طرحت فصائل المعارضة السورية أمس، مبادرة لبدء «هدنة إنسانية» تستمر خمسة أيام في مدينة حلب، تسمح بإجلاء الجرحى والمدنيين الراغبين في مغادرة الأحياء المحاصرة، لكنها تجاهلت الإشارة إلى المسلحين، وسط معلومات عن محادثات أميركية- روسية لتأمين «ممر آمن» لانسحاب المسلحين. وعلى رغم أن مبادرة الفصائل لقيت صدى من ست عواصم غربية طالبت بهدنة فورية في حلب، بدت موسكو مترددة في قبولها بعد التقدم الكبير للقوات النظامية التي سيطرت بحلول الصباح على كامل حلب القديمة ودخلت القلعة من طرفها الشرقي، لتضيق الخناق أكثر على الفصائل التي باتت محصورة في الجزء الجنوبي من شرق حلب. وتكتمت موسكو أمس على تفاصيل المفاوضات الجارية مع أطراف في المعارضة المسلحة السورية في تركيا، بالتزامن مع الإعلان عن لقاء جديد مساء في هامبورغ بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري، حيث يُتوقع أن يناقشا «توفير ممر آمن لمسلحي المعارضة للخروج من حلب المحاصرة»، بحسب ما نقلت «رويترز» عن مسؤول أميركي. ويأتي اللقاء بينهما بعد أقل من 24 ساعة على إعلان موسكو أن المحادثات الروسية- الأميركية «وصلت إلى طريق مسدود» بعد سحب واشنطن «اقتراحات» سبق أن قدمها كيري للجانب الروسي. وأوحى استئناف الحوار بين الطرفين بظهور «أفكار جديدة»، كما أشارت مصادر ديبلوماسية ربطتها بقرب التوصل إلى اتفاق يقضي بخروج «كل المسلحين من المدينة مع تحديد الممرات والسقف الزمني المطلوب لتنفيذ ذلك». وبرز تشدد في لهجة الناطق باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، الذي تحدث أمس عن «شروط» قدمتها روسيا إلى ممثلي المعارضة، وأوضح أن «روسيا عرضت عليهم الخروج، والنقاش يدور حول هذا الموضوع». لكنه استدرك «أن المسلحين المتبقين في أحياء حلب الشرقية، وحّدوا صفوفهم، كلهم إرهابيون، ومحور هذا التحالف هو تنظيم النصرة الإرهابي». على صعيد آخر، أعلن مجلس الفيديرالية (الشيوخ) الروسي إنهاء العمل على التحضيرات المرتبطة بتوقيع اتفاق مع الحكومة السورية في شأن الوجود العسكري الدائم في قاعدة طرطوس. ووفق مصادر برلمانية، فإن الاتفاق سينص على حق روسيا في استخدام القاعدة لمدة 49 سنة قابلة للتجديد. وفي باريس (أ ف ب)، وزّعت الرئاسة الفرنسية بياناً باسم ست عواصم غربية هي واشنطنوباريس ولندن وبرلين وروما وأوتاوا، جاء فيه أن «الأولوية الملحة القصوى هي لوقف إطلاق نار فوري يسمح للأمم المتحدة بتسليم المساعدات الإنسانية الى سكان حلب الشرقية ومساعدة الذين فروا» منها. وأضاف النداء الصادر باسم قادة الدول الست: «ندين أعمال النظام السوري وحلفائه الأجانب، لا سيما روسيا، لعرقلتهم المساعدة الإنسانية. وندين بحزم هجمات النظام السوري التي دمرت المنشآت المدنية والطبية، وندين استخدام البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية». ميدانياً، سيطرت القوات النظامية صباحاً على كل أحياء حلب القديمة بعدما انسحبت منها الفصائل ليلاً، ما يحصر عناصر المعارضة في بقعة صغيرة نسبياً في ما تبقى لهم من الأحياء الجنوبيةالشرقية، وسط تقارير عن تجاوز عدد النازحين من الأحياء الشرقية 80 ألفاً منذ بدء الهجوم عليها في منتصف تشرين الثاني (نوفمبر). وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن معارك عنيفة دارت على أطراف حي باب النيرب في حلب، وعلى محاور المصلحين والمرجة والمعادي «حيث تحاول القوات النظامية مواصلة التقدم بعد سيطرتها على كامل حي باب النيرب وتقدمها في حي المرجة مجدداً وسيطرتها على أجزاء من حي المعادي بغطاء جوي وصاروخي مكثف». وأفاد «الإعلام الحربي» التابع ل «حزب الله» اللبناني، بأن قوات الجيش السوري المتقدمة في اتجاه قلعة حلب من شرقها، التقت مع عناصر حاميتها ودخلتها من «مدخلها الرئيسي»، مضيفاً أن مسلحي المعارضة «انسحبوا باتجاه جنوب حلب الشرقية: الكلاسة، بستان القصر، الأنصاري، المشهد، السكري، المصلحتين، كرم الدعدع، النزهة وصولاً إلى الشيخ سعيد».