لم تعقّب إسرائيل الرسمية على اختيار الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب مدير شركة «إكسون موبيل» العملاقة للنفط ركس تيليرسون لمنصب وزير الخارجية، لكن وسائل إعلامها أطلقت العنان لمقالات عنيفة في انتقادها، وتوقفت تحديداً عند علاقات الصداقة التي تربط الأخير بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبزعماء دول عربية، بداعي أن هذا التعيين يبعد فرص قيام الإدارة الأميركية بإلغاء اتفاق الدول الست مع إيران في شأن مشروعها النووي. وبينما اختارت صحيفة «إسرائيل اليوم» شبه الناطقة بلسان رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو، عدم التعقيب وعنونت الخبر برصانة: «ترامب اختار وزيراً للخارجية»، كتبت «يديعوت أحرونوت» في عنوانها: «تعيين غير ديبلوماسي... إنه ليس سياسياً ولا جنرالاً وبالتأكيد ليس رجل دولة». واعتبر محلل الشؤون الأميركية في صحيفة «هآرتس» حيمي شاليف التعيين بمثابة «الأصبع الوسطى التي مدها ترامب للجميع»، في إشارة إلى أن ترامب رشح تيليرسون غداة تأكيد وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) تدخل روسيا لمساعدته في الفوز بانتخابات الرئاسة. وتوقع شاليف أن يشكل تعيين تيليرسون «خيبة في إسرائيل التي كانت ترغب في تعيين السفير السابق لدى الأممالمتحدة جون بولتون أو رئيس بلدية نيويورك رودي جولياني أو مرشح الرئاسة السابق ميت رومني وغيرهم لهذا المنصب، و «جميعهم يقيم علاقات متشعبة مع إسرائيل واليهود اليمينيين في الولاياتالمتحدة، ولهم ماض حافل بالاتصالات مع شخصيات إسرائيلية رفيعة، في مقدمها رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو. وأردف أن المرشح الجديد هو بمثابة «لوح فارغ من المعطيات غير الواعدة»، مشيراً إلى «أرباب صناعة مرتبطون بشكل تقليدي بزعماء دول عربية ويحاولون الابتعاد من إسرائيل واليهود». ووصف تيليرسون بأنه كان عملياً في السنوات الأخيرة ممثل شركته «إكسون موبيل» في روسيا حتى غدت الشركة شريكة استراتيجية لشركة «روسنفط» الروسية التي تمتلكها الحكومة الروسية. وزاد أنه لا يمكن التخلص من الانطباع بأن تعيين تيليرسون هو «سداد دين» لروسيا على قيام قراصنتها باقتحام البريد الإلكتروني لمرشحة الديموقراطيين للرئاسة هيلاري كلينتون على نحو ضرب شعبيتها وعزز فرص ترامب للفوز. وأضاف أن ترامب «سيعمل على مسايرة الكرملين بمقدار ما يمكن»، وأن التعيين الجديد «يلائم طابع حكومته المتبلور تشكيلها، حكومة تتشكل من رجل، أبيض، محافظ، متقدم في السن وملياردير». وكتبت «يديعوت أحرونوت» غاضبة، أن جُلّ ما يفهمه تيليرسون في السياسة هو ما تعلمه من الرئيس الروسي «الذي قلده وسام الشرف». وأضافت أن «ثمة خشية (إسرائيلية) من انه بسبب علاقاته بصناعة النفط، فإنه لن يستعجل إلغاء الاتفاق النووي مع إيران». وأشارت إلى أنه خلال ترؤسه شركة النفط «جعل من روسيا الشريك الأول له ودفع نحو استثمارات بقيمة بلايين الدولارات». وأضافت أن تيليرسون كان من أشد المعارضين للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولاياتالمتحدة على روسيا في أعقاب توغلها في أوكرانيا. وأردفت أن علاقاته مع الرئيس بوتين يمكن أن تعتبر «تضارب مصالح» سافراً، فيقوم مجلس الشيوخ بإبطال التعيين. لكنها أضافت مستدركة أن الرئيس المنتخب «كسر كل الأعراف وسيعرف كيف يمرر هذا التعيين». واختتمت الصحيفة مقالها بالإشارة إلى أن نائب وزير الخارجية سيكون كما يبدو جون بولتون «الذي عرف بتأييده المتفاني لإسرائيل داخل الهيئة الدولية، وسيكون عملياً المسؤول الفعلي عن النشاط اليومي لوزارة الخارجية».