أوضح رئيس مجلس إدارة «كي بي إم جي» الشرق الأوسط وجنوب آسيا والسعودية عبدالله الفوزان أن وتيرة الإنفاق الحكومي في 2016، لم تنقص كما هو متوقع، بل بلغ إجمالي الإنفاق 930 بليون ريال مقارنة بإنفاق 860 بليون ريال في 2015، الأمر الذي ينفي وجود انكماش في ما تصرفه الحكومة ويؤكد تنفيذ المشاريع على رغم تحديات تراجع سعر النفط، وهو ما ينطبق على موازنة 2017. وأشار إلى أنه على رغم انخفاض الإيرادات النفطية في 2016 من 446 إلى 329 بليون ريال، إلا أن الإيرادات غير النفطية زادت من 166 إلى 199 بليون ريال، وهو ما يعكس سلامة التوجه للموارد البديلة للنفط، إذ تسبب وصول سعر برميل النفط لأقل من 30 دولاراً إلى انخفاض إجمالي الموارد النفطية من 612 إلى 528 بليون ريال، بناءً عليه اتجهت الدولة لتغطية العجز الفعلي البالغ 402 بليون ريال عن طريق شراء السندات الداخلية والخارجية بمبلغ 316 بليون ريال، وحصلت على بقية المبلغ من الاحتياطات، لكن العجز الذي بلغ 13 في المئة من مستوى الدخل القومي الإجمالي لم يشكل جانباً سلبياً لموازنة الدولة كما يذهب لذلك البعض، بل هو مؤشر صحي يؤكد أن الدولة لا تتوقف عن دعم مشاريعها التوسعية بسبب أي عجز، بل تلجأ للاقتراض وفق نسب محددة حتى لا يتأثر اقتصادها، ولعل خطوة وزير المالية بعرض الصكوك والسندات للمواطنين ستسهم بالتحفيز على الاستثمار والادخار. واستطرد الفوزان بالقول: «إن موازنة 2017 أشارت أيضاً لزيادة الإيرادات من 692 بليون ريال في 2016 إلى 890 بليون ريال للعام الجديد، بارتفاع يصل إلى 31 في المئة عن العام الماضي بسبب الارتفاع التدريجي الذي شهده أخيراً سعر النفط، ما يؤكد رغبة الدولة في رفع الإنفاق بما يتوافق وبرنامج التحول الوطني». وأضاف: «حملت الموازنة بين جوانبها الكثير من الشفافية والوضوح، كما اهتمت كثيراً بقطاعي التعليم والصحة، وأعطتهما أولوية في الإنفاق حين خصصت لهما ما يعادل 34 في المئة منها، وهذا يؤكد أن دعم رفاهية المواطن هو في صلب هموم واهتمام الدولة، أما تخصيص أكثر من 30 في المئة لقطاع الأمن فاقتضته الظروف المحيطة، كما أن الاهتمام بالقطاعات الأساسية يدل على ارتباط الموازنة بالمشاريع الكبرى في قطاع النقل ومشاريع الدعم اللوجستي». وثمن الفوزان المبادرة برصد 51 بليون ريال لإكمال مشاريع الحرمين الشريفين، والالتزام بمواصلة مشروع الابتعاث الخارجي، مما يبرهن على عزم الحكومة على تنفيذ مكونات برنامج التحول الوطني المعلن عنها، خصوصاً وأنه رصدت لذلك 268 بليون ريال للفترة من 2017 وحتى 2020. وأشار الفوزان إلى أنه من أهم ما حمله إعلان الموازنة اعتماد إصلاحات مالية وهيكلية تعرف المختصين والمواطنين عن طرق إدارة الأموال، إضافة إلى تضمنها بنوداً لقياس مدى الالتزام بهذه الإصلاحات، إذ سيتم إعداد تقارير بشكل دوري ووفق منهجية حديثة لإدارة أموال وأصول الدولة، وهذا يمثل مستوى قياسياً للشفافية في التعامل مع هذه الأصول. مضيفاً: «هنالك بند يهم المواطن أولته الموازنة اهتماماً كبيراً، وهو يتعلق بمراجعة وتقويم الدعم الحكومي لقطاعات الكهرباء والمياه وتوجيهه بالكامل لمصلحة المواطن ورفع مستوى الدخل لديه وزيادة قدرته الشرائية، إضافة إلى فرض الرسوم أو تعديلها لتحقيق التوازن المالي المطلوب». وأضاف الفوزان: «نلاحظ أيضاً عملية التحول في التعامل المحاسبي وإدارة التمويل من مبدأ الأساس النقدي إلى مبدا أساس الاستحقاق، وهذا المنحى الجديد يتيح القدرة على التنبؤ وإدارة الموارد بطريقة تضبط مستويات الإنفاق وتساهم في ضبط الالتزامات المتعلقة بالموازنة والتوقعات المستقبلية لها. وبشكل عام، يمكننا القول إنَّ الموازنة الجديدة تحمل كل دلالات التفاؤل وتشير إلى عمليات ضخ كبرى لرأس المال والالتزام بالدفع للمقاولين خلال 60 يوماً فقط من الاستحقاق، مما يدعم أيضاً مساهمة القطاع الخاص في مسيرة التنمية». ونوه إلى أهمية الالتزام بالمبادرات الرئيسة المتفق عليها في ما يتعلق ببرنامج التحول الوطني كبرنامج مستقبلي واستراتيجي، وإلى ضرورة استمرار جهود مكافحة الفساد ومكافحة هدر الموارد العامة، مشيراً إلى أنَّ الأمرين سيدعمان تحقيق خطط الدولة وتلبية تطلعات الوطن والمواطن وتحقيق أهداف التنمية والاقتصاد. اعتبر الفوزان أنه بالنظر إلى أن اقتصاد السعودية يعد من أكبر الاقتصادات في المنطقة، لذلك فإنَّ الحديث عن موازنة الحكومة وما ورد فيها من مؤشرات وأرقام أمر له تأثيره ليس في المملكة وحسب، بل على مستوى المنطقة أيضاً، خصوصاً لكونها أول موازنة تأتي بعد إعلان رؤية المملكة 2030 وبرنامج التحول الوطني2020، الأمر الذي يواكب تطلعات الوطن والمواطن في بلورة البرامج إلى خطى فعلية. وقال: «جسدت الموازنة التي صدرت أخيراً فرصة للاطلاع على نتائج الإجراءات التي قامت بها الدولة لتحسين الوضع المالي للعام الماضي، سواءً عن طريق إعادة الهيكلة أم الإجراءات التقشفية الأخيرة، إذ كان لذلك ما يبرره في ضوء انخفاض سعر النفط، المورد الرئيس للدولة».