«حين أقف على خشبة المسرح أشعر بأنني السيدة، وأنني أملك هذا العالم، وتصفيق الجمهور لي يمنحني شعوراً غريباً بالسعادة الطاغية». وصف جميل لشعور الفنانة المصرية سميحة أيوب التي تعد سيدة المسرح العربي، بعدما قدمت أكثر من 150عملاً تعد من روائع المسرح العربي، ومنها «كسبنا البريمو» و «دائرة الطباشير القوقازية» و «العمر لحظة» و «البخيل» و «كوبري الناموس»، إلى جانب عدد من الأفلام منها «المتمرد» و «أدهم الشرقاوي» و «المهرج الكبير» وعشرات المسلسلات الناجحة ومنها «زهرة في الأرض البور» و «الضوء الشارد» و «أوان الورد» و «أميرة في عابدين» و «ولاد الشوارع» و «المصراوية» و «اغتيال شمس» الذي عرض في رمضان الماضي وشاركت في بطولته أمام صفاء أبو السعود وخالد زكي. وترى أيوب أن المسرح أبو الفنون «لو أنني لم أركز في البداية عليه لم أكن لأسمى سيدة المسرح العربي، والمسرح يحتاج إلى صبر وجلد، لا بد من أن تعطيه وقتك كاملاً وإذا تبقى منه شيء تعطيه للسينما أو للتلفزيون، وأذكر أن المنتجة الراحلة آسيا عرضت عليّ ذات مرة بطولة فيلم كبير وبأجر خيالي، وكنت وقتها أقدم مسرحية «الإنسان الطيب» وبأجر شهري 15 جنيهاً إلا إنني اعتذرت لأنني كنت أنتقي القيمة، وطوال مشواري الفني أحمل المسؤولية ولا أتاجر بفني أو أهبط به أو بسلوكي، ولم أتذمر يوماً ما أو أنظر إلى ما في يد غيري، وكنت مشغولة ومهمومة بما أفعله، ومتصالحة مع نفسي وانتهجت هذه الفلسفة منذ صغري وقبل أن أنضج فنياً أو إنسانياً». وتعتبر أيوب نفسها محظوظة، كونها عملت في فترة زمنية خصبة من حيث الحركة الفنية والنقدية والموسيقية، «كان يوجد فيضان من المثقفين، وكان يتم تقييم الجميع في شكل علمي وأدبي رائع». وتؤكد أن الرعب من مواجهة الجمهور لم يتخل عنها يوماً منذ بدايتها وإلى الآن حين تقف على خشبة المسرح، «في ليلة افتتاح أي عرض تنتابني كوابيس وبعد انتهائه أشعر بالارتياح وبأن جمهوري راضٍ عني». وأرجعت إخراجها مسرحيتين فقط وقلة عدد المخرجات في المسرح إلى أن الإخراج عمل إبداعي، وتقول: «أخرجت مسرحيتي «مقالب عطيات» و «ليلة الحنة» وأنا فنانة ممثلة في المقام الأول، والإبداع لا علاقة له بالجنس سواء كان رجلاً أو امرأة، لأنه عمل إنساني وموهبة، وسبب ندرة المخرجات في المسرح مرده الفرصة التي يضن بها الكثيرون على المرأة، فنادراً ما تجد شخصيات متفهمة تقدم على إعطاء المرأة الفرصة لقيادة عمل فني». وعن توقفها عن الإنتاج المسرحي توضح: «شعرت بعد إنتاج مسرحيتي «الفرافير» ليوسف إدريس و «كوبري الناموس» لسعد الدين وهبة بالملل لأنني واجهت عقبات بيروقراطية هائلة ليست لها علاقة بالفن فانتجت بعد ذلك مسرحية واحدة ثم قررت الهروب من هذا المجال». وتتفاءل أيوب بالمسرح حالياً «مرت سنوات طويلة من الرقص من دون مسرح في عشرات العروض، ولكن يبدو أن موضة الفيديو كليب أخذت الراقصات وعاد المسرح إلينا، وأتمنى أن تعود الثقة للمتفرج، لأن الجمهور ابتعد عن المسرح بسبب عدم ثقته في ما يقدم». وعن تجربتها كممثلة في إدارة المسرح القومي لدورتين متتاليتين، تقول: «عملت في إدارة المسرح طوال 14 عاماً، والمسألة تكمن في أن هناك شخصاً قادراً على الإدارة ، وإدارتي لم تكن اعتباطاً، كانت المسؤولية ثقيلة على كاهلي لكنني كنت متفهمة وأعرف كيف أخرج نفسي من الصورة وألا أخلط الأوراق، وهذا كان مهماً فالقدرة على التجريد ورؤية الأعمال من بعد والعدالة شرط أساسي لنجاح الإدارة وأزعم أنني كنت ناجحة». وحول إعادة محمد صبحي قبل سنوات تقديم بعض العروض القديمة ومنها «سكة السلامة»، أشارت إلى أنها «كانت تجربة جميلة، حيث أجرى صبحي تغييرات لكنها لم تمتد إلى جوهر العمل، ولكن، معتمداً على النص الأصلي وليس تقديم العرض كما كان تماماً». وتنصح أيوب الجيل الجديد بالالتزام بالمواعيد وعدم الغرور والتعالي وعدم تعجل الشهرة، «لأنها ستأتي مع الأيام، وعدم قبول أي دور من أجل المال والكسب السريع، رأيت فيهم موهوبين كثراً ولكنهم في حاجة إلى رمز، واخشى أن يصبحوا مثل الشهب يلمعون وينطفئون مرة واحدة». ولمحافظة الفنان على توهجه الفني على رغم مراحله العمرية المختلفة، توضح أنه يجب على الفنان أن يسلح نفسه بالثقافة وأن لا يقف أمام الصغائر، وأن يكون غنياً وكبيراً من الداخل بعيداً من محاولة السير مع الركب والنغمة الجديدة الهابطة. وترى أيوب أن تجسيد حياة الفنانين في مسلسلات تلفزيونية أمر لا بأس فيه «لأنهم رموز فنية تشتاق الناس إلى معرفة الجوانب الإنسانية لديهم مثل أي فيلم أو مسرحية. «لا أرى في هذا الأمر افلاساً لأن السير الذاتية للأعلام الذكية مهمة جداً في التعريف بصاحب السيرة وأسباب نجاحه وتفوقه». وتشير إلى أن أقرب أدوارها إلى قلبها «السبنسة» و «سكة السلامة» و «كوبري الناموس» و «رابعة العدوية» و «الفتي مهران» و «الزير سالم» و «الانسان الطيب» و «انطونيو» و «كليوباترا». ومن ابرز الجوائز التي حصلت عليها وتفتخر بها وسام الجمهورية من الرئيس جمال عبدالناصر عام 1962، ووسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس السوري حافظ الأسد عام 1975، والوسام الثالث من الرئيس الفرنسي جيسكار ديستان عام 1992.