جدد البطريرك الماروني بشارة الراعي في كلمة له أمس، بعد ترؤسه القداس السنوي على نية فرنسا في بكركي، في حضور السفير الفرنسي لدى لبنان باتريس باولي وأركان السفارة، دعوته لليوم الثاني على التوالي إلى «نوابنا وكل المسؤولين السياسيين لإنجاح انتخاب رئيس جديد (في جلسة الغد النيابية)»، قائلاً: «نعتمد على أصدقائنا وفي طليعتهم فرنسا لتأمين جو دولي وإقليمي مناسب لهذا الانتخاب، لجهة الأمن في لبنان ولجهة حياده الإيجابي». وقال في عظته: «هذا القداس التقليدي يعزز العلاقات المتعددة الجوانب بين فرنسا والبطريركية المارونية التي بدأت منذ عهد المماليك. ونتضرع إلى الله أن يحقق في نفوسنا ثمرات سر هذا العيد المقدس، وأن يحمي فرنسا والشعب الفرنسي». ورد باولي بكلمة جدد فيها تأكيد تمسك فرنسا ب «استمرارية وجود المكون المسيحي الأساسي في لبنان والمنطقة وازدهاره. هذه الرسالة التي تحملها السلطات الفرنسية من دون كلل متخطية المتغيرات السياسية». وقال: «فرنسا الوفية في نضالها من أجل الديموقراطية والتعددية وحقوق الإنسان دعمت الطموحات المشروعة لما سمي بالربيع العربي، حيث يجب أن يأخذ المسيحيون مكانهم على المستويات كافة إلى جانب مواطنيهم من جميع الفئات في إطار المواطنة. وفرنسا دعمت القرارات التي اتخذها اللبنانيون لتقوية مؤسساتهم، وكما رددتم دائماً ضرورة حصول الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري، ففرنسا تذكر بدورها باحترام هذا الاستحقاق الديموقراطي الأساسي». وأقام الراعي مأدبة غداء على شرف باولي وأركان السفارة شارك فيها الكاردينال نصر الله صفير ومطارنة وكهنة، وتوقف الراعي في كلمة عند «الاستحقاق الرئاسي الذي سيجري قريباً ولن نقبل بأن يقع لبنان في الفراغ الرئاسي، لأنه سيكون انقسام يؤثر على استقراره ودوره الرسالي». وأضاف قائلاً: «من الضروري للمجتمع الدولي أن يجد حلاً للصراع الإسرائيلي - العربي عبر تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم، وإقامة دولة فلسطينية يكون لها حدود معترف بها دولياً، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي العربية التي احتلها في لبنان، سورية وفلسطين، وإعطاء صفة خاصة لمدينة القدس، لكي تكون المدينة المقدسة مفتوحة لليهودية، المسيحية والإسلام». وقال: «لبنان يعاني اليوم من التبعات القاسية للأزمة السورية، من خلال استقباله زهاء مليون ونصف مليون لاجئ سوري، يشكلون ما نسبته ربع عدد سكان لبنان. أي هيكلية أو مساحة قادرة على استيعابهم؟ ولماذا على لبنان وحده أن يتحمل نتائج الحرب في سورية؟ على المجتمع الدولي أن يسعى لإنقاذ لبنان، وبالتحديد لوضع حد لهذه الحرب الملعونة التي لا تنتهي مخلفة المجازر ضد الأبرياء، تدمير المدن وكل مظاهر الثقافة والحضارة التي بناها طوال قرون المسلمون والمسيحيون». ورأى أنه «حان الوقت للأمم المتحدة لتضطلع بمسؤولياتها عبر إيجاد مناخ للحوار في الشرق، قادر على مساعدته لحل أزماته، ونحن متأكدون أن فرنسا ستكون على رأس الدول الساعية في هذا الاتجاه». واعتبر أن «الحل السياسي المناسب لأزمة الوطن العربي يتطلب شروطاً ثلاثة: أن يصل المعتدلون إلى السلطة بدعم من الجيش لا عودة العسكر أو الإسلاميين، نأمل بالتالي بأن تسود الأنظمة السياسية المعتدلة كونها الأكثر احتراماً لحقوق الإنسان ولحرية الاعتقاد، الرأي والعبادة. هذه الأنظمة تعترف بالأقليات بموجب المواطنة بحقوقها المدنية وبمشاركتها الحية في إدارة شؤون الدولة، وأن تلعب الدول الصديقة دوراً في تشجيع إيران (البلد الشيعي) والمملكة العربية السعودية (بلد سني) على حل صراعاتهما عبر الحوار وليس بالمواجهة غير المباشرة والعنيفة. علماً أن الصراعات القائمة بين السنة والشيعة في العراق وسورية ولبنان، مرتبطة بالصراع الإيراني السعودي. وعلى المجتمع الدولي أن يساعد اليهود والمسلمين أن يحذوا حذو المسيحية، في الفصل بين السياسة والدين. وطالما أن تلك العملية لم تحصل، لا يمكننا الحديث عن ديموقراطية وحريات وحقوق إنسان». ولفت إلى أن «لبنان مؤهل لتأثير في المنطقة العربية، وفرنسا ذات تأثير كبير على العالم لما فيه خير الإنسان، حريته وكرامته».