عبّر المغرب عن التزامه الحفاظ على علاقات قوية مع روسيا، لافتاً إلى أن تلك العلاقات تعززت بإعلان الشراكة الإستراتيجية المعمقة بين البلدين المبرم في مناسبة زيارة العاهل المغربي الملك محمد السادس لموسكو في آذار (مارس) الماضي. وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية المغربية أول من أمس بأن أي مواقف مرتبطة بالسياسة الدولية غير صادرة عن القصر لا تلزم الدولة المغربية، مؤكداً أن الملك «يبقى الضامن لثبات واستمرارية المواقف الديبلوماسية للمملكة ولاحترام التزاماتها الدولية». جاء ذلك بعد طلب استفسار تقدم به السفير الروسي في الرباط فاليري فوروبييف حول تصريحات منسوبة إلى رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بن كيران اتهم فيها روسيا بتدمير سورية، حيث قال «إن ما يفعله النظام السوري بشعبه مسنوداً بروسيا وغيرها يتجاوز كل الحدود الإنسانية، ولا يمكن فهم أسبابه الحقيقية». متسائلاً: « لماذا تدمر روسيا سورية بهذا الشكل؟ ». وأشار بن كيران إلى أن ما يجري من تصعيد عسكري من النظام السوري وحلفائه في حلب، يدمي القلب، وغير قابل للفهم. معبراً عن اعتقاده بأن «العالم قد مات إزاء ما يجري من جرائم في سورية». وأشار البيان إلى أن وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار أكد خلال استقباله أول من أمس في الرباط السفير الروسي الموقف الواضح لبلاده حيال الأزمة السورية، مشيراً إلى «التزام المملكة من أجل حل سياسي يضمن استقرار سورية ويحافظ على وحدتها الوطنية والترابية» معبراً في الوقت ذاته عن «الانشغال بالمآسي الإنسانية الخطيرة التي خلفتها الأزمة السورية». وشدد البيان على «قناعة المغرب بأن حل الأزمة السورية يتطلب انخراطاً قوياً للمجتمع الدولي لا سيما القوى القادرة على التحرك الميداني والتأثير في مجريات الحوادث»، مشيراً إلى «المبادرات الملموسة التي تم القيام بها بتعليمات ملكية بهدف التخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق»، من «إقامة مستشفى ميداني بمخيم الزعتري منذ سنة 2012، والتسوية الاستثنائية لوضعية اللاجئين السوريين في المغرب، ومنح مساعدة إنسانية مهمة». وقالت مصادر مأذونة إن تصريحات بن كيران أثارت حفيظة روسيا والمغرب على حد سواء، مشيرة إلى تزامنها وجهود تبذلها المملكة لتعزيز محور الرباط - موسكو. وربطت المصادر بين لهجة بيان الخارجية والغضب الرسمي من تصريحات بن كيران. ونوّهت بأن مزوار عمد إلى «تقريع» رئيس الوزراء المكلف أمام السفير الروسي حيث وصف تصريحاته ب «المرتجلة» وأنها تعبير عن «موقف شخصي». وقال مزوار وفق ما نقله البيان الرسمي إن بلاده «تحترم دور وعمل فيديرالية روسيا بخصوص الملف الروسي كما هو الشأن بالنسبة إلى قضايا دولية أخرى»، مضيفاً أن المملكة المغربية «باعتبارها دولة مسؤولة وذات صدقية على الساحة الدولية، تحدد مواقفها الديبلوماسية الرسمية على ضوء القيم والمبادئ والمصالح التي تحكم سياستها الخارجية». وزاد البيان أن «هذه المواقف الرسمية تأتي عقب تقييم عميق ومسلسل من التفاعل والتثبت بانخراط عدد من الفاعلين والمؤسسات». أضاف «لا يمكن هذه المواقف بالنظر لتعقدها وخطورتها، أن تكون محط ارتجال، أو أن تعبر عن وجهات نظر شخصية». ولم يعلق بن كيران على بيان الخارجية المغربية في حينه، غير أن مصادر قريبة من حزب «العدالة والتنمية» الحاكم خفّفت من حدة الأزمة الديبلوماسية الناشبة، مشيرة إلى لقاء محتمل بين بن كيران والسفير الروسي.