في وقت شدد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس على أهمية قيام حوار بين المغرب والجزائر، توقعت مصادر مطلعة في الرباط أن يعرض الموفد الدولي للصحراء كريستوفر روس خلال زيارته المنطقة التي يبدأها من المغرب مطلع الأسبوع إلى اقتراح يقضي بعقد جولة جديدة من المفاوضات بين الأطراف المعنية بنزاع الصحراء في بداية تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل في ضواحي نيويورك، وستكون مختلفة في صيغتها عن جولتي المفاوضات السابقتين. وذكرت مصادر في الأممالمتحدة أن الاقتراح الجديد أملته اعتبارات عملية للحؤول دون انهيار المفاوضات المباشرة، إذ سيتم توزيع اللقاءات إلى مجموعة، ويُترك بعدها للموفد الدولي روس استخلاص الإمكانات المتاحة أمام عقد مفاوضات مباشرة. ويكمن رهان روس في جولته الجديدة في الحصول على موافقة الأطراف المعنية على هذه الصيغة البديلة، إضافة إلى حل مشاكل عالقة من قبيل الدفع نحو معاودة استئناف خطة تبادل الزيارات بين الصحراويين والحد من مخاطر التصعيد ودفع دول الجوار إلى «المساهمة عملياً» في إنجاح المفاوضات استناداً إلى قرارات سابقة حضّت هذه الدول على تشجيع الطرفين، لكن من دون أن يحدث ما يعزز هذا الالتزام. وفي سياق متصل، نفى الشيخ اسماعيل سلمى والد المنشق الصحراوي مصطفى سلمى أن يكون قد أجرى أي اتصال مع نجله الذي لا يزال مصيره غامضاً. وقال لدى عودته إلى المغرب بعدما كان قد تعرّض لوعكة صحية خلال محاورة أعضاء بارزين في لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس الأميركي: «أحنّ فعلاً إلى سماع صوت ابني»، معتبراً أن مصيره ما زال مجهولاً على رغم مرور أيام على صدور نبأ الإفراج عنه بعدما أعلنت جبهة «بوليساريو» أنها تريد محاكمته بتهمة «الخيانة» والتجسس لمصلحة المغرب بعدما أعلن علناً تأييده خطة الحكم الذاتي في الصحراء. وفي مراكش، قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن دول وشعوب العالم أصبحت في حاجة أكثر من أي وقت مضى إلى التنسيق والتعاون والتضامن لمواجهة التحديات المختلفة التي تواجه العالم في مجال الأزمات المالية الاقتصادية والتغيّرات المناخية وقضايا الفقر والماء والأمن الغذائي والصحة والبيئة. وأشار بان كي مون في لقاء إعلامي مع ست صحف دولية ومنها «الحياة»، إلى أن الأممالمتحدة رصدت مبلغ 40 بليون دولار ضمن خطة أهداف الألفية للتنمية من أجل تقليص الفقر والهشاشة إلى معدل النصف بحلول عام 2015. وقال إنه رعى قمة عالمية في نيويوك الشهر الماضي حضرها زعماء العالم لحض الدول الأعضاء في الأممالمتحدة على «التعاون والتضامن» لتحقيق أهداف التنمية وإيجاد الحلول لمعالجة معضلة الفقر الذي يشمل مئات ملايين الناس في العالم خاصة في دول الجنوب. وشدد الأمين العام على أهمية التعاون الدولي والاستمرارية لمواجهة التحديات. وفي ردّه على سؤال ل «الحياة» حول مدى قدرة الأممالمتحدة على معالجة التحديات المطروحة الجديدة بالتركيبة القديمة نفسها التي تعود إلى 70 سنة، قال بان إن العالم بات يواجه مشاكل متعددة ومعقدة وفي وقت واحد، مثل الأزمات الاقتصادية والمالية والتغيّرات المناخية والفقر والإرهاب والصحة (من خلال ظهور أمراض وأوبئة جديدة) والتحدي الغذائي، ما يتطلب التنسيق بين المجموعات الدولية المختلفة ومنها مجموعة الدول العشرين التي تزايد دورها منذ اندلاع الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. واعتبر أن الدول النامية أصبحت تلعب أدواراً مهمة في معالجة قضايا العالم مثل دور «مجموعة ال 77 + الصين». وشدد على أن «التحديات كثيرة ومتعددة ولا يمكن التغلب عليها سوى عن طريق التنسيق والتعاون» برعاية الأممالمتحدة «لأنه لا يمكن ترك تلك المشاكل لطرف واحد أو مجموعة معينة لأنها تهم قضايا العالم بأسره». وقال إن الأمر يحتاج إلى قرارات سياسية قوية، كاشفاً وجود تنسيق في هذا المجال بين الأممالمتحدة والبنك الدولي وصندوق النقد. ولم يستبعد الأمين العام للأمم المتحدة إمكان توسيع مجموعة العشرين إلى 21 أو 22 وحتى أكثر «ما دامت الحاجة قائمة»، لافتاً إلى أن مجموعة الدول الثماني الصناعية الكبرى (أميركا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا واليابان وكندا وروسيا) كان لها في الماضي دور أمني لأنها ظهرت في مرحلة معينة، بينما مجموعة العشرين لها أدوار إقتصادية لمعالجة قضايا الأزمات الإقتصادية والمالية ومجالات أخرى مثل الطاقة والنقد. وحول قضايا المغرب العربي، دعا الأمين العام للأمم المتحدة دول شمال أفريقيا إلى تفعيل اتفاقات التعاون وتكثيف اللقاءات على مستويات مختلفة، مؤكداً أهمية تعزيز الثقة بين الجزائر والمغرب بما يخدم المصالح الكبرى للمنطقة ويجعلها شريكاً في معالجة القضايا المطروحة وعلى رأسها التنمية الإقليمية. وأشار بان إلى أنه اجتمع مع العاهل المغربي الملك محمد السادس في نيويورك على هامش قمة أهداف الألفية للتنمية التي توليها الرباط أهمية كبيرة من خلال برنامج «المبادرة الوطنية للتنمية البشرية». واستقبل الملك محمد السادس الأمين العام للأمم المتحدة الذي كان وصل إلى المغرب مساء الجمعة للمشاركة في ندوة دولية عن «الحكامة العالمية» التي ينظّهما المعهد الفرنسي للدراسات الإستراتيجية وبمشاركة 200 شخصية عالمية منها رئيس البنك الأوربي للاستثمار جان كلود تريشي ووزير الخارجية الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس ورؤساء شركات عالمية.