علمت «الحياة» من مصادر عدة أن أقوى حركة إسلامية متمردة في الصومال تواجه خطر الانشطار بعدما شبّ خلاف حاد بين اثنين من قادتها الكبار حول السلطة وحول غياب وجود استراتيجية سياسية للحركة. وتضمنت الخلافات مزاعم في شأن المحسوبية وسوء استخدام أموال الحركة. وتفيد المعلومات المتوافرة ل «الحياة» أن الخلاف بين شيخ مختار أبو زبير المعروف بأحمد غودني ونائبه شيخ مختار روبو أبو منصور قد وصل إلى حد القطيعة، بينما وصلت تداعياته إلى المدن التي تسيطر عليها الحركة مثل كسمايو وبلدوين والعاصمة مقديشو، حيث شرع مقاتلو روبو في الخروج سراً منها إلى المناطق التي تسكن فيها قبيلته، رهانوين، الواقعة في جنوب غربي الصومال. وتترك هذه الخطوة المقاتلين التابعين لغودني في وضع حرج، إذ لم يبق لهم مأوى غير مناطق قبيلة هاوي في أقاليم وسط الصومال والعاصمة. وقد أدّى غياب الوحدة بين المقاتلين إلى تراجع عناصر الحركة في عمليات القتال الجارية ضد الحكومة وقوات الاتحاد الأفريقي في مقديشو. إذ أكد أفراد من حزب الإسلام (الحزب الإسلامي) ل «الحياة» أن مقاتلي «الشباب» يبدون وكأنهم يعانون من اضطراب في صفوفهم، لذا فهم في وضع دفاعي في الغالب، بعكس عادتهم في القتال. وكان زعيما «الشباب» قد اختلافا مرات عدة منذ إنشاء الحركة رسمياً في أواخر 2007. لكن إسلاميين ومحللين يقولون الآن إن الخلاف الحالي يتمحور حول السلطة وإهمال مزعوم من قبل غودني للمقاتلين الذي أصيبوا في حرب رمضان الأخيرة، وإن ذلك جاء بمثابة الضربة الأخيرة للعلاقات المتوترة أصلاً بينهما. ويقول بعض المحللين إن هذا الخلاف يُنذر ببدء نهاية «الشباب» كحركة موحدة. ويقول هؤلاء المحللون إن من الصعب إنهاء الخلاف بين الرجلين من دون إضعاف أحدهما الآخر، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى إضعاف الحركة التي ترفض التحاور مع حكومة تؤيده الدول الغربية. ويقول رشيد عبدي من مجموعة الأزمات الدولية: «إن هذا الخلاف داخل الشباب وإدعاءت المحسوبية والفساد والقبلية هي نموذج للتركيبة السياسية في الصومال»، معتبراً أن حركة «الشباب» لم تتمكن من الخروج عن هذا النموذج على رغم خطابها الذي ينأى بها عن القبلية والفساد والمحسوبية. وقالت المصادر الإسلامية التي تحدثت إلى «الحياة» إن الخلاف بين الرجلين بدأ عندما تم إلغاء اتفاق أبرمه روبو مع قادة حزب الإسلام وقضى بتوحيد الحركتين باسم جديد على أن تحتفظ حركة «الشباب» بمنصب رئيس الحزب الجديد. وأغضبت هذه الخطوة روبو الذي رأى أن غودني يقصد منها تقويض نفوذه في الحركة. ولكن سرعان ما ظهرت خلافات جديدة بين الرجلين بعد فشل الحركة في تحقيق نتائج من حرب شهر رمضان حتى بعد ضخ مئات المقاتلين إلى العاصمة بهدف إطاحة الحكومة الصومالية وإرغام قوات الاتحاد الأفريقي على الرحيل. وتذكر المصارد الإسلامية أن معظم من جُرح أو توفي في الحرب كان من قبيلة «رهانوين» التي تمثّل أكثر من 80 في المئة من القوة القتالية للحركة، ولكنهم لم ينالوا العناية الكافية. وكان أعيان قبيلة «رهانوين» يطلبون من روبو تفسير السبب الذي جعل أبناءهم مجرّد مقاتلين بينما يتبوأ أناس من شمال الصومال المناصب العليا في الحركة. وكان مراقبون يتوقعون منذ فترة أن يحصل طلاق بين الرجلين بسبب الاختلاف الحاد في شخصيتيهما: روبو محبوب لدى المقاتلين، بينما غودني لا يعرفه مقاتلو الحركة إذ إنه لا يزيل الغطاء عن وجهه ونادراً ما يأتي إلى خطوط القتال الأمامية، بعكس روبو الذي أصيب أخيراً بجروح طفيفة وهو في ساحة القتال. وأكد مقاتل من حزب الإسلام كان في الخط الأمامي في العاصمة، أن مقاتلين من حركة الشباب أتوا إلى حزبه طالبين الإنضمام إليه، إلا أن الحزب رفضهم «لأنه لا يريد أن ينشطر الحزب إلى خمسة أحزاب». كما أكد مدير الإذاعة الحكومية «إذاعة مقديشو» عبدالرحيم عيسي أدو أن روبو كان يبحث عن تحالفات مع القبائل الصومالية في جنوب البلاد لتكوين حركة إسلامية مستقلة عن «الشباب». ويُعتقد في هذا الموضوع أن الفيصل سيكون موقف أعضاء قبيلة هاوي في حركة «الشباب». فإذا هم تحالفوا مع روبو فإن غودني سيصبح عندئذ «ورقة محروقة»، ولكنهم إذا أيّدوه فإنه سيبقى في الساحة بعض الوقت. في غضون ذلك (رويترز)، قال مبعوث الاتحاد الافريقي للصومال وافولا وامونيني ان قوات الاتحاد ربما تسيطر على نصف مقديشو بحلول نهاية تشرين الأول (اكتوبر) على اثر الضعف الذي أصاب المتمردين الاسلاميين بعد حملة كبيرة ضدهم. وقال إن قوات حفظ السلام الاوغندية والبوروندية تسترد أراضي من المتمردين يومياً وتدفع خط الجبهة تدريجاً نحو مشارف المدينة. وأضاف للصحافيين في العاصمة الكينية: «قواتنا الآن لها وجود في أنحاء أكثر من 40 في المئة (من مقديشو). نتوقع أن تصل الى أكثر من 50 في المئة هذا الشهر اذا واصلنا إحراز هذا التقدم».