ما أن يحدث الطلاق داخل الأسرة حتى يبدأ ما يترتب عليه، خصوصاً إذا كان هناك أطفال في مرحلة الحضانة لا يزالون بحاجة إلى وجودهم بالقرب من أمهاتهم ليحظوا باهتمامهن ورعايتهن، وفي الغالب لا تخلو هذه المرحلة من حاجة أساسية وضرورية يحتاجها ذلك الصغير في الوقت الذي لم يعد يعيش فيه كغيره بين والديه تحت سقف واحد، هنا أصبح من حقه الحصول من والده على النفقة التي تكفي متطلباته الضرورية، إما بأن يتم دفعها بمبادرة من تلقاء نفسه، أو عن طريق المطالبة بها عن طريق الجهات المختصة. ويكون هذا المبلغ في الغالب محدداً ب«500» ريال تصرف للطفل أو الطفلة شهرياً، وقد تكون أقل أو أكثر، بحسب استجابة الأب ورغبته في الإنفاق على ابنه. تقول أم صالح: لدي بنت، ومبلغ 500 ريال جداً لا تكفي المتطلبات، خصوصاً في ظل ارتفاع الأسعار، وأيضاً عدم وجود التأمين الطبي. وأضافت بقولها: هناك من يبدي استعداده في حال مرض أبنائه بأن يتم الاتصال عليه ليحضر ويوصلهم للمستشفى، في حين أن هناك من لا يفعل ذلك، بل يجعل الأم هي من تتكفل بكل ذلك في وقت قد لا تكون عاملة أو تمتلك راتباً لتقوم بالصرف منه على أبنائها. بينما تذكر أم علي، أن لديهم في منطقتهم، مبلغ النفقة يُعطى بحسب مزاج الأب، إن أراد أن يصرف على أبنائه وهم عند والدتهم، على الأم أن توافق على أي مبلغ يحدده، وفي أي وقت، سواء مستمراً أو متقطعاً، هذا إن أرادت أن يجلس أبناؤها عندها، أما إن أصرت على مبلغ النفقة لهم وإلزامه بالدفع شهرياً، هنا يقوم الأب بأخذ أبنائه للعيش معه. وأضافت بقولها: في معظم الأحيان تتنازل الأم عن طلب مبلغ النفقة لأبنائها ليتمكنوا من العيش معها، لأن الأب لا يأخذ أبناءه أو يحرص على ذلك إلا في حال إصرار الأم أو ذويها على أن يقوم بالإنفاق عليهم. بينما تركز أروى على قضية تنازل الأم عن المطالبة بحق أبنائها في النفقة، مشيرة إلى أن هناك من تتحمل وتتدين وقد تذل نفسها من أجلهم، بينما في المقابل قد يتلذذ الأب بذلك، مستشهدة بحال إحدى قريباتها التي لا تزال تنتظر حصولها على وثيقة الطلاق الرسمية للمطالبة بالنفقة لأبنائها عن طريق القاضي، بينما طليقها لا يزال غير ملتفت لاستدعاءاته من المحكمة! وحول هذا الأمر والمبلغ المحدد لنفقة الطفل أوضح المحامي غرم الله بن عبدالله الغامدي في حديثه ل «الحياة»: أنه يرى أن مبلغ «500» ريال كافٍ كنفقة على متطلبات الطفل وحاجاته من مأكل ومشرب وملبس، شريطة عدم الصرف منها على أمور أخرى كالكهرباء مثلاً، مستشهداً بغلاء بعض السلع وحاجتها لموازنة كحليب الأطفال وغير ذلك في ظل غلاء الأسعار، وكذلك زيادة نمو جسم الطفل، فملابسه في هذا الشهر قد لا تناسبه الشهر الذي يليه، وأشار إلى أن هذا المبلغ أيضاً يعتبر جيداً إذا التزم الأب بدفعه شهرياً، إذ ذكر الغامدي أنه ربما لو تمت مطالبة الأب بمبلغ أكثر فقد يكون له رد فعل عكسي لا يخدم الطفل، وذلك نتيجة ما قد يكون بينه وبين طليقته. وذكر الغامدي في حديثه ل «الحياة» أيضاً أنه حضر جلسات حكم فيها بمبلغ «250» ريالاً، ومبلغ «300» ريال، في حين أن الأب راتبه الشهري «8000» ريال، معلقاً أنه لا يمانع في زيادة المبلغ لأكثر من «500» ريال في حال تأكد لدى القاضي قدرة الأب على الإنفاق على ابنه وبطريقة لا يتعرض فيها أحد للضرر، مقترحاً التأمين الطبي لأهميته ومطالبة الكثيرات به.