أكد رئيس شركة «جنرال موتورز» للعمليات الدولية تيم لي ان عملاق صناعة السيارات الأميركي خرج من تجربة الإفلاس التي تعرض لها في بداية الأزمة المالية العالمية، أكثر قوة وقدرة على المنافسة، خصوصاً بعدما تخلصت الشركة من معظم الديون التي أربكتها مالياً، ما مكنها من تحسين أوضاعها في كل مناطق العالم، بما فيها الشرق الأوسط ومناطق أخرى يُتوقع ان تشهد نمواً في الطلب على السيارات خلال الأشهر المقبلة. وأشار لي في مقابلة مع «الحياة» خلال زيارة إلى دبي إلى ان إفلاس الشركة لم يؤثر في وضعها في المنطقة العربية، وإنما انعكست آثاره على السوق الأميركية فقط. ولم ينكر ان الشركة «مرت بمرحلة صعبة خلال السنتين الماضيتين»، بدءاً من إشهار إفلاسها وتوقف تداول أسهمها في البورصة، ومروراً بخطة إنفاذها من قبل الحكومة الأميركية، وأخيراً اكتشاف أخطاء تقنية في بعض سياراتها. وحصلت الحكومة الأميركية على 60.8 في المئة من أسهم «جنرال موتورز» كشرط لتقديم قروض ومساعدات مالية لإنقاذها من الانهيار، وصلت في أعقاب إشهار إفلاسها مطلع حزيران (يونيو) 2009 إلى 43 بليون دولار، إلى جانب قروض منفصلة بقيمة سبعة بلايين دولار. لكن المجموعة عادت خلال النصف الأول من السنة إلى تحقيق أرباح، بعد سنوات من الخسائر، بفضل عملية واسعة لإعادة الهيكلة، وبيع عدد من الشركات التابعة، وقُدرت الأرباح بنحو 1.33 بليون دولار في الربع الثاني، ما يدل على ان الأوضاع تزداد تحسناً، فيما تستعد الشركة لبيع الأسهم للجمهور قريباً، علماً ان الخسائر خلال الفترة المقابلة من عام 2009 تجاوزت 12.9 بليون دولار، وذلك قبل خروجها من الإفلاس بعد بيع غالبية أسهمها لحكومة الولاياتالمتحدة، في اطار خطة الإنقاذ. وأوضح لي ان المجموعة قدمت طلباً رسمياً إلى هيئة الأوراق المالية الأميركية لإعادة طرح أسهمها في البورصة، مشيراً إلى ان مجلس إدارتها لم يحدد بعد موعد الطرح، وأن التوقيت يعتمد على وضع أسواق الأسهم، علماً ان وسائل إعلام أميركية توقعت ان يتم الطرح نهاية السنة. ولفت إلى ان المجموعة تمر الآن في مرحلة «صمت» بدأت مع التقدم بطلب إعادة الطرح في آب (أغسطس) الماضي، ولا يمكنها خلالها الحديث عن تفاصيله وحجمه. لكن بمجرد موافقة هيئة الأوراق المالية الأميركية على الطلب، سيكون في مقدور الحكومة الأميركية بيع أسهمها في الشركة التي تتخذ من ديترويت مقراً. وأظهر تقرير أميركي رسمي أصدره «برنامج إنقاذ الأصول المتعثر» إلى الكونغرس قبل أيام، ان الحكومة الأميركية في حاجة إلى بيع حصتها في الشركة بسعر 133.78 دولار للسهم، كي تسترد ما دفعته من أموال فيها، في حين ان أقصى مستوى وصل إليه سعر سهم هذه الشركة في ذروة نجاحها (عام 2000) كان أقل من مئة دولار. وأعلنت شركة «إس أي آي سي» الصينية، عن رغبتها في شراء حصة في «جنرال موتورز»، وأكدت مصادر في السوق ل «الحياة» ان صناديق سيادية أبدت أيضاً رغبتها في شراء حصة من الشركة. وأشار لي إلى ان بيع حصة من الشركة الى مؤسسات أجنبية أمر يقرره مجلس الإدارة، و «مدى رغبة المساهمين المشاركة في الطرح، هذا في حال حصل الطرح». وتملك الحكومة الكندية 11 في المئة من أسهم الشركة، وصندوق التعاضد الصحي الأميركي «فيبا» 18 في المئة، وحملة السندات 10 في المئة، إضافة إلى 61 في المئة من الأسهم التي تملكها الحكومة الأميركية. وأوضح لي ان الحكومة الكندية حصلت على حصتها في الشركة في مقابل مساعدات مالية قدمتها لها أثناء الأزمة العام الماضي. وفي ما يتعلق بالعيوب التي اكتشفت في بعض طرازاتها أخيراً، اكد لي ان منطقة الشرق الأوسط خالية من السيارات ذات العيوب التصنيعية، خصوصاً «كاديلاك سي تي إس» و«كاديلاك سي تي إس في» التصنيعية. وكانت الشركة أعلنت سحب أكثر من 20 ألف سيارة من الطرازين لاستبدال صندوق التخزين في لوحة القيادة، الذي يمكن ان يؤدي إلى حدوث إصابات في ساق الراكب في حال وقوع حادث تصادم. وكانت «جنرال موتورز» قررت نهاية الشهر الماضي أيضاً، سحب خمسة آلاف سيارة وشاحنة بسبب عيب فني قد يؤدي إلى اشتعال النيران في المحركات. وتشمل عمليات السحب سيارات من طراز «شيفروليه إكسبرس» و «جي إم سي سافانا». وأشار لي الى ان مبيعات الشركة من كل الطرازات ارتفعت في الشرق الاوسط خلال آب الماضي، إذ قفزت مبيعات «شيفروليه» بمعدل 28 في المئة، و «جي إم سي» 11 في المئة، و «كاديلاك» 19 في المئة. وتملك «جنرال موتورز» العديد من العلامات التجارية المشهورة عالمياً، منها «كاديلاك» و«بويك» و«شيفروليه» و«جي إم سي» و«هامر» و«هولدن» و«جي إم دايو» و«أوبل» و«بونتياك» و«ساب» و«ساتورن» و «فوكسهول». وتُعتبر «جنرال موتورز» من أكبر الإمبراطوريات المالية في العالم، إذ تعمل إلى جانب صناعة السيارات في مجالات التأمين والتمويل التجاري والسكني، وتعد شركة «أون ستار جي إم» التابعة لها رائدة في خدمات الأمن والمعلومات في العالم. وكذلك تملك الشركة معظم أسهم شركة «دايو» للسيارات والتقنية في كوريا الجنوبية، كما تتعاون تجارياً وصناعياً مع شركتي «إيسوزو» و «سوزوكي» اليابانيتين، وتتعاون في مجال تقنية صناعة السيارات مع مجموعتي «دايملر كرايسلر» و «بي إم دبليو» الألمانيتين و «تويوتا» اليابانية. وأكد لي ان الشركة تؤسس حالياً مشروعاً نموذجياً في كوريا الجنوبية، لاستكشاف حاجة السوق إلى السيارات الكهربائية، ومدى تقبل المستهلكين لاستخدامها. وتبحث مع بعض المسؤولين في المنطقة امكان تأسيس بنية تحتية لهذا النوع من السيارات.