في وقت بدأ السعوديون يتداولون عملتهم الجديدة برموزها وفئاتها، كان لافتاً أن رمزاً مثل القدس الشريف وقبة الصخرة بقي ثابتاً ولم يطاوله التغيير، على رغم مزايدات أطياف سياسية وإسلامية على الموقف السعودي، بزعمها أن آراء لمثقفين سعوديين بالانفتاح على فلسطين والدعوة إلى زيارتها، تعني تفريطاً في النهج السياسي العريق للمملكة نحو «قضية فلسطين». وأعرب سفير فلسطين لدى المملكة باسم آغا عن اعتزازه بالمبادرة السعودية، واعتبرها نادرة، لافتاً إلى أن دولاً عدة اكتفت بطوابع البريد في تخليدها للهوية الفلسطينية في وجدان شعوبها، إلا أن موقف السعودية تجاوز إلى طبع عملة دائمة لعقود، رمزها المسجد الأقصى وقبة الصخرة. وقال آغا في اتصال مع «الحياة» إن السعوديين صارحوه بأن موقفهم من بلاده «ليس سياسياً، بل نهج عقدي لا يتبدل، تجسيداً للربط الإلهي بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى في محكم التنزيل». مشيراً إلى أن القادة السعوديين كانوا يصارحون نظراءهم الفلسطينيين بأن بوسعهم التفاوض عن كل شيء في بلادهم سوى «القدس»، فهي ليست أرضاً بالقدر الذي هي هوية فلسطينية وعربية وإسلامية، ولا معنى لدولة فلسطينية من دونها. وكان الإصدار السادس من العملة السعودية، وهو الأول الذي يطبع في عهد الملك سلمان، شهد تغيرات كبيرة، في الرموز والفئات، وأعاد الاعتبار للعملة النقدية، وطبعها بفئات عدة للمرة الأولى مثل فئتي «الريالين وخمسة ريالات»، إلى جانب إلغاء الريال الورقي، وإحلال المعدني بديلاً عنه. وبينما تغيرت صور عدة، وحلت أخرى مكانها في هذا العهد، وعهود سبقت، إلا أن رمز فلسطين، بقي ثابتاً منذ تخليده 1984 متمثلاً في تربع صورتي الأقصى، وقبة الصخرة على جانبي «الخمسين» ريالاً، وهي ثالث فئات العملة قيمة، بعد ال500 وال100 ريال، إذ كان المسجد الحرام بين رموز الأولى، والمسجد النبوي الشريف هوية الأخرى. ولفت السفير الفلسطيني، إلى أن أفضل رد على المزايدين، وأولئك الذين يدعون إلى التطبيع، هو «لغة المواقف التي أثبتت عبر التاريخ أن قضيتنا في صلب السياسة السعودية الداخلية والخارجية، فالقدس بالنسبة للمملكة كالحرمين (مكة والمدينة)، وهو موقف أكده لنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وفي كل المناسبات باق، ويزيد صلابة ووضوحاً، وما العملة إلا موقف بين مواقف كثيرة». يأتي ذلك في وقت يحاول فلسطينيون، رد الجميل إلى السعودية، باعتبارها صاحبة اليد العليا في صمودهم، وأطلقت سفارتهم في الرياض حملة تضامن مع الجنود المرابطين في الحد الجنوبي، دفاعاً عن الحرمين الشريفين وساكنيها، تعبيراً عن «الحب» الذي يصفه الفريقان دوما بأنه «ثابت ويزيد»، ولا أنه «فيما يبيد يبيد».