يواجه العراق خطر انتشار سريع لوباء السلّ («التدرن الرئوي»)، مع وصول عدد المصابين بهذا المرض إلى أكثر من 100 ألف. وعلى رغم أن العراق واجه كثيراً من الاوبئة والامراض المُعدية خلال السنوات القليلة الماضية، مثل السرطان والكوليرا، إلا ان عودة السلّ إلى الاستيطان فيه، تشكّل خطراً داهماً، خصوصاً ان التدرّن الرئوي هو عدوى سريعة الإنتشار، بحسب تأكيدات أطباء وعاملين في الحقل الصحي. ويخشى هؤلاء من تحوّل هذا الوباء الى معضلة يستعصي علاجها في ظل الأوضاع التي يعيشها العراق. وكشف مستشار اللجنة الصحية في البرلمان العراقي الدكتور علي العنبوري، عن اصابة أكثر من 100 ألف عراقي بالمرض، تقطن غالبيتهم المناطق الفقيرة مثل مدينة الصدر وحي طارق في بغداد، إضافة الى أحياء مُشابهة في محافظات الأنبار والنجف والعمارة والبصرة والسلّيمانية. وقال العنبوري: «يرتبط المرض كثيراً بالمناطق المزدحمة لأنه ينتقل عبر الهواء ويصيب الانسان من طريق التنفس». وأضاف: «تتكتّم وزارة الصحة على أعداد الوفيات بهذا المرض، الا أن أقل تقدير لنسبة الوفيات يتراوح بين 10 و15 في المئة من المصابين». وبيّن العنبوري أن ما يفاقم حالات الاصابة بالسلّ ويوصلها إلى الحال المستعصية، هي البيروقراطية في المنظومة الصحية كونها لا تتيح السرعة المطلوبة في تشخيص المرض أو في تلقي المصاب للعلاج المناسب. وتابع قائلاً: «عدم وجود مستشفيات متخصصة في السلَ عراقياً، يضاعف حالات الاصابة به. إذ يفترض أن تأخذ هذه المستشفيات على عاتقها حجر المريض وعزله، كي يتمكّن من إكمال دورة العلاج التي تحتاج إلى شهرين اذا كان المرض في بدايته، وبين 6 أشهر إلى سنة اذا تطوّر المرض واستعصى». ولفت العنبوري إلى ان العراق لا يمتلك القدرة حاضراً على معالجة المرضى، ما يؤدي الى مفاقمة حال الإصابات بالسلّ، وزيادة نسبة الوفيات بين مرضاه. وأشار إلى ان علاج المصاب يتكلف مئة دولار عند اكتشاف إصابته مبكراً، ويرتفع المبلغ إلى مئة ألف دولار، إذا تحوّل حالاً مستعصية. واتّهم العنبوري وزارة الصحة، بل مجمل النظام الصحي، بعدم الاهتمام بإيصال المريض إلى حال الشفاء الكامل، مبيّناً أن كثيراً من المرضى يتلقون علاجاً لاسبوع، ثم يهملون مع تحسّن حالاتهم، مُلاحظاً ان هذا الوضع يتيح للبكتريا المُسبّبة للسلّ أن تطوّر نفسها، فتصبح «منيعة» تجاه الأدوية، ما يعني إنتقال المُصاب بها الى وضع الاستعصاء على العلاج، بل ربما الموت. في المقابل، قلّل مدير دائرة الصحة العامة في وزارة الصحة الدكتور إحسان جعفر من المخاطر المرتبطة بالمرض، على رغم إقراره بالعدد الكبير من المصابين. وفي حديث إلى «الحياة»، قال جعفر: «هذا العدد (مئة ألف) تراكمي، ويشمل المصابين جميعهم، حتى الذين عولجوا وشفوا من السلّ، إضافة الى أولئك الذين ما زالوا تحت العلاج، الذي تصل مدّته إلى 9 شهور». وأضاف: «كل شخص يبدأ بتناول العلاج يتحوّل إلى شخص غير معدٍ... ولا ينفي ذلك ان السلّ موضوع كبير، بل يشغل وزارة الصحة منذ فترة طويلة». وأقرّ جعفر بعدم وجود مستشفى متخصص في هذا المرض، لكنه أشار إلى ان وزارة الصحة تمتلك مستشفى متخصّص بالأمراض المُعدية في منطقة التويثة في بغداد، يستقبل الحالات التي تحتاج حجراً صحياً. وبيّن أن وزارة الصحة تمتلك أدوية لعلاج الحالات المستعصية، استوردتها منذ فترة قصيرة من أرقى الشركات العالمية. في سياق منفصل، أطلقت «منظمة الصحة العالمية» والسلّطات العراقية دراسة واسعة، عقب أنباء عن ولادة أطفال في الفلوجة يعانون من عيوب وتشوّهات خلقية. وأوضحت المتحدثة باسم المنظمة فضيلة الشايب أخيراً، أن تحقيقاً بدأ في ست محافظات عراقية في شأن الأنباء عن التشوّهات الخلقية.