أكد الأمين العام ل«حزب الله» السيد حسن نصر الله «أننا نخوض معركة وعي كبرى وجديدة هي معركة العودة الى تحديد العدو»، مذكراً بأن «المقاومة استطاعت خلال سنوات طويلة أن تكرس بوضوح أن إسرائيل هي العدو، وان المشروع الإسرائيلي المدعوم والمتبنى من أميركا هو العدو وهو الخطر على الأمة». وأشار الى أن «قوة المقاومة اليوم هي في استحضار مجريات الأحداث لتنشيط الذاكرة في شكل دائم وهذه معركة أساسية. العدو دائماً رهانه على الوقت لننسى (قضية فلسطين)، وما حننسى والسما زرقا». وكشف في كلمته التي نقلت عبر الشاشة مباشرة في «المؤتمر الدائم للمقاومة - المقاومة في معركة الوعي والذاكرة» أمس، أنه «منذ سنوات هناك جهد أميركي- غربي- إسرائيلي يتقاطع مع بعض الجهد العربي الذي يحاول أن يقدم للأمة عدواً وهمياً ليحرفها عن العدو الحقيقي، هذا العدو تارة اسمه إيران ويقدم بعنوان الأطماع الفارسية في الأرض العربية، ويستحضر له الدولة الصفوية وصراعها مع الدولة العثمانية، وأحياناً يقدم بعنوان الشيعة والتشيع والغزو الشيعي، أو الهلال الشيعي». وأشار الى أن «الإسرائيليين يعتبرون أن إيران تشكل تهديداً لإسرائيل والعرب، وان على إسرائيل والعرب أن يتعاونا لمواجهة التهديد الإيراني، ثم نعالج الموضوع الإسرائيلي والمشاكل الإسرائيلية - العربية. أليس هذا المنطق الذي تعمل عليه حكومة نتانياهو، وتمشي معها فيه بعض الحكومات العربية»؟ وأضاف: «سمعنا في الأيام الأخيرة تصريحات جيدة، من الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى وآخر للأستاذ صائب عريقات وعدد من المسؤولين. يقولون إن التهديد هو إسرائيل والنووي الإسرائيلي وليس إيران والنووي، لكن المعركة على صنع هذا الوعي كبيرة جداً». وذكر نصر الله اللبنانيين بان «الإسرائيلي كان يلعب دائماً على القلق، حتى في الموضوع اللبناني، يراقب بدقة البيئة الفكرية والثقافية والوجدانية وما يقوله الناس عندما يشن حرباً على بلد ما. حساباته ليست سلاحاً وعتاداً بل بيئة اجتماعية أيضاً. عام 1982 عندما اخذ العدو الإسرائيلي قرار الحرب على لبنان والوصول الى العاصمة بيروت، كان درس البيئة في شكل جيد ووصل الى محل، نتيجة تراكمات من قبل 75 وبعدها، أوصله الى القول للمسيحيين في لبنان انتم أقلية في بحر إسلامي واسع جداً، وانتم مهددون بالاقتلاع وضمانتكم هي إسرائيل. وبالتالي وجودكم ومصلحتكم الاستراتيجية هي في التعاون مع إسرائيل، وجاءت نخب في الوسط المسيحي نظّرت لهذا الخيار». وزاد نصرالله ان إسرائيل اتبعت المنهج ذاته مع الدروز الذين حاولت إقناعهم بأن المسيحيين أعداؤهم، «ثم جاؤوا الى الشيعة»، مشيراً في هذا السياق الى شبكات التجسس الذي كشفت أخيراً، مؤكداً ان وظيفتها «لم تكن فقط جمع معلومات، بل أيضاً افتعال فتن وإيجاد اشتباكات مسلحة بين فصائل وقوى وأحزاب». وحذر نصر الله من ان الإسرائيليين يعملون وفق المنطق عينه الآن «على صعيد واسع»، وقال: «تصوروا أن تخرج أصوات في بعض دول الخليج وبعض الأماكن تقول نحن يجب أن نتعاون مع إسرائيل لنحمي العالم العربي وحماية أهل السنة والجماعة من إيران الفارسية الشيعية، ماذا يعني هذا؟ اليوم نحن نواجه هذا التحدي، وبرأيي أن المعركة الأخيرة التي يخوضها المشروع الأميركي- الصهيوني في المنطقة هي معركة إحداث صراع عربي- ايراني وسني- شيعي وإذا أفشلناه تكون انتهت أسلحة الشيطنة والتآمر والعقل الابليسي الأميركي- الصهيوني في منطقتنا». وأشاد نصر الله بإيران، قائلاً: «إيران واضحة. هي التي أعلن إمامها أقدس يوم في تاريخ المسلمين على مدى عام وهو اليوم العالمي للقدس. وإيران التي غيرت التحالفات الاستراتيجية في المنطقة عندما أسقطت الشاه، وأقامت أول سفارة لفلسطين في العالم على ارضها في طهران، والتي لم تتوان ولن تتوانى في دعم الشعب الفلسطيني وحركات المقاومة الفلسطينية. وإيران في الزمن الذي يهدد فيه كل من يدعم الفلسطينيين ويتهم بأنه راع للإرهاب، تقف في وضح النهار وتعلن انها تعتز وتفتخر بدعم الشعب الفلسطيني والمقاومة في فلسطين ولبنان». وتابع: «إيران التي تقف بلا شروط ولا حدود الى جانب حركات المقاومة في المنطقة، لا يجوز أن يخجل أحد بان يقول إننا على علاقة معها ونعتز بالدعم الإيراني ونأمل من جميع الدول العربية والإسلامية أن تمد يد الدعم والمساعدة إلى حركات المقاومة في لبنان وفلسطين كما تفعل إيران وكما تفعل سورية». وأشار الى أن «اليوم صوت إيران هو الصوت الأعلى في العالم في مواجهة المشروع الصهيوني»، سائلاً: «من يجرؤ أن يقف في مؤتمر الأممالمتحدة ويقول ما قاله الرئيس احمدي نجاد في حق الصهيونية وإسرائيل»؟ ولفت الى أن «كل الأخوة الفلسطينيين الذين انفتحوا على إيران يعرفون هذه القيادة جيداً. عندما دعمتنا وتدعمنا لنحرر أرضنا ونقاتل عدونا لم تضع علينا شروطاً ولم تطلب منا شيئاً، ولم توجه إلينا أوامر ولم تحدد لنا ما هو مقبول ومرفوض، وحتى عندما نتجاهلها ولا نمتدحها لا تعاتبنا، بل تقول لنا ما تفعلونه جيد ونحن نتفهم ظروفكم. هذا نموذج فريد في العالم لأن له علاقة بالخلفية. القيادة في إيران تعتبر أنها تؤدي واجبها العقائدي والتاريخي والديني والأخلاقي والذي إن لم تؤده ستسأل يوم القيامة». وأكد أن «إيران اليوم إذا فتحت أبوابها لتساوم على فلسطين وشعبها وعلى حقوق شعوب هذه المنطقة وتساوم حتى على سيادتها وكرامتها، فالأميركي ليس عنده مشكلة، وحاضر لأن يتبنى أياً كان إذا كان يخدم مشروعه». وأكد أن «معركة الوعي اليوم هي مواجهة مخطط الفتنة، مخطط اصطناع عدو وهمي ودفع الأمة الى مواجهة لا يستفيد منها إلا العدو الصهيوني». وقال: «هذه الأمة تجاوزت مرحلة المؤسس للانتصار، ودخلت في مرحلة الوعي الذي يصنع الانتصار. ونحن كأمة في حالة صعود، في القوس الصعودي، وعدونا في حالة هبوط في القوس النزولي». واستعرض نصر الله تاريخ المقاومة، مؤكداً أن الخيار العسكري «عبء على من يحمله ومن يسانده وعلى الأمة والبلد الذي يوجد فيه». من جهته، نفى نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم ان يكون الحزب يتهم قوى 14 آذار بالعمالة، قائلاً في حديث الى «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «نحن نتهم فريق 14 آذار بأنه أخذ خيارات سياسية خاطئة خدمت إسرائيل وأميركا ولم نتهمهم بالعمالة، وبالتالي عندما ندعوهم إلى المشاركة (في الحكومة المقبلة) عندما نحصل على الأكثرية النيابية إن شاء الله، فلأننا نعتقد بأن البلد لا يستقر إلاَّ بالمشاركة لكل الأطراف، وفرقٌ كبير بين العدو الذي هو إسرائيل وبين الخلاف السياسي في الداخل».