عقد برنامج الفوزان لخدمة المجتمع ومنتدى ثروات للشركات العائلية، أول منتدى متخصص في شريعة الوقف ودورها في الحفاظ على ثروات الشركات العائلية، بمشاركة عدد من الخبراء والمهتمين ورجال الأعمالهدف المنتدى إلى التعريف بهذه الشريعة المهمة في الإسلام والسبل الكفيلة للتأكد من استمرارية الوقف من جهة، وضرورة تضمين الصيغة الموحدة للوقف في دستور الشركة العائلية وكذلك الحفاظ على ديمومة الثروة. وأقيم المنتدى الذي عقد في المقر الرئيسي لمجموعة الفوزان القابضة في مدينة الخبر، في ظل الدور الذي يقوم به برنامج الفوزان لخدمة المجتمع من طرح لسلسلة من القضايا المهمة وبحثها للخروج بأفضل النتائج وكيفية التعامل معها، في الوقت الذي ترغب فيه العائلات التجارية أن تستفيد من الوقف مع انتشار استخدامه على نطاق واسع في منطقة الخليج العربي. وقال رئيس مجلس إدارة البرنامج عبدالله عبداللطيف الفوزان: «إن إقامة المنتدى يأتي ضمن أهداف المجموعة في التعريف ببعض الممارسات المهمة التي تسهم في استفادة تطبيق الشركات العائلية لها، وأثر تلك الممارسات في أعمال الشركات العائلية التجارية. وحيث ان معظم اقتصادات دول الخليج العربي تدار من شركات عائلية، فإن موضوع الوقف في غاية الأهمية والحساسية في آن». وأضاف: «شريعة الوقف تعد واحدة من أهم الشرائع التي حث عليها ديننا الحنيف، وبالتالي نحن نعمل مع مجموعة من الخبراء على مناقشة كيفية تعرّف الشركات العائلية على السمات الجوهرية لشريعة الوقف، وكيف يمكن الاستفادة من هذه الشريعة في مراحل نموها المتعددة». ولتشريع سنة الوقف حكمة عظيمة، تتمثل أبرزها في إيجاد مصدر تمويلي دائم لتحقيق مصالح خاصة ومنافع عامة، يسهم فيها من وسّع الله عليهم من ذوي الغنى واليسر، ويعد الوقف سبباً رئيسياً في قيام المساجد والمدارس والأربطة (المساكن الخيرية) ونحوها من أعمال الخير، والمحافظة عليها. وشارك في المنتدى عمار شطا، الذي سلط الأضواء في محاضرته التي كانت بعنوان: «صناعة الوقف: حلول مهنيه لتعظيم وحفظ الثروات»، على الوسائل التي يمكن لبعض الشركات العائلية إدارة مسألة الوقف بها، والأمور القانونية والإدارية المتعلقة بذلك، وكذلك شارك الدكتور عصام حسن محمد كوثر من جامعة الملك عبدالعزيز فألقى محاضرة بعنوان: «الإنشاء وتطوير الأوقاف وتنميتها»، وتناولت ورقته السياق التاريخي للوقف والممارسات التي من شأنها رفع شأن هذه الشعيرة الخالدة. إلى جانب ذلك استعرض المتحدثون عدداً من السمات الخاصة بشريعة الوقف، التي تسهم في تعزيز نمو الشركات العائلية على مدى مراحلها المتعددة. وبعد ذلك ألقى نائب المدير العام لشركة «الفوزان للعدد والأدوات» عبدالعزيز بن فيصل البريكان، كلمة تلخص مبادرة الفوزان للوقف. ويعد البريكان من الجيل الثالث لعائلة الفوزان. وشهد المنتدى مشاركة عدد من رؤساء مجالس الإدارات في الشركات العائلية على مستوى المملكة والخليج العربي، إضافة إلى تنفيذيين من تلك الشركات، مع مناقشة واسعة من الحضور مع المشاركين في المنتدى. وبادرت مجموعة الفوزان ممثلة في مركز الفوزان لخدمة المجتمع إلى العمل على وضع آلية تكفل ديمومة الوقف وحفظها على تعاقب الأجيال وتضمن استمرارية الشركات العائلية ومساعدتها في تخطي العقبات المالية. وحول ذلك يقول الفوزان: «كان مفهوم