على نحو مفاجئ وغير متوقع، طلبت مصر من مجلس الأمن إرجاء التصويت مساء أمس على مشروع قرار ضد الاستيطان من دون تحديد موعد جديد، ما شكل «صدمة» للجانب الفلسطيني، و»فاجأ» الإدارة الأميركية، في وقت عزته مصادر أميركية مطلعة الى «ضغوط إسرائيلية» رفيعة المستوى على مصر. وبقي الموقف العربي أمس معلقاً بين إمكان التصويت على مشروع القرار أو عدم التصويت عليه بانتظار تعليمات كان ينتظرها السفراء العرب في نيويورك من الاجتماع الوزاري العربي الذي كان مقرراً عقده مساء أمس في القاهرة. وقالت مصادر أميركية مطلعة على مجريات الاتصالات التي سبقت التأجيل ل «الحياة»، إن «ضغوطاً مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كانت وراء التأجيل»، كاشفة أن الجانب الأميركي «تفاجأ بذلك». وأضافت أن الحديث عن اجتماع للجامعة العربية هو «لقذف الكرة وشراء الوقت» بانتظار الإدارة الأميركية المقبلة للرئيس المنتخب دونالد ترامب الذي يعارض مشروع القرار بشدة، ودعا في «تغريدة» أمس إلى استخدام حق النقض (الفيتو) ضده. وشكّل التأجيل صدمة في رام الله، حيث قال مسؤول فلسطيني رفيع إن «الرئيس محمود عباس يجري من عمان اتصالات مع الجانب المصري لاستيضاح الموقف». وأوضح أن مصر قدمت المشروع باسم العرب بعد اتفاق عربي على تقديمه في هذا التوقيت وبهذه الصيغة التي تلقى قبول الأطراف المختلفة في مجلس الأمن، «لكن المفاجأة كانت بطلب مندوب مصر في مجلس الأمن تأجيل التصويت». وقال ديبلوماسيون في مجلس الأمن إن الطلب المصري بإرجاء الجلسة «قُدم الى رئاسة المجلس صباح الخميس» تحت عنوان «طلب المزيد من التشاور». وعقدت مجموعة السفراء العرب في الأممالمتحدة اجتماعاً عاجلاً أمس، بطلب من السفير الفلسطيني رياض منصور، للتباحث في إرجاء جلسة التصويت. وقال منصور بعد الاجتماع إن السفراء «قرروا تبني مشروع القرار الفلسطيني وطرحه على التصويت في مجلس الأمن في أسرع وقت ممكن، ورفع توصية بذلك إلى المجلس الوزاري العربي» الذي كان مقرراً أن يجتمع مساء أمس في القاهرة. وقال السفير المصري عمرو أبو العطا، إن القرار النهائي في شأن مسألة التصويت على مشروع القرار «سيحدده الوزراء العرب لأن مشروع القرار ليس مصرياً أو فلسطينياً بل عربي، ومصر تمثل المجموعة العربية» في مجلس الأمن. ويدين مشروع القرار الفلسطيني الاستيطان، ويدعو إلى وقفه وعدم الاعتراف بشرعيته، وإلى استئناف المفاوضات ضمن إطار زمني، ووقف أعمال العنف ضد المدنيين، والأعمال الإرهابية، وتأكيد التمسك بالمبادرة العربية. وجاء مشروع القرار هذا نتيجة تحرك ديبلوماسي فلسطيني في الأشهر الأخيرة، في محاولة للحصول على قرار من مجلس الأمن قبل انتهاء عهد إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما. وأكد ديبلوماسيون في مجلس الأمن، أن مشروع القرار «كان مرجحاً في حال التصويت عليه أن يحصل على دعم 14 عضواً من أصل 15، ما يعني أن مصيره كان معلقاً حصراً باتجاه الموقف الأميركي منه، إما بالتصويت ضده ب «الفيتو»، أو الامتناع عن التصويت عليه، أو التصويت لمصلحته».