نفذ تنظيم «داعش» اوامر «الخليفة» أبو بكر البغدادي وأعلن للمرة الأولى أمس، مسؤوليته عن هجوم إرهابي في تركيا، إذ تبنّى المجزرة التي ارتكبها مسلّح في ملهى ليلي في إسطنبول ليلة رأس السنة، وأوقعت 39 قتيلاً، أكثر من نصفهم عرب. وذكر نائب رئيس الوزراء التركي نعمان كورتولموش، أن الشرطة أوقفت ثمانية أشخاص في إسطنبول تشتبه في تورطهم بالهجوم. وأضاف أن السلطات اقتربت من تحديد هوية المنفّذ الفارّ للجريمة، بعدما جمعت «معلومات عن بصماته ومظهره الخارجي». ورسمت الشرطة صورة تقريبية للمشتبه فيه ووزعتها على الاعلام. وتابع كورتولموش في إشارة إلى الإرهابيين: «أرادوا من هذا الاعتداء أن يؤكدوا أنهم لا يزالون يشكّلون كابوساً لتركيا التي عاشت عاماً صعباً. لكننا نقول لهم: أينما كنتم سنطاردكم، وبعون الله ودعم أمّتنا، سنُركعكم وستتلقّون الجزاء الذي تستحقونه». وروى ناجون تفاصيل عن المجزرة، ومعرفة الجاني بداخل ملهى «رينا» الشهير الذي شهد الهجوم الذي يذكّر باقتحام مسرح «باتاكلان» في باريس، في تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، خلال تفجيرات واعتداءات أوقعت 130 قتيلاً. وكانت معلومات أفادت بأن الولاياتالمتحدة حذرت تركيا من هجوم على الملهى، لكن مالكه محمد كوشرسلان أكد أن التهديد الإرهابي لم يستهدف «رينا» في شكل محدد، مستدركاً أن الشرطة اتخذت تدابير أمنية مشددة في المنطقة في الفترة التي سبقت رأس السنة. لكنه استغرب وصول القاتل إلى الملهى «على رغم كل المعلومات الاستخباراتية والتدابير الأمنية الاستثنائية». ووَرَدَ في بيان نشرته وكالة «أعماق» التابعة ل «داعش» أن «جندياً من جنود الخلافة الأبطال» هاجم «أحد أشهر الملاهي الليلية» في إسطنبول، مستخدماً قنابل وسلاحاً رشاشاً، استجابة لأمر أصدره زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي. ووصف الملهى بأنه نقطة تجمّع للمسيحيين للاحتفال ب «عيدهم الشركي»، مُدرجاً العملية في إطار «عمليات مباركة تخوضها دولة الإسلام» ضد تركيا، رداً على تدخلها في سورية. وأضاف: «لتعلم حكومة تركيا المرتدة، أن دماء المسلمين التي تُسفك بقصف طائراتها ومدافعها، ستستعر ناراً في عقر دارها». وهذه المرة الأولى التي يتبنّى فيها «داعش» مسؤولية هجوم في تركيا، علماً أن السلطات اتهمته بتدبير نحو 6 اعتداءات على أهداف مدنية على أراضيها، خلال الأشهر ال18 الماضية. وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية التركية بأن السلطات حدّدت هويات 38 من القتلى ال39، مشيرة إلى أن 11 منهم أتراك، وواحداً يحمل الجنسيتين التركية والبلجيكية. وأضافت أن بين القتلى 7 سعوديين وثلاثة من كلّ من لبنان والعراق، واثنين من كلّ من تونس والمغرب والأردن والهند. وقُتل أيضاً كويتي وسوري وليبي وألماني وكندية وروسية وإسرائيلية. وأعلنت وزارة الخارجية اللبنانية أن القتلى اللبنانيين الثلاثة هم الياس ورديني وريتا شامي وهيكل مسلم. وأفاد تقرير أعدّه خبراء في الطب الشرعي ونشرته صحيفة «ميلّييت»، بأن جميع القتلى تعرّضوا لإطلاق نار من مسافة قريبة. وأوردت صحيفة «حرييت» أن المحققين يرجّحون أن يكون المهاجم من أوزبكستان أو قرغيزستان، وارتباطه بخلية نفّذت تفجيراً انتحارياً أوقع 47 قتيلاً في مطار إسطنبول في حزيران (يونيو) الماضي، ونُسِب إلى «داعش». وأوردت صحيفة «خبر ترك» معلومات رجّحت أن يكون المهاجم استقلّ سيارة أجرة من حي «زيتينبورنو» جنوبإسطنبول، مشيرة إلى أنه نزل من السيارة بسبب ازدحام، وسار لأربع دقائق حتى مدخل الملهى. وأضافت أنه سحب بندقية من طراز كلاشنيكوف من حقيبة على جانب الطريق، وفتح النار على مَن كانوا أمام الباب، ثم ألقى قنبلتين يدويتين بعد دخوله. وأشارت إلى تقديرات بإطلاقه 180 رصاصة على الأقل. وروى اللبناني فرنسوا الأسمر الذي أصيب في يده ويرقد في مستشفى، أنه اختبأ وراء طاولة وتصرّف كما لو كان ميتاً، لكي يوقف الجاني إطلاق النار عليه. وأشار يونس ترك، وهو فرنسي من أصل تركي، إلى أن القاتل أطلق النار ل20 دقيقة بلا توقف، فيما لفت محمد يلان، وهو موظف في «رينا»، إلى أن المهاجم تعمّد استهداف المناطق الأكثر ازدحاماً في الملهى، متسائلاً هل «أتى إلى هنا سابقاً». إلى ذلك، أعلن كورتولموش أن السلطات التركية تراقب 347 حساباً على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتبر أنها «استفزازية» واتهمها بدعم الإرهاب و «زرع بذور العداء لدى الشعب». وأشار إلى اتخاذ تدابير قانونية ضد 92 فرداً. في السياق ذاته، أعلنت نقابة المحامين التركية رفع شكاوى ضد أفراد استخدموا مواقع التواصل الاجتماعي للإشادة بمجزرة الملهى.