رأى باحث سعودي أن محيط الممارسة المهنية في الصحف السعودية مستقر مهنياً وتقنياً، بينما لا يزال يخضع تنظيمياً ووظيفياً إلى رؤى واجتهادات فردية، داعياً إياها إلى إيجاد هياكل تنظيمية مدونة، ومعلنة، ومحددة، وواضحة العلاقة بين مكوناتها في حدود الإشراف والسلطة والمسؤولية، وتوصيف وظائف العاملين في التحرير، ومراجعة مرتبات الصحافيين المتفرغين. وخلص الباحث أحمد بن محمد الجميعة الذي حصل على شهادة الدكتوراه في الصحافة بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى، من قسم الإعلام في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أمس عن أطروحته «الممارسة المهنية الصحافية والعوامل المؤثرة فيها دراسة ميدانية على عينة من الصحف والصحافيين في المملكة العربية السعودية» خلص إلى أن الممارسة المهنية في الصحف السعودية تعتمد على خمسة أساليب رئيسية، هي: أسلوب المجاملة، وأسلوب الوصف، وأسلوب النقد، وأسلوب المقارنة، وأسلوب التسويق والترويج للأفكار والمواقف والخدمات). واكتسبت هذه الدراسة أهميتها كونها الأولى من نوعها على مستوى الجامعات السعودية التي تصف واقع الممارسة المهنية وتحليلها داخل بيئة العمل الصحافي بمدخلاته وعملياته ومخرجاته، بما يسهم في تحديد السياسات والقواعد والإجراءات المهنية التي يلتزم بها الصحافيون، ووضوح الرؤية أمام المختصين لنقدها وتقويمها، وفق أسس علمية دقيقة، تجمع بين النظرية والتطبيق، إلى جانب تحديد العوامل المؤثرة في واقع هذه الممارسة من منظور تكاملي يجمع بين العوامل المهنية وغير المهنية، ومدى تأثير كل عامل من هذه العوامل على واقع الممارسة المهنية، كذلك قدّمت الدراسة رؤية قيادات العمل الصحافي لمستقبل الممارسة المهنية في الصحف السعودية. وقسّم الباحث دراسته الميدانية إلى ثلاثة مستويات، هي: وصف واقع الممارسة المهنية في صحف (الرياض) و(عكاظ) و(الوطن)؛ من خلال أدوات الملاحظة بالمشاركة، والمقابلة المقننة، وتحليل الوثائق. والمستوى الثاني، درس العوامل المؤثرة في الممارسة المهنية للصحافيين في الصحف السعودية؛ باستخدام أداة الاستبانة، إذ بلغ عدد أفراد العينة 294 مفردة، موزعة على 11 صحيفة. والمستوى الثالث، رؤية قيادات العمل الصحافي لمستقبل الممارسة المهنية في الصحف السعودية في ضوء العوامل المؤثرة فيها. وقدّرت نتائج الدراسة حجم تأثير العوامل المهنية من داخل الصحف السعودية على الممارسة الصحافية بأنها متوسطة التأثير، مما يعني أن الصحافي السعودي لديه القدرة على التكيف مع هذه العوامل، ومسايرة الضغوط التي تواجهه، من دون الشعور بالاستقلالية الكاملة في ممارساته، وأشارت هذه النتائج إلى أن الصحافي يتأثّر بجملة عوامل مهنية في وقت واحد، وهو ما أكدت عليه أدبيات الدراسة من أن هذه العوامل لا يمكن عزل بعضها عن بعض بسبب تداخلها وتفاعله. وجاء في مقدم العوامل المهنية المؤثرة في الممارسة المهنية «تقنية العمل الصحافي»، والترتيب الثاني «سياسة التحرير»، ثم «اقتصادات الصحيفة»، واحتلت «مصادر المعلومات» الترتيب الرابع، وجاءت «الظروف الخاصة بالصناعة الصحافية» في الترتيب الخامس، وتبوأت «شخصية رئيس التحرير» الترتيب السادس، وظهر «النظام الاتصالي» في آخر سلّم العوامل المهنية المؤثرة في الممارسة الصحافية. وعلى رغم إيجابية الممارسة الصحافية، إلاّ أن الدراسة كشفت عن جملة من المؤشرات السلبية للممارسة أهمها، التجاوزات الأخلاقية للمهنة، ويتضح ذلك في عدد من المظاهر، منها: نشر معلومات غير دقيقة، أو لم يأذن المصدر بنشرها، والنقل عن المواقع الإلكترونية من دون الإشارة إليها، وإلحاح الصحافي على مسؤولي التحرير لنشر المواد الصحافية التي تحقق مصالحه الخاصة، واستخدام جهاز التسجيل أثناء الاتصال بمصادر المعلومات من دون أن يشعروا بذلك، وتوظيف العمل الصحافي في البحث عن مصادر دخل إضافية. ومن المؤشرات السلبية للممارسة أيضاً؛ تدني مهارة الكتابة الصحافية لدى معظم الصحافيين. كما أوصت الدراسة بزيادة عدد الصحافيين المتفرغين في الصحف السعودية، بما يحقق مزيداً من الانتماء للمهنة، وإيجاد لوائح وتنظيمات داخلية خاصة تحفز وتقوّم أداء الصحافيين، بما يعزز الكفاءة الصحافية. وضمت لجنة المناقشة والحكم على الرسالة الأستاذ المشارك في قسم الإعلام بجامعة الإمام الدكتور عبدالله بن محمد آل تويم (مقرراً)، وعضوية الأستاذ بقسم الإعلام بجامعة الملك سعود الدكتور علي بن شويل القرني، والأستاذ في قسم الإعلام بجامعة الإمام الدكتور عبدالله بن محمد الرفاعي.