لاقت الدعوة إلى العصيان المدني التي أطلقها ناشطون سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي وقوى سياسية معارضة، استجابة ضعيفة من قبل المواطنين، بينما وصفت الرئاسة العصيان ب «صفر كبير». وبدأت الدعوات إلى العصيان في نهاية الشهر الماضي والذي كان لاقى استجابة جزئية من قطاعات المجتمع السوداني، احتجاجاً على سياسات الحكومة الاقتصادية، التي أدت إلى زيادة أسعار السلع الاستهلاكية والوقود والدواء، لكن الدعوات ارتفعت هذه المرة لتنادي بإسقاط نظام الرئيس عمر البشير. وبدت حركة السير في شوارع العاصمة الخرطوم شبه عادية بينما زاولت معظم المحال التجارية أعمالها المعتادة في الأسواق والأماكن العامة. وفتحت المدارس والجامعات والمرافق الخدمية ومؤسسات القطاع العام والخاص أبوابها، فيما كانت الاستجابة لدعوات العصيان في الجامعات جزئية مع خلو بعض قاعات المحاضرات من الطلاب في جامعات عدة. وقلّ ارتياد الموطنين للمرافق الخدمية لمتابعة إجراءاتهم أو استخراج أوراق من الدواوين الحكومية، ولوحظ خلو مناطق تجمع العمال اليوميين في الأسواق والمحطات العامة. وتباينت ردود الفعل لدى الناشطين في مواقع التواصل الاجتماعي، فبينما أكد معارضون أن العصيان المدني نجح في توجيه رسالة إلي النظام، وأن هدفه أساساً هو رفض سياسات الحكومة وقراراتها الاقتصادية ومواصلة الكفاح حتى إسقاط النظام، تحدث أنصار الحكومة على الجانب الآخر عن فشل العصيان وعجز المعارضة في إقناع الشارع بدعواتهم. وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً تظهر عدداً قليلاً من المركبات في شوارع رئيسية في الخرطوم، معروفة بالازدحام وقت الذروة الصباحية. في المقابل، نشر موالون للحكومة صوراً تظهر أعداداً أكبر من السيارات في شوارع أخرى. وسخر حزب المؤتمر الوطني الحاكم من العصيان. وقال مساعد الرئيس ونائبه في الحزب إبراهيم محمود إن «معركتنا على الأرض، وهي زيادة الإنتاج في العمل وليست في الهواء مع دعاة المعارك في العالم الافتراضي. العصيان السابق كان صفراً كبيراً واليوم صفراً كبيراً أيضاً». ونفى مساعد الرئيس وجود معتقلين سياسيين في بلاده، مؤكداً أن الحكومة تقوم بكل الإجراءات التي تحفظ أمن البلد وسلامتها من أي تهديد أمني». وأضاف: «هل الحريات تعني عدم الاعتقال؟ وهل ممنوع الاعتقال؟ وأين غوانتانامو؟ وهل تعني أنه لا توجد حرية في أميركا؟»، بينما أكد معارضون وجود أكثر من خمسين معتقلاً سياسياً في السجون. كما خاطب نائب الرئيس حسبو محمد عبدالرحمن «اتحاد الشباب»، فوصف الداعين إلى العصيان المدني ب «عملاء الاستخبارات الغربية والإسرائيلية»، مؤكداً أن النظام لن يبيع الوطن ولن يطبع العلاقات مع إسرائيل ويترك الوطن لمجموعات الاستخبارات الإسرائيلية والأميركية. وزاد: «نقول للمخربين، لن تستطيعوا كسر إرادة الشعب السوداني الذي توحد في الحوار وناقش كل القضايا ووضعنا على أعتاب مرحلة جديدة لبناء دستور. سنواجه كل التحديات بهمة وإرادة عالية من أجل الشعب الذي فوّضنا ولن ننكسر». إلى ذلك، قال الرئيس عمر البشير إن الجيش وصل مراحل متقدمة في قدراته ويوفر كل احتياجاته من مصانع خاصة به، من «الطلقة إلى الصاروخ ومن الطبنجة إلى المدفعية». وكشف عن تمكن مصانع الجيش من الوصول إلى مرحلة صناعة الطائرات والقنابل الذكية والصواريخ الموجهة. وقال البشير خلال تدشين مدينة للضباط في أم درمان غربي الخرطوم، إن «الجهات الطامعة تريد إذلال السودانيين. يريدون تركيعنا ولكنا سنظل فوق ولن نركع ولن نسجد إلا لله». من جهة أخرى، أعلن البنك الدولي أن مناطق شرق السودان تُعد الأكثر فقراً وجفافاً في البلاد وتأوي نحو 147 ألف نازح في مدن القضارف وكسلا وبورتسودان، من أصل مليوني نازح في السودان كما أنها تشكّل محوراً لعبور الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا. وأعلنت بعثة البنك الدولي في السودان تدشين المرحلة الثانية من دعم سبل كسب العيش للمجتمعات المستضيفة في شرق السودان بعد أن أنهت المرحلة الأولى بكلفة 3,5 مليون دولار. وأشار بيان صادر عن البنك الدولي أمس، إلى وجود 2.2 مليون نازح في السودان، يعيش 147.000 منهم في ولايات الشرق الثلاث: القضارف، البحر الأحمر وكسلا. وإلى جانب كونه أحد أكثر أجزاء البلاد فقراً وجفافاً فإنّ شرق السودان يمثل أيضاً محور عبورٍ للمهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عبر مسارات التهريب التي تقود باتجاه الشمال الغربي إلى ليبيا.