قصيدة التمساح انحنيتُ لدى حافةِ الماءِ، وإذا ما كانت الطيورُ البيضاءُ الواقفةُ على قمم الأشجارِ قد أرسلتْ أي تحذيرٍ فإنني لم أفهمه، لقد كنتُ أشربُ الماء حتى اللحظة التي جاء فيها مندفعاً باتجاهي، كان ذيله يتطوّحُ مثل حشدٍ من السيوفِ، قاطعاً العشب، وكان الجزءُ الداخليُّ من فمه الذي يشبه المهدَ منفرجاً، ومحفوفاً بالأنيابِ- وهكذا أوشكتُ على الموتِ بسبب الحماقةِ في فلوريدا الجميلة. ولكنني لم أمتْ. تنحيتُ جانباً، وسقطتُ، ومضى مسرعاً متخطياً إيايَ، محطماً كلَّ شيءٍ في طريقه حين مضى في سبيله إلى الماءِ ملقياً بنفسه فيه، وفي نهايةِ المطافِ، هذه ليستْ قصيدةً عن الحماقةِ بل عن كيف نهضتُ من على الأرض وشاهدتُ العالم كما لو للمرةِ الثانيةِ، تماماً كما هو. الماءُ، تلك الدائرةُ من الزجاجِ المهشَّمِ، شفى نفسه بهمسةٍ بطيئةٍ واضطجعَ وقد بدا مضيئاً كالمعدن المصقولِ والطيورُ، في الشلالاتِ اللامتناهيةِ للأشجارِ، نفضتِ الطياتِ المتجمدة لأجنحتها، وحلقتْ بعيداً، في حين، لأحتفظَ بها كتذكارٍ، ولكي لا يختل توازني، مددتُ يدي، وقطفتُ الأزهارَ البريةَ من العشبِ الذي يحيطُ بي- نجوم زرقاء وأزهار بوقية فاقعة الحمرة فوق سوق طويلة خضراء- ولساعات في يدي الراجفتين التمعت مثل نار. الأرز لقد نما في الطمي الأسودِ. لقد نما تحت براثنِ النمر البرتقالية. سوقه أنحف من الشموعِ، وفي مثل استقامتها. أوراقه مثل ريش طيور البلشون، ولكنها خضراء. الحبوب ترتفع راغبة في أن تنفجرَ. آه ، يا دم النمر. لا أريدك أن تكتفي بالجلوس لدى الطاولة. لا أريدك أن تكتفي بالأكلِ، وأن تستشعر الرضا. أريدك أن تمشي في الحقول حيث الماء يلتمع، وحيث ارتفع الأرز. أريدك أن تقف هناك، بعيداً عن غطاء الطاولة الأبيض. أريدك أن تملأ كفيكَ بالطمي، كما لو كان شيئاً مباركاً. مرارة أعتقد أنك لم تحظ بحياة سعيدة. أعتقد أنك قد خدعت. أعتقد بأن أفضل أصدقائك كانا الوحدة والشقاء. أعتقد بأن ألد أعدائك كانا الغضب والكآبة. أعتقد أن البهجة كانت لعبة لا تستطيع أن تلعبها دون أن تتعثر. أعتقد بأن الراحة، بالرغم من أنك كنت تشتهيها، كانت غريبة عليك إلى الأبد. أعتقد بأن على الموسيقى أن تكون كئيبة وإلا فلا لزوم لها. أعتقد أنه ما من حلية، وما من معدن ثمينٍ، قد شع مشرقا مثل شعورك بالمرارة. أعتقد أنك تضطجع أخيرا في تابوتك دون أن تبلغ الحكمة ودون أن تستشعر الرضا. إيه أيها الراقد البارد الجسد البلا أحلام تحت أزهار الهضاب البرية الفاقدة الحس المهملة المسالمة. * ولدت ماري أوليفر في عام 1935 وحازت على جائزة البوليتزر الشهيرة عن أحد مجموعاتها الشعرية عام 1983 وهي شديدة الاحتفاء في شعرها بالمشهد الطبيعي الأميركي بكل ما يحتوي عليه من كائنات ومخلوقات، خصوصاً في مسقط رأسها كليفلاند، أوهايو حيث كثيراً ما عمدت إلى استعادة العديد من اللقطات المرتبطة بصباها وطفولتها في إطار ميثلوجي يقارب الأسطورة.