تحولت الأنظار إلى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بعد اتخاذ إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما قرار طرد 35 ديبلوماسياً روسياً يعملون في سفارة بلادهم في واشنطن وقنصليتها في سان فرانسيسكو، للاشتباه في تورطهم بهجمات إلكترونية على أنظمة كومبيوتر في الولاياتالمتحدة، بعضها للحزب الديموقراطي خلال حملة الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 8 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وإغلاق مجمعين للحكومة الروسية في ولايتي ماريلاند ونيويورك. وخلافاً للتوقعات، فاجأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأوساط السياسية والإعلامية في البلدين، بتعامله ببرودة أعصاب، تاركاً الرد إلى حين تولي ترامب الرئاسة في 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، ما يعني عملياً إعادة الكرة إلى ملعب الإدارة الأميركية المقبلة. وشملت العقوبات التي أعلنتها الإدارة الأميركية وضع مديرية الاستخبارات العسكرية الروسية وجهاز الأمن الفيديرالي الذي تتهمه بأنه «ساعد في القرصنة»، على لائحة العقوبات، إلى جانب أربعة ضباط استخبارات بينهم رئيس المديرية إيغور فالينتينوفيتش كوروبوف، وثلاث مؤسسات أخرى. كما شملت العقوبات اثنين من القراصنة الروس لا علاقة لهما بما حصل خلال انتخابات الرئاسة الأميركية، وهما أليكسي ألكيكسييتشيف بيلان ويفغيني بوغاتشيف، اللذان يطاردهما مكتب التحقيقات الفيديرالي الأميركي (أف بي آي) منذ سنوات. ويتساءل كثيرون في الولاياتالمتحدة عن مصير هذه الإجراءات بعد تولي ترامب الحكم خلال ثلاثة أسابيع في 20 كانون الثاني (يناير)، خصوصاً أن إدارة أوباما تعتبر أن ترامب استفاد من الهجمات الإلكترونية الروسية لكسب معركة الرئاسة. وفي تطور لا يخلو من الدهاء، أعلن الكرملين أن بوتين رفض اقتراح وزير خارجيته سيرغي لافروف تطبيق «مبدأ المعاملة بالمثل» عبر طرد 31 ديبلوماسياً من السفارة الأميركية في موسكو وأربعة ديبلوماسيين من القنصلية العامة الأميركية في سان بطرسبورغ (شمال غرب)، باعتبارهم «أشخاصاً غير مرغوب فيهم». وقالت موسكو ان قرار أوباما يطال 96 شخصاً. وقال بوتين: «لن نثير مشاكل للديبلوماسيين الأميركيين على أراضينا، ولن نطرد أياً منهم، كما لن ننحدر إلى مستوى ديبلوماسية غير مسؤولة»، معتبراً أن العقوبات الجديدة التي أعلنتها واشنطن «استفزازية، وتهدف إلى مزيد من التقويض للعلاقات الروسية – الأميركية». لكن بوتين استدرك في بيان وزعه الكرملين بالقول إن «روسيا تحتفظ لنفسها بحق اتخاذ إجراءات رد، وستتخذ خطواتها المقبلة بحسب سياسات إدارة الرئيس المنتخب ترامب». وفي بيان مقتضب أصدره من منتجعه في ولاية فلوريدا حيث يقضي فترة الأعياد، علّق ترامب على العقوبات الجديدة لواشنطن بأن الولاياتالمتحدة تحتاج إلى «المضي قدماً نحو أمور أكبر وأفضل، لكن لتحقيق مصلحة بلدنا وشعبنا العظيم سأجتمع مع قادة أجهزة الاستخبارات الأسبوع المقبل للاطلاع على حقيقة الوضع». وتشير الإجراءات المتخذة في الأيام الأخيرة لرئاسة أوباما إلى مستوى جديد من التدني في العلاقات بين البلدين بعد الحرب الباردة، وتمثل نقطة توتر محتملة حول كيفية التعامل مع موسكو بين ترامب الذي طالب مسؤولون في معسكره بالتريث أكثر في التعاطي مع روسيا والتركيز على المصالح المشتركة، وبين ممثلي حزبه في الكونغرس. ومن بين الجمهوريين النافذين الذين رحبوا بالعقوبات على روسيا، زعيم مجلس النواب (الجمهوري) بول ريان الذي علّق قائلاً: «خطوة أوباما متأخرة لكنها مناسبة لإنهاء ثماني سنوات من سياسته الفاشلة مع روسيا، والتي تركت أميركا أضعف في نظر العالم». كما قال السناتوران جون ماكين وليندسي غراهام في بيان مشترك، إن «هذا ثمن زهيد تدفعه روسيا لاعتدائها الفاضح على الديموقراطية الأميركية، وسنحاول دفع الكونغرس إلى فرض عقوبات أقوى». ودعا السفير السابق لدى الأممالمتحدة جون بولتون، وهو من مستشاري ترامب، إلى عقوبات «مؤلمة» على موسكو، علماً أن نواباً ديموقراطيين يدرسون تشريعات في الكونغرس تمنع ترامب من إلغاء الأوامر التنفيذية في شأن العقوبات على روسيا بعد توليه السلطة، مستفيدين من الانقسامات الجمهورية. وستهيمن هذه الملفات على جلسات مصادقة الكونغرس خلال أسبوعين على تعيين ترامب رجل الأعمال ومدير شركة «أكسون» ريكس تيليرسون، المقرب من بوتين، في منصب وزير الخارجية.