الموازنة المالية في الأندية السعودية تسير بالبركة وبدعاء الوالدين، فلا غرابة إذا تعسّر دفع فاتورة الماء أو الكهرباء لأي نادٍ سعودي، ولا غرابة إذا أشهر أكبر الأندية السعودية إفلاسه، كما فعل ليدز يونايتد الموسم الماضي، وكما فعلت أندية أوروبية شهيرة على مدار السنوات القليلة الماضية. تسلحت بعض الأندية السعودية بسياسة التكتم على ديونها المتراكمة، فيما حاولت الأغلبية «مد القدمين على قد اللحاف»، والذي لا يعجبه يجلس في منزله، واتجهت أندية أخرى لممارسة «الطرارة» بواسطة الإعلام (سلاحها الخفي) لكي تقلب عليه بعد تحسن أحوالها كما كان يفعل رؤساء أندية معروفة بتسليط الإعلام لممارسة «الشحاذة» وكشف المعاناة والظروف المالية في النادي، وعندما يتسلم الرئيس 10 ملايين ريال أو أقل أو أكثر يجلد الإعلام بسياط نقده اللاذع وينعت الإعلام بعبارات قاسية بحجة كشفه العيوب والثقوب وتهويل الأمور، ويصل الأمر إلى وصف الإعلام بعدم الصدقية. ما علينا من الماضي، وتعالوا للحاضر، هل الأندية خصوصاً الخمسة الغنية استفادت من ملايين الرعاية من الشركات الراعية؟ وهل تم صرف هذه المبالغ بتقنين ووفق موازنة معلنة ومعقولة؟ الحقيقة أن الأندية تحصل على مبالغ مالية كبيرة من الشركات الراعية ومن الشرفيين، إضافة للمداخيل المختلفة، لكن النظام المالي في هذه الأندية هش وبدائي وينثر هذه المبالغ في زمن قياسي، ولذا فمعاناة الأندية الكبيرة قائمة وتوشك على الانفجار، وقد يعلن ناديا الهلال والنصر إفلاسهما ما لم تكن هناك حلول من أصحاب الاختصاص في الشؤون المالية. رئيسا الهلال والنصر تسابقا في ترديد عبارة إفلاس بشكل أو بآخر، وقالا بطريقة مشتركة إن إمكاناتهما المالية لا تساعدانهما على الاستمرار في الصرف، يعني «عطونا» دعماً مالياً شرفياً سريعاً أو نعلن الإفلاس، وتقبيل النادي في مزاد علني. اتحاد القدم فرض قيوداً عدة للحفاظ على حقوق اللاعبين والموظفين، وألزمها بعدم تسجيل لاعبين ومنع التعاقدات الجديدة ما لم تكن مسيرات اللاعبين المحترفين موقعة، وعمل تسوية مالية ومخالصة لكل المغادرين، والآن سيتدخل اتحاد القدم وسيفرض على الأندية استقطاع جزء أساسي من مبالغ الرعاية لتغطي الرواتب الشهرية لجميع المحترفين والعاملين لكي تتلافى سياسة الصرف العشوائي، ولكي تضمن حقوق اللاعبين والعاملين كافة، خصوصاً الأجانب الذين لا يصدقون أن أندية خليجية لا تصرف رواتبهم في مواعيدها ولا يقبلون أعذار التسويف والمواعيد العرقوبية. بقية الأندية السعودية التي تقف على مشارف الإفلاس مخيرة بين الاحتراف الشكلي وتطبيق سياسة الترقيع و«التخبيص»، أو الهواية المفتوحة ومن أراد ممارسة الرياضة في الهواء الطلق فأهلاً به أو البقاء في المنزل، فالمنزل بيته ولا يهون الاحتراف وأعباؤه المالية المتراكمة. [email protected]