أكد أكاديميون واقتصاديون ل «الحياة» أن انسحاب الإمارات من الوحدة النقدية الخليجية لن يمنع من تحقيق الوحدة النقدية الخليجية، مشيرين إلى أن الانسحاب يعتبر طبييعاً في طريق تحقيق التكامل بين الدول، إذ عادة ما تمر تلك التجارب بمراحل مختلفة، وقد يتخلف خلالها عدد من الدول. وأوضح الخبير الاقتصادي الدكتور أسامة كردي أن الاتفاق على كل الأمور غير وارد، وأن إنشاء السوق الخليجية والاتحاد الخليجي سيمران بمراحل عدة، وعدم دخول عمان والإمارات طبيعي، مؤكداً أن المنطق سيتغلب في المستقبل على المعوقات التي تعترض المسيرة. من جانبه، قال الاقتصادي نظير العبدالاه إن قرار الإمارات سيستدعي من دول مجلس التعاون تدارس الأمر، إلا أنه لن يقف عائقاً أمام انطلاقة الوحدة النقدية، التي أصبحت من المطالب الأساسية لشعوب الخليج قبل دولها، وركيزة في الوحدة الخليجية. وأضاف أن الوحدة النقدية الخليجية ستكون مثل القطار سيلتحق به الجميع حالماً سار، بخاصة أن دول المجلس باستثناء عمان والإمارات مصممة على المضي في الوحدة النقدية، مع وجود أمل كبير بأن تلتحق بها الدولتان المتخلفتان في أسرع وقت ممكن. وأضاف أن المسؤولين العمانيين أكدوا أن ظروفهم في الوقت الراهن لا تسمح لهم بالانضمام إلى العملة في 2010، وسيلتحقون بها حالما سمحت لهم الظروف بذلك، والأمر نفسه سينطبق على الإمارات، إذ من المتوقع أن تزول الأسباب التي أدت إلى إعلان انسحابها من العملة الخليجية. وأشار إلى أن البيان الإماراتي الذي أعلن الانسحاب كان ليناً، ما يشير إلى أنه يمكن في القريب العاجل تجاوز الأسباب، وتضمن البيان تلميحات إلى ذلك من خلال تمنيها لبقية دول المجلس التوفيق والنجاح في المضي قدماً في العملة الموحدة، وتأكيدها أنها «ماضية في العمل في كل ما من شأنه مصلحة مواطني دول المجلس، وأنها ستواصل القيام بدورها كدولة مؤسسة للمجلس لتحقيق رسالته وأهدافه». من ناحيته، أوضح أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود الدكتور خالد الخثلان انه بانسحاب الإمارات وتحفظ عُمان لن يكون هناك تكامل اقتصادي بين دول المجلس، بخاصة أن الاقتصاد الإماراتي ثاني أكبر اقتصاد بعد السعودية في مجلس التعاون. وأضاف أن إصدار العملة الخليجية بانسحاب الإمارات سيكون صعباً جداً، بخاصة إذا علمنا أهمية ميناء دبي عالمياً، كما ستكون هناك مشكلة في سعر صرف الدرهم الإماراتي في مقابل العملة الخليجية في حال إصدارها، غير أن الحكم بفشل الوحدة النقدية ما زال مبكراً. ورأى أنه إذا كان هدف الإمارات من الانسحاب هو عدم اختيارها مقراً للبنك المركزي الخليجي، فإن هذا يعتبر مبرراً سطحياً، وقد يكون هناك هدف أكبر من الانسحاب، وعموماً فإن خروجها من الوحدة النقدية سيؤخر إصدار العملة عن وقتها المحدد. من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الهذلول أن قرار انسحاب الإمارات لا يعني خروجها نهائياً، ومن الممكن أن تنضم إلى الوحدة النقدية لاحقاً، مشيراً إلى أنه من المرجح أن تكون الأوضاع الاقتصادية في الإمارات غير مناسبة للانضمام حالياً. وأضاف أن إطلاق العملة الموحدة يحتاج إلى وقت، ومن المهم التنسيق بين السياسات المالية والنقدية بين دول الخليج، وهو الذي سيقوم عليها المجلس النقدي الخليجي، وربما لن تصدر العملة الخليجية في الوقت المحدد. أما أستاذ الاقتصاد في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية الدكتور سعود المطير فرأى أن التكتلات الاقتصادية مطلوبة على مستوى العالم، وهي مهمة لدول الخليج. وأضاف أن انسحاب الإمارات يعني ضعف الوحدة النقدية، وسيتم تأجيل طرح العملة، ومن الممكن إلغاء فكرة الوحدة النقدية، كما أن الإمارات ستفقد الكثير من المميزات الاقتصادية في حال خروج العملة الموحدة إلى حيز النور. وأكد أن الإمارات لها مكانة اقتصادية كبيرة بسبب مركزها المالي القوي وصندوقها السيادي الذي يعتبر الأكبر على مستوى العالم، ويجب أن تُعيد الإمارات النظر في قرارها لمصلحة دول مجلس التعاون ومصلحتها أيضاً. وأضاف المطير أن مكانة المملكة الاقتصادية على مستوى العالم وكبر حجم اقتصادها وتأثرها المحدود بالأزمة العالمية مقارنة بالإمارات التي تضررت بشدة يدعم وجود البنك المركزي على الأراضي السعودية. من ناحيته، أوضح عضو مجلس الشورى الدكتور زين العابدين بري أن قرار انسحاب الإمارات هو قرار سياسي بحت وليست له علاقة بالأمور الاقتصادية. وأعرب عن اعتقاده بان الإمارات انسحبت بسبب عدم اختيارها لتكون مقراً للبنك المركزي الخليجي، ومن الممكن إقناعها بالعودة مرة أخرى إلى الوحدة النقدية، بخاصة مع المنافع الكبيرة التي ستعود على دول الخليج.