الوقف محصوراً في عدد من الأنشطة التقليدية، ولكن مع التطورات الحالية بدأ الوقف يأخذ أشكالاً جديدة، ستسهم في تغيير خريطة الوقف في المملكة، وتعمل على تعزيز حضور هذه الشعيرة بشكل داعم للعمل الخيري في البلاد». وأشار في معرض حديثه عن الوقف إلى حاجة الشركات العائلية إلى إيجاد آلية معينة أو كيان مستقل تتم بموجبه إدارة الوصايا من الشركاء حال حياتهم وكذلك إدارة الوقف بعد الممات وتضمين ما يتم الاتفاق عليه في صيغة وصية موحدة تمثل هذه الوصية أحد بنود دستور العائلة. وأضاف: «لا يوجد حالياً أي تنظيم يؤسس أو ينظم عمل الشركات الوقفية، بل تقوم بهذا الدور في الوقت الراهن هيئة الأوقاف، فيما يدعو إلى إقامة مثل هذه الشركات الوقفية بشكل يضمن استدامة اسم الشركة ويضمن امتداد عطاء الوقف ويصون الشركاء من تشرذم أفراد العائلة وتفككها أو تغيّر استراتيجياتها. وهو ما يسد الباب مستقبلاً على كل ذريعة تسهم في تشتيت هذا الإرث الخيّر، وفي تنظيم عملية الانتقال من جيل إلى آخر ومن دون التأثير في ديمومة الثروات العائلية. ويشير عبدالله الفوزان إلى وجود مقترحين في الوقت الراهن، إما بتأسيس شركة ذات مسؤولية محدودة تمثل الوصايا فيه حصص رأسمال الشركة من الشركاء الموصين بجزء من أموالهم، وتظل هذه الشركة على هيئتها الصورية إلى حين وفاة الشريك الموصي. وفي هذا الصدد قد تبرز إلى الأفق معوقات يتمحور مجملها في تمثيل المتوفى لحصته في الشركة وكذلك إعداد اتفاق يتضمن جميع النصوص التي لا يمكن تضمينها في عقد التأسيس النظامي من توزيع للأرباح وما يسجل باسمه في حال وفاة الشريك الموصي، وكذلك تضمين صيغة الوصية الموحدة في العقد. أما المقترح الثاني فيتلخص في الرفع للمقام السامي بفكرة تكوين شركة تعنى بالأمور الوقفية للشركات العائلية. وألمح الفوزان إلى ضرورة تشكيل لجنة تتكون من مجموعة من الأشخاص المهتمين بالوقف والمتخصصين في الجوانب الإدارية والمالية والقانونية والشرعية وغيرها لتقوم على إعداد مسودة نظام يتيح للأفراد والشركات الحق في إنشاء شركات وقفية ذات كيان قانوني مستقل ورأسمال منفصل، وهو ما يتيح لها طرق سبل الاستثمار ومزاولة جميع النشاطات التجارية المختلفة. وفي هذا الإطار يشير الفوزان إلى ضرورة تكاتف جميع شرائح المجتمع من مسؤولين ورجال أعمال وغرف تجارية ووسائل إعلامية لنشر رسالة اللجنة وأهدافها المقترحة ليتحقق بذلك نشر رؤى وآمال هذه المبادرة على المستويين المحلي والإقليمي. وكان من أهم محاور المنتدى، إضافة إلى المحاضرات هو عقد حلقات نقاش بطريقه تفاعلية، وهو ما أتاح للجميع المشاركة وإبداء الرأي في مسألة الوقف وارتباطها بالوصية وكذالك بديمومة الثروة للشركات العائلية. وكان من أهم التوصيات التي تمخضت عن حلقات النقاش هي ضرورة إقامة (بنك الأوقاف) يختص بالتعامل مع هذه القضية المهمة والحساسة في الحين ذاته. وكذلك رأى المجتمعون ضرورة العمل على تفعيل صيغة الوصية الموحدة للشركات العائلية والتي تضمن استمرارية العطاء الخيري من دون التأثير في بقاء الثروة. ويتوقع أن يؤسس هذا المنتدى لسلسلة من المنتديات وورش العمل في دول الخليج العربي لحين الوصول للصيغة المثلى التي تخدم مصالح الشركات العائلية وتصون ثرواتها للأجيال القادمة مع دورها في خدمة مجتمعاتها واقتصادياتها المحلية.