تؤكد مدير مركز ثوابت للتنمية البشرية والاستشارية النفسية في مكتب الإنماء الاجتماعي التابع لمجلس الوزراء الكويتي، ورئيس قسم تأهيل الباحثين والمرشدين، الدكتورة سعاد البشر أن الطب النفسي، وتحديداً العلاج الإكلنكي، ليس سهلاً، ولا يستطيع أي مختص ممن لم يبحر في علومه ويتعمق فيها أن ينصب نفسه مستشاراً وتضيف في حوار مع «الحياة» أن الأمراض النفسية، وتحديداً الاكتئاب والوسواس القهري هما أكثر الأمراض انتشاراً بين الخليجيين... فإلى تفاصيل الحوار: من خلال عملك وخبرتك، ما أكثر الأمراض النفسية انتشاراً في منطقة الخليج تحديداً؟ وما الأسباب، من وجهة نظرك، وما العلاج المقترح؟ - يمكن لأني تخصصت في الوسواس القهري، فكانت أكثر الحالات التي تحول لي سواءً في عملي الحكومي في مكتب الإنماء الاجتماعي، أو في مكتبي الخاص وهو مكتب ثوابت والتنمية البشرية الذي فتحته قبل نحو السنتين، ووجدت أنه حتى ظهوري الإعلامي في الإذاعة والتلفاز لأتكلم عن هذا الاضطراب، فمعظم الحالات التي تحول لي من الزملاء أو من الناس التي تسمعني هي حالات اضطراب الوسواس القهري، وهو أنواع، لكن أكثر الأنواع انتشاراً هي وساوس الاغتسال والنظافة، في الوضوء والصلاة يمكن لأننا دول مسلمة، وأيضاً إلى جانب الوسواس القهري، وجدت مشكلة الاكتئاب عند البعض وغالباً ما يكون عرضاً ثانوياً وليس أولياً، أي تسبقه ضغوط نفسية، أو تسبقه مشكلات زوجية فيظهر اضطراب الاكتئاب، فنحن نحاول أن نخرج المريض من الحال النفسية التي هو فيها وهي الحال المضطربة إلى حال أكثر قوة حتى يستطيع مواجهة المشكلات التي تواجهه في الحياة، وبالنسبة للوسواس القهري فللأمانة العلاج الذي كنت أستخدمه دائماً هو ما يُسمى بالعلاج المعرفي السلوكي. الكثيرون يشخصون أنفسهم بأنهم مصابون بالاكتئاب أو الإحباط، هل ما يعبر عنه في الحياة اليومية بشكل دائم من معظم الناس ومن مختلف الأعمار إن لم يكن الجميع بين فترة وأخرى استناداً لمرورهم بمواقف أو ظروف معينة بأنهم مصابون بإحدى الحالات أو الأمراض السابقة، وهناك من يجمع بينها من الممكن أن يعتبر صحيحاً؟ أم أنها عبارة عن حالات أو درجات من درجات الحزن والألم فقط؟ - طبعاً الاكتئاب له محكات تشخيصية، وحتى الأمراض، أنا لا أستطيع القول، حتى الوسواس القهري فأحياناً هناك أناس يوسوسون بشكل عادي وتقول: دكتوره أنا عندي وسواس قهري، لا طبعاً، أنا لكي أقول عندك اكتئاب أو وسواس قهري ليس من مرة أو من مرتين، فالعلم لم يأتِ هكذا، الاكتئاب له محكات معينة نرجع لها، فنحن الأخصاصيين النفسيين والأطباء النفسيين، لدينا كتاب يُسمى الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية والعقلية، فيه جميع الأمراض التي يتعرض لها الإنسان مثل الاكتئاب، وأضافت البشر قائلة في هذا الصدد: نحن عندما نقول احباطاً واكتئاباً، الإحباط هو الدرجات الأولى للاكتئاب، وهي ليست اكتئاباً، الاكتئاب هو مرور الفرد بحال من الحزن الشديد والنظرة السوداوية للحياة، والحزن على اجترار الماضي دائماً والحزن على ما مضى، والإحباط هو التعرض لموقف يتوقع الإنسان أنه ينجح فيه، أي في هذا الموقف، لكن بسبب ظروف قاسية مثلاً، أو بسبب أياً كان يحبط ذلك الإنسان بعدم تحقق الموقف الذي كان يتمناه فيصاب هذا الإنسان بالإحباط، بتكرار