يبدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز زيارة رسمية إلى الإمارات العربية المتحدة اليوم، يلتقي خلالها الرئيس الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ونائبه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد، وذلك في إطار جولة خليجية تقوده إلى قطروالبحرين والكويت. وستتركز الملفات التي سيناقشها خادم الحرمين مع المسؤولين الإماراتيين، على قضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في سورية واليمن، والملف اللبناني بعد انتخاب ميشال عون رئيساً، إضافة إلى الملفات الخليجية المهمة، وذلك قبل أيام من عقد القمة الخليجية ال33 التي تستضيفها البحرين هذا الأسبوع. وتحظى العلاقات السعودية - الإماراتية باهتمام كبير، بفضل التفاهم بين الرياض وأبو ظبي على ملفات المنطقة، وقد استطاع البلدان تشكيل قاعدة قوية لمواجهة التحديات والتهديدات الأمنية، بعد توسيع التعاون في الحرب على الإرهاب، ووضع جماعات مرتبطة بتنظيمات متطرفة على قوائم الإرهاب، كما أن أبو ظبي قدمت دعماً عسكرياً إلى التحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، بعد الانقلاب الحوثي على الشرعية قبل أكثر من عام، إذ أطلقت من بعده المملكة «عاصفة الحزم» ثم «إعادة الأمل». وأشاد الملك سلمان هذا الأسبوع، بمستوى العلاقات بين البلدين، مؤكداً في برقية تهنئة بعث بها إلى الشيخ خليفة أول من أمس (الخميس) لمناسبة ذكرى اليوم الوطني لبلاده قال فيها: «إن الجميع يسعى إلى تعزيزها وتنميتها في المجالات كافة»، وتحتفل أبو ظبي بالعيد الوطني ال45 الذي يوافق الثاني من كانون الأول (ديسمبر). وترتبط السعودية والإمارات بعلاقات تاريخية قديمة، تعززها روابط الدم والإرث والمصير الواحد، أسس لها الملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز. وحرصت قيادات البلدين المتوالية على الحكم، على توثيقها باستمرار حتى تستمر على النهج ذاته، ما يوفر المزيد من عناصر الاستقرار الضرورية، بما فيها من إرث التقاليد السياسية والديبلوماسية التي أُرسيت على مدى عقود طويلة، في سياق تاريخي. وتعتبر العلاقة الاقتصادية بين الإمارات والسعودية الأكبر بين مثيلاتها في دول مجلس التعاون الخليجي، وتعد الإمارات من أهم الشركاء التجاريين للسعودية على صعيد المنطقة العربية في شكل عام ودول مجلس التعاون في شكل خاص، بحجم تبادل تجاري يصل إلى 21 بليون درهم. وتتصدّر الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى السعودية كما تجيء في مقدم الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها السعودية. وتلعب الاستثمارات المشتركة بين البلدين دوراً حيوياً في هذا الجانب، إذ تتجاوز الاستثمارات السعودية في الإمارات 35 بليون درهم، وتعمل في الإمارات حالياً نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية في السعودية إلى 114 مشروعاً صناعياً وخدمياً، برأسمال 15 بليون ريال. ويعتبر إطلاق مدينة الملك عبدالله الاقتصادية بكلفة تتجاوز ال100 بليون ريال، نقلة مهمة في العلاقات الاقتصادية بين البلدين، إذ تم تشكيل تجمع إماراتي - سعودي بقيادة شركة «إعمار» الإماراتية، وبالتحالف مع شركات سعودية لتنفيذ المشروع على ساحل البحر الأحمر. وتلعب السياحة بين البلدين دوراً مهماً وحيوياً في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خصوصاً بعد أن خصصت الإمارات مبالغ مالية ضخمة للأعوام العشرة المقبلة، لتطوير هذا القطاع، وذلك بعد النجاحات المضطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، لما تتمتع به من مقومات أساسية، تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات، وغيرها من الخدمات الراقية التي يوفرها أكثر من 450 فندقاً في الدولة. وقطعت الإمارات شوطاً كبيراً في إرساء دعائم العلاقات الاستراتيجية بينها وبين المملكة في المجالات والميادين كافة، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وهما تطمحان كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة إلى الوصول إلى الشراكة الاقتصادية بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة. وتتألف دولة الإمارات العربية المتحدة من سبع إمارات وهي أبو ظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة. وتغطي الصحراء أربعة أخماس مساحة الدولة، لكنها مع ذلك تملك مناظر طبيعية متباينة ومتنوعة من الكثبان الرملية الحمر الشاهقة من ليوا إلى مدينة العين التي تعد واحة طبيعية تزينها أشجار النخيل، ومن جبال الحجر الشديدة الانحدار إلى المساحات الخصبة من السهول الساحلية المنبسطة. وعلى رغم صغر مساحتها (تقارب مساحة اسكتلندا) وفق تقرير لأمانة مجلس التعاون الخليجي، إلا أن دولة الإمارات العربية المتحدة أصبحت لاعباً محورياً مؤثراً في الشؤون الإقليمية والدولية. وفي عام 1971، وحّد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان من خلال رؤيته، الإمارات السبع الصغيرة والناشئة مؤسساً دولة الإمارات العربية المتحدة التي تعتبر الاتحاد الوحيد في الوطن العربي، واستثمرت ثروة النفط لتطوير الإمارات وتنمية اقتصاد يعد اليوم من بين الأكثر انفتاحاً ونجاحاً على المستوى العالمي.