شهدت مدينة أعزاز، معقل فصائل المعارضة في شمال سورية، مذبحة أمس أوقعت عشرات المواطنين والمسلحين، وبينهم قضاة شرعيون في الفصائل المحسوبة على تركيا. وفي حين اتجهت الأنظار في المسؤولية عن المذبحة التي نُفّذت بصهريج مفخخ إلى تنظيم «داعش»، قال ناشطون إن أعداد القتلى قد تصل إلى 60، فيما أشار «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إلى 48 قتيلاً بينهم «5 قضاة إسلاميين و14 مقاتلاً وحارساً ينتمون إلى الفصائل»، ومؤكداً وجود «جثث متفحمة لم يتم التعرف إليها». (للمزيد) في الوقت ذاته، توقفت العمليات العسكرية أمس في وادي بردى قرب دمشق، بعد التوصل إلى اتفاق أعده وسطاء من المنطقة يبدأ ب «تحييد المياه» عن المعركة، على أن تنفّذ لاحقاً بنوده الأخرى التي تشمل، مرة جديدة، ترحيل مسلحين من المعارضة إلى إدلب، معقل الجماعات الإسلامية في شمال غربي البلاد. وفيما أكد «حزب الله» الذي يشارك في المعارك إلى جانب القوات الحكومية، أن هدنة وادي بردى بدأت التاسعة صباحاً بعد زيارة «وفد روسي» للمنطقة الجمعة، ظلّت موسكو ملتزمة صمتاً مطبقاً، على رغم إشارة وسائل إعلام حكومية إلى استياء روسي بسبب التصعيد الذي شهدته المنطقة في الأيام الأخيرة. وتجنبت وزارة الدفاع الروسية تأكيد أو نفي دخول ضباط روس إلى وادي بردى. وسواء جاء الاتفاق على التهدئة في «خزان مياه دمشق»، كما توصف منطقة وادي بردى، بناء على «أمر روسي» أو كان نتيجة جهد وسطاء محليين، فإن ذلك سيساهم في تذليل عقبة جديدة أمام مفاوضات آستانة المقررة أواخر الشهر الجاري، بعدما كانت فصائل المعارضة وبدعم تركي، تشترط أن يشمل وقف النار الذي دخل يومه التاسع منطقة وادي بردى أيضاً، وإلا فإنها ستعتبر الهدنة منتهية ولن تشارك في التحضير لمفاوضات السلام. وأفيد بأن وادي بردى شهد هدوءاً أمس على خلفية اتفاق بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة يقضي بالسماح بدخول فرق صيانة لإصلاح الأعطال في محطات ضخ المياه التي تغذّي العاصمة السورية «العطشى» منذ توقف الإمداد عنها أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وأفاد «المرصد» بأن طرفي القتال توصلا إلى اتفاق ينص على «إعادة ضخ المياه من نبع عين الفيجة ووادي بردى إلى دمشق» قبل البدء بتنفيذ بقية بنوده «على أن يتحمل كل جانب مسؤولية عرقلة الاتفاق أو إعاقة تنفيذ بنوده». ولفت «المرصد» إلى أن الاتفاق الذي أعده «وسطاء» في وادي بردى يستند إلى «تحييد المياه عن أي اشتباكات أو اقتتال، وإدخال ورشات صيانة لإصلاح النبع ومضخات المياه، وإعادة ضخها إلى دمشق، لإثبات أن الفصائل ليست هي من قطع المياه عن العاصمة». وتضمن الاتفاق «تسوية أوضاع المطلوبين لأي جهة أمنية كانت» وإرسال «المسلحين من خارج المنطقة، بسلاحهم الخفيف، إلى إدلب مع عائلاتهم». في غضون ذلك، باشرت القوات البحرية الروسية في المتوسط استعدادات لتنفيذ أوامر بسحب الجزء الأكبر من القطعات البحرية المرابطة قرب الشواطئ السورية. واعتبر الأميرال فيتشيسلاف بوبوف القائد السابق لأسطول بحر الشمال الذي يضم غالبية القطع البحرية المنوي سحبها وبينها حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف» والطراد الصاروخي النووي الثقيل «بطرس الأكبر»، أن مجموعة السفن الحربية التي ستغادر شرق البحر المتوسط، ستبقى متأهبة لعودة محتملة إلى الشاطئ السوري، موضحاً أن «المجموعة ستعود إلى المنطقة إذا حدث أي أمر يهدد حل الأزمة السورية أو التسوية السياسية». واعتبر أن الظروف الراهنة تسمح بإعادة المجموعة البحرية الروسية إلى قواعدها، لكن هذا «لا يعني انتهاء مهماتها». سياسياً، أعلنت الخارجية الروسية أن الوزير سيرغي لافروف بحث مع نظيره الفرنسي جان مارك إرولت ليل الجمعة، أزمتي سورية وأوكرانيا. وأوضحت أن الجانب الروسي أكد في المكالمة الهاتفية، أن اللقاء المنتظر في آستانة يجب أن يكون «حلقة مكملة لمسار جنيف»، ويهدف إلى «جمع وتوحيد الأطراف التي تمتلك سيطرة على الأرض». على صعيد آخر، أوردت شبكة «الدرر الشامية» المعارضة، أن 9 فصائل بارزة اتفقت أمس على تشكيل «مجلس قيادة تحرير سورية» من أجل تنظيم العمل العسكري والسياسي في مواجهة الحكم السوري وداعميه، وذلك «بعد مشاورات استمرت لأشهر». وأشارت إلى أن الاتفاق يقضي بتشكيل «هيئة عسكرية» و «هيئة سياسية» على أن يكون «قادة الفصائل هم أعضاء مجلس القيادة». وأضافت أن من المتوقع الإعلان رسمياً عن هذا الاتفاق «خلال أيام»، مشيرة إلى أنه يشمل فصائل «حركة أحرار الشام الإسلامية» و «جيش الإسلام» و «جبهة أهل الشام» و «الجبهة الشامية» و «تجمع فاستقم كما أمرت» و «صقور الشام» و «أجناد الشام» و «فيلق الشام» و «فيلق الرحمن». وخلا الاتفاق من فصيل «جبهة فتح الشام» («النصرة» سابقاً) الذي يتردد على نطاق واسع أنها تحضّر لوحدة مع فصائل بارزة.