عادت مشاهد الحرب لساعات إلى قلب العاصمة الشيشانية غروزني أمس، بعدما هاجم 3 مسلحين مبنى البرلمان المحصن، وقتلوا 4 أشخاص وجرحوا 15 جميعهم حراس وإداريون في البرلمان، قبل ان يفجروا أنفسهم او يسقطوا برصاص قوات الأمن، ما أثار مخاوف من تزايد قدرات المتشددين على شن هجمات في قلب العاصمة، وإخفاق موسكو في فرض الأمن في شمال القوقاز. وشكل الهجوم، الأكبر منذ نهاية آب (أغسطس) الماضي، صدمة لأجهزة الأمن الشيشانية التي تباهت خلال الشهور الأخيرة بضرب قدرات المتشددين وعزلهم في مناطق جبلية نائية. وانتقل الرئيس رمضان قديروف فور إعلان نبأ الهجوم إلى موقع مجاور لمقر البرلمان، حيث اشرف مباشرة على عملية القضاء على المسلحين، وأجرى اتصالاً برئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الذي شن الحرب الثانية في الشيشان العام 1999. وتعهد قديروف لدى ترؤسه جلسة البرلمان بعد انتهاء الهجوم «ملاحقة قادة العصابات المسلحة وتصفيتهم»، لافتاً إلى أن التدابير السريعة والمنسقة التي نفذتها قوات الأمن للقضاء على المهاجمين خلال فترة راوحت بين 15 و20 دقيقة «سمحت بتجنب مقتل نواب وموظفين في البرلمان». وبدأ الهجوم في ساعة مبكرة صباحاً، لدى وصول سيارات النواب الى مبنى البرلمان في شارع لينين وسط غروزني، والذي يخضع لحراسة مشددة على غرار الديوان الرئاسي المجاور. وفوجئ حراس المبنى باقتحام سيارة للمدخل لدى فتحهم البوابة للسماح بدخول النواب، وترجل شخص منها حمل حزاماً ناسفاً فجره لتأمين غطاء لآخرين من اجل دخول المبنى والتحصن داخله. وجرى تبادل كثيف لإطلاق النار في أرجاء المبنى، وشمل خصوصاً جناح مكتب رئيس البرلمان دوكو فاخا عبد الرحمانوف الذي نجا من الهجوم ونقل إلى مكان آمن، بعد نشر تعزيزات عسكرية كبيرة في المنطقة. وصرح وزير الداخلية الروسي رشيد نورعلييف الموجود منذ أول من أمس في غروزني، بأن «المسلحين هدفوا الى بث الذعر وزعزعة الوضع الأمني في الجمهورية»، مهنئاً وزارة الداخلية الشيشانية على تصرفها «المحترف». وأكد أن الشيشان «مستقرة وآمنة»، علماً انه كان اقرّ في ايلول (سبتمبر) ، بأن الوضع يزداد تعقيداً في هذه الجمهورية القوقازية التي تتمتع باستقلال ذاتي داخل الاتحاد الروسي. ودعت مصادر أمنية إلى عدم التقليل من أهمية الهجوم على البرلمان، باعتبار ان نجاح المسلحين في تجاوز نقاط التفتيش والوصول إلى قلب العاصمة في منطقة محصنة، «يشير إلى تزايد قدرات المجموعات المتشددة، ووجود نيات لديها لتصعيد المواجهة». معروف أن العاصمة الشيشانية لم تشهد منذ فترة طويلة مواجهات مسلحة، واقتصرت هجمات المسلحين على مناطق حدودية قريبة من داغستان وأنغوشيا المجاورتين. على صعيد آخر، أصدرت محكمة مدينة يسينتوكي الروسية، مذكرة باعتقال أحمد زكاييف، المعارض الشيشاني المقيم في لندن الذي تلاحقه السلطات الروسية منذ سنوات. وحصل زكاييف، المبعوث الخاص للرئيس الانفصالي الراحل أصلان مسخادوف في أوروبا، على اللجوء السياسي في المملكة المتحدة. وأعلن أخيراً تخليه عن النشاط السياسي، في وقت تطالب موسكو باسترداده وأدرجت اسمه منذ سنوات على لائحة المطلوبين عبر الشرطة الدولية (انتربول).