فتحت مجزرة برلين التي أوقعت 12 قتيلاً الإثنين، جرحاً غائراً في الجسد الألماني، في شأن عواقب استقبال أكثر من مليون مهاجر ولاجئ أخيراً، كما أحرجت المستشارة أنغيلا مركل، ما قد يهدّد فرصها في ولاية رابعة. (للمزيد) وفاقم الوضع بلبلة شهدتها ألمانيا أمس، إذ أوقفت السلطات لاجئاً باكستانياً اشتبهت في ارتكابه الجريمة، لكنها تراجعت سريعاً وافرجت عنه، مرجّحة أن يكون الجاني «طليقاً»، ودعت المواطنين إلى الحذر، وطلبت دول اوروبية من الشرطة والاستخبارات ملاحقة «الأرهابي الفار». وأحيا الهجوم مخاوف أمنية وسط إجراءات أمنية مشددة، تحسباً لهجمات خلال أعياد نهاية السنة، علماً أن اعتداء برلين بدا نسخة مصغّرة عن مجزرة نيس في تموز (يوليو) الماضي، عندما اقتحم مهاجم فرنسي من أصل تونسي بشاحنة، الكورنيش البحري، موقعاً 86 قتيلاً و400 جريح، قبل أن تقتله الشرطة. وتبنّى تنظيم «داعش» الاعتداء. وندّد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب ب «اعتداء إرهابي مروّع» في برلين، لافتاً إلى أن «تنظيم داعش وإرهابيين إسلاميين آخرين، يهاجمون باستمرار المسيحيين في مجتمعاتهم وأماكن عبادتهم». وحضّ «العالم المتحضر» على «أن يغيّر تفكيره»، مشدداً على وجوب «محو الإرهابيين وشبكاتهم الإقليمية والدولية، عن الكرة الأرضية»، وزاد: «هذه المهمة سننجزها مع كل شركائنا المحبّين للحرية». واتصل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما بمركل، معزياً ب «هجوم مروّع يبدو إرهابياً»، ومؤكداً أن «أي هجوم لن يستطيع تقويض عزمنا على هزيمة الإرهاب بكل أشكاله». وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن «صدمته» ل «وحشية» الهجوم، خلال برقيّتَي تعزية إلى مركل والرئيس الألماني يواخيم غاوك. ووضع الهجوم المستشارة في وضع صعب، بعدما كانت استعادت بعضاً من شعبية خسرتها بسبب قلق عام من تدفّق اللاجئين، قبل الانتخابات النيابية المرتقبة في أيلول (سبتمبر) 2017. وعكست تصريحات مركل مأزقها، إذ خاطبت مواطنيها قائلة: «أعرف أنه سيكون صعباً علينا أن نتحمل الأمر إذا تأكد أن هذا العمل نفّذه شخص طلب الحماية واللجوء في ألمانيا». واستدركت: «سنجد ما يكفي من القوة للعيش في ألمانيا، كما نريد أن نعيش أحراراً، بعضنا مع بعض، وفي انفتاح». لكن ماركوس بريتزل، وهو قيادي في حزب «البديل لألمانيا» المناهض للهجرة، كتب على موقع «تويتر»، في إشارة إلى ضحايا المجزرة: «إنهم قتلى مركل». واعتبر كلاوس بويلون، وزير الداخلية في ولاية سارلاند الألمانية، أن بلاده «في حال حرب بعد اعتداء برلين»، فيما طالب هورست زيهوفر، رئيس حزب «الاتحاد الاجتماعي المسيحي»، الشريك في الائتلاف الحاكم مع حزب «الاتحاد الديموقراطي المسيحي» الذي تتزعمه مركل، ب «مراجعة سياستنا المتعلقة بالهجرة والأمن، وتغييرها». ووقع الهجوم في سوق ميلادية في الجزء الغربي من برلين، إذ استهدفتها شاحنة مسرعة، موقعةً 12 قتيلاً، و48 جريحاً بينهم اللبناني محمد حسن وهبه (31 سنة)، ووضعه الصحي مستقر. وحذر قائد الشرطة في برلين كلاوس كانت، من أن «مجرماً خطراً» ارتكب الاعتداء، قد يكون طليقاً، داعياً إلى «مزيد من اليقظة». وأعرب عن شكوك في أن يكون لاجئاً باكستانياً محتجزاً، متورطاً بالهجوم، فيما نقلت صحيفة «دي فيلت» عن قائد في الشرطة قوله: «أوقفنا الرجل الخطأ، الجاني الحقيقي ما زال طليقاً ومسلحاً، ويمكن أن يسبّب ضرراً جديداً». وأغلقت أسواق الميلاد في برلين ليوم واحد أمس، احتراماً لذكرى الضحايا وأقاربهم، لكن وزير الداخلية الألماني توماس دي ميزيير أكد ضرورة استمرار الأسواق والاحتفالات في كل مكان، معتبراً أن «إلغاءها سيكون خاطئاً». وسارعت دول أوروبية إلى اتخاذ تدابير أمنية مشددة في أسواق الميلاد، من خلال تكثيف دوريات ونصب حواجز. وأكد وزير الداخلية الفرنسي برونو لورو تشديد الأمن في «كل فاعليات نهاية السنة»، بما في ذلك نصب حواجز إسمنتية على أرصفة جادة الشانزيليزيه. كما نُصبت حواجز ضخمة في ستراسبورغ، لمنع المركبات من دخول منطقة سوق ميلادية، وأُقيمت حواجز متحرّكة. وحذر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من أن بلاده تواجه «مستوى عالياً من التهديد» الإرهابي، مستدركاً: «لدينا خطة تعبئة وتيقظ عالية أيضاً». وأعلنت الشرطة في لندن أنها «وضعت خططاً مفصّلة لحماية الأماكن العامة» خلال الأعياد، كما أبقت بلجيكا على مستوى إنذار يعكس تهديداً «ممكناً ومحتملاً»، فيما عزّزت النمسا وبولندا دوريات الشرطة وانتشارها في الأسواق. وأعلنت تشيخيا والدول الإسكندينافية مضاعفة الدوريات، من دون رفع مستوى التهديد. وأمر بوتين أجهزة الاستخبارات بتعزيز التدابير الأمنية في روسيا. إلى ذلك، أعلنت النيابة في سالزبورغ توقيف لاجئ مغربي في النمسا، للاشتباه في عزمه على تنفيذ اعتداءات خلال الأعياد.