يمكن عمل مسلسل عن دورات المياه، في المساجد والمدارس والمطارات وانتهاء بالعامة منها، كلما تطرقت إلى أوضاعها في بلادنا - أكرمكم الله تعالى - تهطل رسائل عن معاناة أعرفها لكن هذه المرة استوقفتني رسائل «نوعية» نماذج من واقع مرّ، لأمة النظافة، والوصف لأحد القراء، ولابد من وقفة فهل نحن نظاف فعلاً؟ هل نستحق هذا الوصف... أمة النظافة؟ الواقع يقول لا، فلم نطبق ما تعلمنا، تمحور تركيزنا على الشكل دون المضمون. كتبت سابقاً عن إشكالية الشكل والمضمون في مجتمعنا ولازلت أعتقد أنها من أهم قضايانا، الغالبية تحرص على النظافة الشخصية ونظافة الملبس لكن كل ما هو خارج هذا النطاق الضيق... مستباح! المسؤولية في تغيير هذا الواقع مشتركة، الجهات الحكومية هي الأساس ثم الناس، من السهل «نطل» المسؤولية على الوعي... الخ المعزوفة المعروفة، لكن الوعي لا يقتصر على الجمهور بل هناك وعي للجهات المعنية، الوضع يخبر عن أحواله. أبو محمد أب لخمس بنات يدرسن في كل المراحل من الابتدائية إلى الجامعة، أرسل رسالة ساخنة. يقول: تبكي ابنتي في المدرسة فأذهب لأخذها إلى المنزل وأكتشف أنها بحاجة للذهاب الى الحمام. طبعاً يوجد دورات مياه مدرسية الا أن أوضاعها مزرية، يدخل الإنسان إلى الحمام ليتنظف لا ليتقذر! يدون أبو محمد في رسالته ما يجب والمفترض... الخ، ولا أعتقد بأن هذا مفيد فكل يوم نقرأ عن المفترض ولم يغير هذا شيئاً، مثله مثل الوعظ، الأولى والأمضى أن نبحث عن الأسباب ونعالجها. محمد عبدالله، بدأ رسالته عن مذبحة الأرصفة في حي الورود بالرياض تعليقاً على مذبحة النخيل، يتم تجديد الأرصفة وما يكسر لا زال في أحسن حالته، يلتقط تعليقاً من سائقه الآسيوي «فلوس كثير... فلوس كثير»، وظاهرة إعادة تجديد الجديد و «تزفيت المزفت» قائمة حتى في قرى. وكأن البند المالي مفصل على مساحة معينة! محمد له وضع مختلف فهو معوق بوضع يحتاج معه ان يكون قريباً من دورة مياه بمواصفات خاصة، أصبح لا يخرج من منزله إلا مضطراً، لندرتها... وعدم صلاحيتها لمعوق وقذارة القليل المتوافر منها او إغلاقه من قبل العامل المسؤول، الأمانة أوكلت الأمر لشركات صيانة والأخيرة أوكلته إلى عامل ليصنع منه محطة او سكناً له يطبخ فيه ويحمل مفاتيحه عندما يذهب. الشؤون الإسلامية مع دورات المساجد تعمل ب «الكفاءة» نفسها، لكن محمد عبدالله فاجأني بمعلومة، فهو يقول إن مطار الملك خالد المفتتح منذ عقود لم يجهّز بدورات مياه للمعوقين إلا منذ سنوات قليلة. كيف هذا وأنا ممن شاهد لوحات للمعوقين على بعضها؟ يقول نعم لكن باب الحمام لم يكن يتّسع للكرسي المتحرك! وعلى المعوق الزحف. تخيل كل هذه السنين ونحن نرى لوحة ونصدقها ولا يعرف عنها إلا المتضررون، كم لدينا لوحة «شكل» بمضمون مثل هذا يا ترى.. الله المستعان. www.asuwayed.com