لا يجد رجال أمن «حرجاً» في إعلان «أميتهم»، فمهام وظيفتهم لا تستدعي أي خلفية ثقافية، ولاسيما القراءة والكتابة! فهم يستعيضون عنها ببناء أجسامهم وصقل قدراتهم في الفنون القتالية. ويعزو الخبير الاقتصادي ناصر المحمّد انتشار الأمية بين العاملين في هذا النوع من الوظائف إلى شركات الحراسات الأمنية التي تحرص على توظيف أصحاب الشهادات المتدنية لمعرفتهم بأنهم في أمس الحاجة للحصول على وظيفة، «فتتمكن من إملاء الشروط التي تريدها من دون أي اعتراض منهم». ويشير إلى وجود شركات تقبض ملايين من جراء حمايتها لمنشآت حكومية أوخاصة، لكنها تقوم بإعطاء موظفيها رواتب زهيدة بحجة أميتهم وعدم امتلاكهم الشهادات». وأكد مسؤول التوظيف في إحدى شركات الحراسات الامنية (تحتفظ «الحياة» باسمها) سعيد الأسمري أن المعيار الأساسي لاختيار المتقدمين على وظيفة حارس امن، «أن يكون صاحب بنية جسمانية ضخمة وأن يجيد الفنون القتالية، لأن الجهة المتعاقد معها تطالبنا بهذه الشروط». وأضاف: «حراسة الأمن تعتمد على الشجاعة والمجازفة عند وقوع أزمة طارئة في الجهة التي يعمل بها، بغض النظر ان كان يملك مؤهلاً علمياً أم لا»، مشيراً إلى أن 70 في المئة من حراس الأمن الذي يعملون لديهم لا يملكون سوى شهادة الابتدائية. لكن قوة البنيان والشجاعة لا تمنعان من وقوع المشكلات بسبب أمية بعض الحراس، فالشركة كما يقول أبوعادل تقع في مشكلات بسبب أن «العديد من العاملين لا يملكون ثقافة الحوار ولغتهم شعبية قريبة إلى الشوارعية، ولهذا بعد أن يتم قبولهم نقوم بتأهيلهم وعمل دورات عن كيفية مخاطبة الجماهير، وإعطائهم جرعات ثقافية بسيطة حتى لا يصطدموا مع الآخرين». فيما ذكر محمد سعد الذي يعمل حارس أمن في مجمع تجاري أنه يحمل شهادة ثالث ابتدائي، لهذا لجأ إلى وظائف الحراسة بعد أن طرقت جميع أبواب الوظائف، منوهاً إلى أن شركات الحراسات الامنية ترفض قبول الأشخاص الذي يملكون مؤهلات علمية حتى لا تتم مطالبتهم برواتب مجزية. وأضاف: «تحملنا لإهانات بعض الأشخاص ووقوفنا بالساعات الطويلة تحت أشعة الشمس يأتي من عدم امتلاكنا شهادات نستطيع أن نبحث بها عن وظيفة أفضل». واستطاع فرج بشير أن يصبح مشرفاً على أكثر من 20 شخصاً في إحدى المنشآت الحكومية بعد أن وثقت الإدارة بقدرته الفائقة وإجادته لحماية المنشاة، على رغم عدم إجادته القراءة والكتابة، لافتاً إلى أن حراسة الأمن لا تعتمد على المؤهلات العلمية بقدر ماتعتمد على «القيادة والأمانة» في حماية المنشاة التي يعمل بها. ويحكي المواطن حمود الضبعان قصة طريفة حدثت له مع أحد حراس الأمن الذين لايجيدون القراءة والكتابة في مجمع تجاري بالرياض، يقول: «كنت أبحث عن محل نسائي لاسترجاع سلعة لأهلي، وأثناء تجولي فوجئت بحارس أمن يقبض علي ويسحب الورقة مني ظناً بأنه يحمل رقم هاتف كما كان يعتقد، وعند إحضار المشرف اكتشف أنها الفاتورة ومدونة عليها اسم المحل الذي أبحث عنه».