الإحباطات قد يدخل في حال من الاكتئاب، أي ليس شرطاً، لكن لكي أقول إن هذا الشخص يعاني من الاكتئاب، أنا لابد أن أرجع إلى هذه المحكات التشخيصية، التي هي عبارة عن الأعراض المرضية التي هي أكثر من عشرة أعراض، إذا أصيب الإنسان بستة منها أو خمسة أقول إن هذا الإنسان يمر بحال من الاكتئاب. ما رأيك بمن ينصب نفسه مستشاراً نفسياً لحل مشكلات الآخرين لكونه حصل على دورة قصيرة أو دبلوم معين في هذا المجال، كما نشاهد في عالم الشبكة العنكبوتية؟ وهل كل تربوي أو اختصاصي نفسي أو اجتماعي مؤهل لحل المشكلات؟ - بصراحة هذه المشكلة حديث الساحة الآن، خصوصاً في منطقة الخليج العربي، وتحديداً بعد عام 90 بعد أزمة غزو الكويت، والكويت كانت هي السباقة لفتح مجال العلاج النفسي والاستشارات لما تعرض له أبناء المنطقة في تلك الفترة من الصدمات النفسية والإحباطات والاكتئاب والقلق العارم والكثير من الأمراض الناتجة عن الغزو، لكن في السابق لم يكن لدينا ما يُعرف باستشارات نفسية، وما كان معروفاً لدينا هو الطب النفسي الذي يلجأ فيه الأطباء للأدوية، ولم يكن يوجد عيادات، فمعظمها كان في مستشفى الطب النفسي، سواءً كان في الكويت أو في المملكة أو في أي من دول الخليج، والإقبال يكون من الحالات التي وصلت لدرجة الأمراض العقلية، بمعنى قليل من كان لديه مشكلات نفسية وليست عقلية يذهب للطب النفسي، لكن بعد الانفتاح الفكري والشبكة العنكبوتية ووجود اختصاصيين درسوا هذا المجال أصبح لدينا على الساحة بالفعل اختصاصيون في الإرشاد والعلاج النفسي ويدرسون هذا العلم، وتخصصهم في الماجستير والدكتوراه، إما في علم الأمراض النفسية، أو الاكلنكي، أو علم الإرشاد النفسي، أي هم متخصصون، لكن هناك كثيراً من فروع علم النفس ك «علم النفس التنظيمي، البيئي، الصناعي... الخ»، هل يعقل أن يقدم هؤلاء استشارات نفسية بصفة عامة؟! لكن الذي حدث أنه عندما بدأ التفكير بالربح السريع، عندما رأى أناس لأنها أصبحت بمقابل أصبح كل واحد بوده أن ينصب نفسه مستشاراً نفسياً، فهذه الأمور للأسف مستجدة على الساحة، الناس الآن أصبح لديهم انفتاح أكثر من السابق، وقد لا حظت ذلك على سبيل المثال من خلال مركز ثوابت للاستشارات حيث وصل عدد الحالات إلى 900 حال والمركز لم يمض عليه سنتان، وهو من ضمن العديد من المراكز التي يقوم عليها مختصون في الكويت، ومنها ما أسميها مراكز تجارية، أصحابها أخذوا دورات تدريبية في البرمجة العصبية أو في السمات الشخصية ونصب نفسه مستشاراً، هؤلاء يستطيعون أن يقدموا دورات تدريبية لمجموعة من الناس، لكن أساساً الأخلاقيات المهنية ليست موجودة عندك، هذا فتح باباً لمشكلات أخرى أصبحت موجودة، لأن الأخلاقيات المهنية تحتم علينا أن نكون محايدين للدرجة الأولى مع العميل، وكذلك تحتم علينا الا يكون من أهلنا، لكن مثل هؤلاء الإخوة الذين أخذوا دورات أو دبلوم ويقدمون الاستشارة دائماً يقعون في هذه الأخطاء، وهم غير ملمين بجميع الأمراض النفسية، فنجدهم درسوا مرضاً أو مرضين أو ألموا بأعراض القلق والاكتئاب، وهما أكثر الأمراض انتشاراً، وقال أنا معالج، يجلس مرة وفي الجالسة الثانية يتورط لا يستطيع أن يكمل مع العميل العلاج وأصلاً لا يعرف ما النهاية، أو الأسس التي نبني عليها، فأتمنى أن يعرف كل واحد حقيقة نفسه.