حضر المجتمع السعودي بسلبياته وإيجابيته في ثلاث روايات إنكليزية، تطرق لها الدكتور مبارك الخالدي في ورقة قدمها في أمسية أدبية، نظمها نادي الأحساء الأدبي- مساء الثلثاء الماضي، ضمن الفعاليات المصاحبة ل «ملتقى جواثا الثقافي». ثلاث روايات إنكليزية اتخذ كتابها من سلبية «بعض أفراد المجتمع السعودي» محورًا لهم في محاولة جادة لتعميمها على الكل، وإسقاط تلك السلبية ك «سمة يتمتع بها أفراد المجتمع المحلي، حين يكون غارقًا في الفوضى». شارك في الأمسية الأدبية إلى جانب الدكتور مبارك الخالدي، المختص في الأدب الإنكليزي، الناقد محمد الحرز، وأدارها محمد البشير، الذي أكد أن عقد مثل هذه الأمسيات «الروائية» هو وعي بقيمة الرواية وأثرها ودورها وفعلها. واستعرض الخالدي الروايات الثلاث إحداها ل «هيلاري ميري مانتل» وهي روائية وكاتبة قصة وناقدة إنكليزية، وثانيها ل «بول ريلانس» الأميركي والثالثة ل «سليمان أدونيا المولود في اريتريا». وخلص إلى أن هذه الروايات تشكل اختلافات واضحة ومهمة في تجربة الغربة والاغتراب عن الوطن الأم لكل منهم، وفي نظرتهم إلى السعوديين كآخرين، أو نظرة السعوديين إليهم، وتعامل كل طرف مع الآخر». ففي بداية رواية مانتل «ثمانية أشهر على شارع غزة»، خلال الرحلة من مطار هيثرو إلى مطار جدة، يتطوع المضيف الذي يخفق في إخفاء انجذابه إليها، لتقديم كل ما يعتقد أن فرانسيس شور تحتاج إليه من معلومات عن السعودية ومدينة جدة تحديداً، ويستهل المضيف كلامه بذكر حادثة الموت الغامض لممرضة تدعى «هيلين سميث» عثر عليها ميتة في جدة بعد حضورها حفلة صاخبة استمرت طوال الليل، وكما هو الحال في الرواية الثانية ل «بول ريلانس- مع السلامة ياصديقي-»التي تتقاطع مع سابقتها. وجاء فيها على لسان محاضر «دعوني أطمئنكم أن السعودية لا تشبه أي بلد آخر قد زرتموه في الماضي، وشعبها وعاداتها وثقافتها تختلف عن الشعوب والعادات والثقافات التي واجهتموها من قبل، فبعضهم قد يسببون لكم صدمة أو يفاجئونكم أو حتى يخيفونكم». على أن الراوية الثالثة جاءت أعنف من أختيها، فاختار سليمان أدونيا في روايته « عواقب الحب»، اسم ناصر «الأفريقي» الاريتري، الذي أتى إلى السعودية من دون حضور دورة توعية ولم يجد من يتطوع لملء ذاكرته بأفكار مسبقة وصور نمطية عن السعودية وأهلها، وحتى لم يرغب أو يفكر لحظة واحدة في المجيء إليها، وحكايته تظهر محافظة جدة بوجه آخر مختلف» مغاسل للسيارات ومحلات إصلاح الدراجات النارية. وفي هذه الرواية تجربة الانفتاح على الشارع في عالم جدة السفلي، بما ينغلق عليه من عذابات ومعاناة. أما الناقد محمد الحرز فتحدث عن أهمية الدراسات الثقافية وعلاقتها بالدراسات الأدبية، مشيراً إلى وجود ثلاث نظريات في الثقافة منذ الستينات في القرن المنصرم ولها تأثير على الثقافة الأوربية بشكل كبير، ومنها «تأمل اللغة والتفكيك والتمثيل» ودور النشاط الجنسي وتأثيرها في أشكال الدراسات النقدية والأدب أو النقد النسوي، وتطور النقد الثقافي الموجه تاريخيًا لدراسة أشكال الخطابات والممارسات المختلفة، موعزًا تحول النظرية المعرفية الأوربية أو الغربية إلى العقلية التقنية، والحروب التي أخذت طورًا كبيرًا في تشتيت الثقافة الأوربية التي جعلت بعض المدارس تعيد النظر في المدارس الأوربية وعلاقتها بالثقافة بشكل عام. وذكر الحرز أن بدايات الرواية العربية لم تكن تشكل الداعم الحقيقي لما يسمى «خطاب السلطة»، مشيرًا إلى أن هناك روايات تشكلت من خلالها ملامح بسيطة لمفهوم الآخر في الراوية العربية ومنها راوية «عصفور في الشرق» لتوفيق الحكيم، و «موسم الهجرة إلى الشمال» للطيب صالح، متسائلاً «هل بإمكان الرواية العربية بالدرجة الأولى والمحلية بالأخص أن تقوم بتفكيك هذا الآخر كما هو في الحضارة الغربية»؟