كرم آلاف الأشخاص أمس (السبت) رائد الفضاء الأميركي جون غلين، أحد أبطال غزو الفضاء، الذي توفي الأسبوع الماضي عن 95 عاماً، في مراسم عامة أُقيمت في ولاية أوهايو مسقط رأسه. وتخلّل المراسم في جامعة أوهايو، عرضاً لمقاطع من مقابلات مع غلين الذي كان الأميركي الأول الذي يدور في مدار الأرض في العام 1962، وأفلام تروي محطات حياته، بين الكلمات التأبينية التي ألقاها أقرباؤه. وروى ابنه ديفيد غلين قصصاً مؤثرة عن والده، منذ كان يخبره وهو صغير كيف أن اصطدام الهواء بجناحي الطائرة يجعلها ترتفع عن الأرض، إلى واقعة حصلت حين كان غلين يمارس رياضة التزلج مع عائلته في ال 85. وقالت ابنته لين أن الحياة معه لم تكن يوماً مملة، مستعيدة أيضاً عدداً من القصص والذكريات عن والدها. وحضر الاحتفال نائب الرئيس الأميركي جون بايدن، الذي استذكر صديقه الراحل، مثنياً على تعامله مع الجميع باحترام. وقال أنه "عمل معه في مجلس الشيوخ لمدة 25 عاماً"، موضحاً ان غلين كان من أكثر الرجال المرحين الذين عرفهم. وتحدّث مدير وكالة الفضاء الأميركية تشارلز بولدن وهو رائد فضاء سابق أيضاً عن صفات الشجاعة والكرم والتواضع التي تحلّى بها الراحل في حياته ورفعته إلى مصاف النجوم. وسيدفن جون غلين في المقبرة الوطنية في أرلينغتون، قرب العاصمة الاتحادية واشنطن، حيث يرقد أكثر من 400 ألف جندي وشخصيات من الصف الأول، منهم جون كينيدي. وتضم المقبرة أيضاً نصبين تذكاريين لطاقمي المكوكين "كولومبيا" و"تشالنجر" اللذين انفجرا في الفضاء. وسيُدفن غلين قرب زميليه فيرجيل غريسوم الذي قضى في احتراق مركبته على الأرض في العام 1967، ورودغر شافي الذي كان يرافقه في المهمة نفسها. وتوفي جون غلين في الثامن من كانون الأول (ديمسبر) الجاري بعدما تدهورت صحته في أحد مستشفيات كولومبوس. وهو محارب وطيار سابق في سلاح الجو الأميركي شارك في الحرب العالمية الثانية وفي الحرب الكورية. وفي العام 1957، نفذ الرحلة الأولى بسرعة تزيد على سرعة الصوت، بين لوس أنجليس في الغرب الأميركي ونيويورك في الشرق، محققاً رقماً قياسياً في أسرع رحلة تصل غرب القارة الأميركية بشرقها. ثم أصبح في العام 1959 من ضمن السبعة الأوائل من رواد الفضاء الأميركيين الذين مهّدوا طريق الرحلات المأهولة أمام جيل من الرواد، منهم من وصل إلى القمر. وفي العام 1962، أصبح غلين بطلاً وطنياً لتمكنه من تنفيذ رحلة في مدار الأرض، إذ دار حولها على مدى بضع ساعات، قبل أن يعود إليها، معوضاً بذلك تأخر بلاده عن الاتحاد السوفياتي في هذا المجال، على اعتبار أن موسكو نجحت في تحقيق مهمة مماثلة قبل ذلك بعام مع رائد الفضاء يوري غاغارين. وكانت تلك المهمة شديدة الأهمية في الوقت الذي كانت الحرب الباردة على أشدها بين الولاياتالمتحدة والاتحاد السوفياتي. وفي العام 1974، دخل غلين معترك العمل السياسي وانتُخب عضواً في مجلس الشيوخ، وظل فيه حتى العام 1999. وحقق غلين حلمه بالسفر مجدداً إلى الفضاء في العام 1998، وأمضى في مدار الأرض على متن المكوك "ديسكوفري" تسعة أيام، وجعلته هذه الرحلة الرائد الأكبر سناً في العالم الذي ينفذ مهمة في الفضاء عن عمر 77 عاماً.