شكّل تكليف الوزير والنائب السابق عبدالله النسور رئيساً جديداً للحكومة الأردنية خلفاً لفايز الطراونة، أمس، مفاجأة كبيرة لأركان الدولة كما لقيادات الشارع التي انشغلت خلال الأيام الماضية بالبحث عن الشخصية التي ستكلف بالمهمة. وقال مسؤول أردني رفيع ل «الحياة» إن «تكليف النسور مثّل مفاجأة من العيار الثقيل للنخب التقليدية داخل الدولة والشارع». وكشفت مصادر قريبة الى رئيس الحكومة الجديد ل «الحياة» أنه «لم يبلغ قرار تكليفه إلا صباح أمس فقط». وجاء في بيان صادر عن الديوان الملكي أن «الملك عبدالله الثاني كلّف النسور تشكيل حكومة جديدة خلفاً لحكومة الطراونة»، التي قدمت استقالتها في اليوم ذاته. وأضاف البيان أن «تقديم الطراونة استقالة حكومته للملك يأتي تماشياً مع التعديلات الدستورية الأخيرة التي نجمت عن خريطة الإصلاح السياسي التي تستوجب استقالة الحكومة بعد حل مجلس النواب». وكان اللافت أن الرئيس الجديد القادم من تحت قبة البرلمان المنحل، أعلن في وقت سابق رفضه «العنيد» للقانون الذي ستجرى على أساسه الانتخابات النيابية المقررة مطلع العام المقبل، والذي تطالب المعارضة بتعديله، خصوصا جماعة «الإخوان المسلمين»، قائلاً إن «غالبية الأردنيين ضد قانون الصوت الواحد». كما أكد غير مرة ضرورة أن يشارك الجميع في الانتخابات، بل ذهب إلى حد المطالبة بتأجيلها إن «لم تنجح الدولة في إقناع شرائح المجتمع كافة بالمشاركة». والنسور الذي تولى حقائب وزارية عدة يعتبر صاحب المقولة الشهيرة: «على رئيس الحكومة أن يجعل جهاز المخابرات خلفه لا أمامه»، في إشارة صريحة إلى النفوذ الواسع الذي يتمتع به هذا الجهاز في الأردن. وكان اعتبر أن تكليف سلفه الطراونة تشكيل الحكومة السابقة «يمثل انتكاسة لكل الأردنيين». كما اعتُبر «مناكفاً» شرساً ل4 حكومات سابقة أصر على عدم منحها الثقة عندما كان نائباً في البرلمان. وتنظر دوائر القرار الرسمية إلى النسور باعتباره شخصية سياسية «مخضرمة» أقرب إلى خط المعارضة «الإصلاحية» المعتدلة. وتعرف عنه أيضاً ميوله «البراغماتية» ومرونته الكبيرة في التعامل مع شروط اللحظة التاريخية. ويقول قريبون منه انه يعرف جيداً أنه لن ينجح في تغيير خريطة الطريق المرسومة التي تتضمن الذهاب سريعاً إلى انتخابات نيابية مبكرة وفق قانون لا يعبر عن تطلعاته. ولاحظت اوساط سياسية أن رئيس الحكومة الجديد سيواجه تحدياً رئيساً في كيفية التعامل مع الإسلاميين الذين يصرّون على مقاطعة الانتخابات. وفي أول رد لهؤلاء على قرار التكليف، قال الرجل الثاني في جماعة «الإخوان» زكي بني ارشيد ل «الحياة» إن «الرئيس المكلّف يحتفظ بعلاقات إيجابية مع مكونات المجتمع المختلفة، ونشعر بالتفاؤل الحذر حيال هذا التكليف، وننتظر ما ستسفر عنه الأيام المقبلة». وعبد الله النسور (73 عاما) من مواليد مدينة السلط القريبة من عمان، وسبق أن شغل مناصب عدة، منها نائب رئيس وزراء العام 1998، وتولى حقائب وزارية بينها الخارجية العام 1989، والتخطيط العام 1984، والإعلام العام 1998، كما أنه نائب سابق في البرلمان لدورات عدة. وكان الملك عبد الله دعا في كتاب التكليف النسور إلى تشكيل فريق وزاري «يكون بمستوى المرحلة الوطنية والتحديات التي نمر بها». كما حضه على «مواصلة الحوار مع جميع شرائح المجتمع والأحزاب والقوى السياسية لتشجيعها على المشاركة الفاعلة في الانتخابات». يذكر أن استقالة الحكومة السابقة جاءت تمهيداً لإجراء انتخابات نيابية مبكرة وكإجراء معتاد بعد حل البرلمان.