اعترف زعيم اليمين المتطرف في النمسا نوربرت هوفر بهزيمته في الانتخابات الرئاسية، فيما حذر الحزب الاشتراكي الأوروبي الذي يضم الأحزاب الاشتراكية والاشتراكية الديموقراطية والعمالية في الاتحاد الأوروبي، في اختتام مؤتمره في براغ، من أن الاتحاد «مهدد» من السياسات الليبرالية الجديدة والمحافظة ومن التطرف والشعوبية، داعياً إلى «كسر اليأس». وقال الحزب في بيان بعنوان «إنقاذ أوروبا»، إن «سنوات من تدابير التقشف غير الحكيمة، وتصاعد عدم المساواة، وانعدام الأمن، وفرت أرضاً خصبة لليأس، وهو ما يستفيد منه الشعبويون لنشر الأكاذيب والكراهية والانقسام، كما أظهرت لنا نتائج الاستفتاء البريطاني على الخروج من الاتحاد الأوروبي والانتخابات الأميركية». واعتبر أن «اليمين المتطرف بات حقيقة قاتمة في بلدان عدة، وهناك تحديات كبيرة تنتظرنا في الأشهر المقبلة، مع انتخابات أساسية في عدد من الدول الأعضاء العام 2017 وما بعده». وحض البيان أيضاً الحكومة التركية على «العودة إلى عملية سياسية ذات صدقية واستئناف الحوار السياسي»، علماً أن أنقرة كانت منعت في نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) 10 نواب ينتمون إلى الحزب الاشتراكي الأوروبي برئاسة البلغاري سيرغي ستانيشيف، من لقاء زعيم أكبر حزب موالٍ للأكراد صلاح الدين دميرطاش الموقوف في سجن أردنة شمال غربي تركيا، في إطار تحقيق حول «الإرهاب». وزاد البيان: «نشعر بقلق عميق من اعتقال رئيسي حزب الشعوب الديموقراطي في تركيا، واحتجاز عدد من أعضائه وصحافيين وناشطي حقوق الإنسان». ووسط المخاوف الأوروبية من صعود الشعبوية بعد ستة أشهر على فوز مؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ثم فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية الشهر الماضي، أدلى النمسويون أمس بأصواتهم في اقتراع لم يحمل بخلاف التوقعات أول يميني متطرف هو نائب رئيس البرلمان وأحد قادة حزب الحرية نوربرت هوفر إلى رئاسة دولة عضو في الاتحاد الأوروبي. وكان فوز هوفر لو تحقق سيشكل إشارة مشجعة من قبل حلفائه على المستوى الأوروبي، مثل الجبهة الوطنية في فرنسا وحزب الحرية بقيادة غيرت فيلدرز في هولندا، البلدان اللذان سيشهدان انتخابات في 2017. وقال هوفر (45 سنة) لدى إدلائه بصوته في بلدة بينكافيلد التي تبعد نحو مئة كيلومتر من جنوب فيينا: «أنا مطمئن ومتفائل»، داعياً الناخبين إلى «التخلص من نظام مغبر»، لكن من دون أن يدعوا صراحة إلى خروج النمسا من الاتحاد الأوروبي. أما خصمه المدافع عن البيئة والليبرالي المؤيد للتكامل الأوروبي ألكسندر فان دير بيلين (72 سنة) فقال في آخر خطاب قبل الاقتراع على المنصب الفخري في النمسا: «يتعلق الأمر بالاتجاه الذي ستسلكه النمسا. كيف نرى مستقبلنا، وكيف نريد أن ينظر إلينا العالم». وتعلن النتائج اليوم بعد فرز أصوات الناخبين الذين اقترعوا بالمراسلة، علماً أن نتائج انتخابات أولى أجريت في أيار (مايو) ألغيت بسبب عيوب في الإجراءات. وبلغت نسبة الذين صوتوا بالمراسلة حينها 16,7 في المئة على الأقل، وكسبها دير بيلين بفارق 31 ألف صوته عن هوفر. والمؤشرات الاقتصادية للنمسا أفضل بكثير من دول أوروبية مجاورة، لكن كثيراً من سكانها يشعرون بأنهم مهددون بالتهميش وأزمة المهاجرين، وتوسع الاتحاد الأوروبي. وتجنب هوفر التعبير عن آراء معادية للأجانب استخدمها باستمرار حزبه الذي أسسه نازي سابق العام 1956، وركز في خطابه على الضمان الاجتماعي والقوة الشرائية والدفاع عن الوظائف. ومثل غيره من الأحزاب الشعبوية، يقدم حزب الحرية نفسه على أنه بديل للحركات التقليدية التي دعم كثير من سياسييها فان دير بيلين، الرئيس السابق لحزب الخضر الذي يخوض الانتخابات كمرشح مستقل. وكان الحزبان اللذان يهيمنان على الحياة السياسية في النمسا (الاشتراكي الديموقراطي والمسيحي الديموقراطي) خسرا من الدورة الأولى، في سابقة في التاريخ الحديث للنمسا. ومع صعود الشعبويين، تحول تصويت الإيطاليين أمس على استفتاء حول إصلاح دستوري يقضي بتقليص صلاحيات مجلس الشيوخ بشكل كبير والحد من صلاحيات المناطق وإلغاء الأقاليم، إلى تصويت على رئيس الحكومة اليساري ماتيو رينزي الذي أكد أنه سيستقيل في حال رفض الإصلاحات. وفي غياب بديل واضح، يثير غموض النتيجة قلقاً في أوروبا وفي أسواق المال التي تخشى مرحلة جديدة من عدم الاستقرار في ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، بعد صدمة قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي وصعود الحركات الشعبوية. ويدعو جزء كبير من الطبقة السياسية، من اليمين إلى شعبويي حركة خمسة نجوم أو رابطة الشمال مروراً بكل التيارات المتطرفة وحتى «متمردين» من الحزب الديموقراطي الذي ينتمي إليه رينزي، إلى رفض الإصلاحات التي يرون أنها تؤدي إلى تركيز مفرط للسلطات بيد رئيس الحكومة. هذه المعارضة توحدها أيضاً الرغبة في طرد رينزي الذي وصل إلى السلطة في شباط (فبراير) 2014 ويهيمن على وسائل الإعلام وشبكات التواصل الإعلامي في تصريحاته للدفاع عن إصلاحاته التي تهدف إلى تبسيط الحياة السياسية، في بلد شهد تشكيل 60 حكومة منذ 1948. ونظراً إلى القلق في الخارج، دعا الرئيس الأميركي المنتهية ولايته باراك أوباما والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل ورئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر، علناً الإيطاليين إلى قبول الإصلاحات.