابقاً. الجانب الثالث أن الأوروبي هو الذي عزل نفسه عن المنطقة. نحن لم نعزله، هو أضعف نفسه في المنطقة، ولا تستطيع أن تفصل هذه العلاقات عن أهمية الدور الذي يلعبه الأوروبي. عندما يضعف الأوروبي دوره السياسي في منطقة الشرق الأوسط، ستضعف معه أهمية العلاقات الاقتصادية والسياسية، لأنه غير موجود. كيف تقيم علاقة مع جهة موجودة في شكل ضعيف؟ الأوروبي أضعف نفسه. أين نحن من المؤتمر المقبل لحزب «البعث»؟ وماذا تتوقعون من هذا المؤتمر؟ - لدينا تجربتان. نجاح المؤتمر يعتمد على نجاح الانتخابات التي تسبقه. والحقيقة أن أكبر مشكلة واجهتنا في السنين العشر الماضية، خصوصاً السنوات الخمس الماضية، هي الحديث عن انتقاد آليات الانتخاب. أو بمعنى آخر، لم تعبّر الانتخابات عن رغبة كثير من القواعد الحزبية في هذا الإطار. نتائج الانتخابات لم تصل الى مستوى آمال القواعد الحزبية. فالموضوع الذي ندرسه الآن في شكل أساسي: ما هي الآلية الأفضل كي نجلب أفضل الناس إلى المؤتمر، لأنه في النهاية يأخذ القرار نيابة عن كل القواعد الحزبية. إذاً، عندما لا يكون المؤتمر بهذا المستوى، يؤدي ذلك إلى الإحباط أيضاً على المستوى الحزبي. فلا بد أن تكون الآليات التي ندرسها الآن هي التي تُعبّر في الحد الأفضل عن القواعد الحزبية. وعندما نصل إلى المؤتمر يكون قوياً، ويكون لقراراته دعم أكبر على مستوى هذه القواعد. هذا هو التصور الأساسي. أحياناً يفضل أن تعقد مؤتمراً في مرحلة فيها وضوح رؤية، لأنك ستبني سياسة يتبناها الحزب لسنوات، فلا بد أن يكون هناك وضوح أكثر بالنسبة الى التحولات السريعة التي تحدث في محيطنا الإقليمي، أو ربما أبعد من الإقليمي. والنقطة الثالثة الآن اننا نناقش الخطة الخمسية المقبلة. قد يكون هذا أيضاً محوراً مهماً يترك للمؤتمر. هناك عناوين كبيرة، بناءً عليها يمكن أن يتحدد موعد المؤتمر.