لطالما قيل إن المدير الجيد نادر. وصار العثور على من يشغل منصب مدير في شركات الولاياتالمتحدة أمراً عسيراً. وبحسب دراسة عنوانها «قوة عمل الذكور» يتصدر رؤساء الشركات والمدراء التنفيذيون سلم المناصب التي يصعب شغلها في 2009، على رغم تجاوز نسبة العاطلين من العمل عتبة ال10 في المئة. واليوم، مع مشارفة نحو 10 ملايين نسمة من جيل ال «بايبي بومرز» (طفرة الولادات بعد الحرب العالمية الثانية) على التقاعد، في نهاية العام الحالي، ينظر خبراء اقتصاديون ومحللون بعين القلق الى ازمة قيادة الشركات التي تلوح في الافق. وتكثر النظريات التي تتناول مرافق العمل، ولكن قلة منها تتناول إحجام الشباب عن التنافس في العمل. ويبدو أن استاذ إدارة الأعمال، جيفري بفيفر، أفلح في حل لغز ظاهرة فراغ مناصب الإداريين والرؤساء من طريق مراقبة طلابه وملاحظة تصرفاتهم. ويرى بفيفر، وهو صاحب كتاب صدر، أخيراً، عن النفوذ في الشركات، أن الطموح نازع بائت. فهو ليس «على الموضة»، وليس عصرياً بين جيل شباب القوة العاملة. وفي الماضي، كان أصحاب الخبرات والمحترفون الشباب يتوقون الى الترقي في سلم المهنة. وعلى خلاف أسلافهم، يرى الطلاب في كليات ادارة الاعمال أن التنافس بين زملاء العمل غير مألوف و «غريب». فجيل الالفية هذه من الطلاب، وهو يميل الى عمل الفريق، يستسيغ التعاون بين الزملاء، ويُقدمه على التنافس. ويلقي بفيفر بلائمة شيوع الميل الى عمل الفريق ونبذ التنافس على ثقافة الإفراط في دلال الشباب، وتوزيع المكافأة على الطلاب المتفوقين، عوض حصرها بمتفوق واحد، ومنح جائزة المباريات الرياضية الى الفريقين المتنافسين، والإحجام عن مكافأة الفائز منهما. وتُثلج هذه الأوضاع قلوب بعض اللاهثين الى الترقي في سلم المهنة، ولو كانت كفاءاتهم المهنية ضعيفة. فساحة المنافسة خالية أمامهم. والشركات تحتفي بمبادرات موظفيها الفردية، مهما كانت متواضعة ولا يُعتد بها. ويدعو بفيفر طلابه الى الاحتذاء على شاب تقدم للعمل في شركة «ديلويت» للمحاسبة. فهو طلب من المدير التنفيذي ألا يقتصر اللقاء به على مقابلة التوظيف، وأن يتناول معه العشاء مرة سنوياً. وهذا الضرب من الجرأة قد لا يجمع الاصدقاء حول الموظف، ولكنه يضمن له مكتباً خاصاً (منصب مدير أو رئيس). * صحافي، عن «نيوزويك» الاميركية، 25/10/2010، إعداد منال نحاس.