حققت مصر تقدماً كبيراً على صعيد الأهداف الثمانية الإنمائية للألفية الثالثة بوجه عام، لكن يظل الهدف الأول المتعلق بالفقر والثالث المعني بالمساواة بين الجنسين وتحقيق المساواة أشبه بشوكة في حلق الحكومة المصرية. وعلى رغم الإشادة التي حصلت عليها مصر من منظمة الأممالمتحدة في ما يختص بالإنجازات التنموية ومنها، إصلاح اقتصادي وتطوير التعليم وإنشاء نظام صحي جديد وتحسين مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي، فإن المنظمة الأممية ارتأت أنها ما زالت تواجه تحديثات خاصة بالقضاء على الفقر المدقع والجوع، وتحقيق المساواة بين الجنسين. وأطلق قبل يومين تقرير مصر للأهداف الإنمائية للألفية لعام 2010 في القاهرة وهو يقوّم أوضاع عملية التنمية في مصر، قبل خمس سنوات من الموعد النهائي لتحقيق الأهداف الثمانية في 2015، أبرز ما ورد فيه، الأداء المصري في ما يختص بالقضاء على الفقر المدقع والجوع، والذي اقتصر على تقليص نسب الفقر المدقع، وليس القضاء عليها، إضافة إلى ارتفاع الخط الوطني للفقر. ويبدو الرسم البياني المتعلق بحالات الفقر وكأنه خط مستقيم، باستثناء تذبذبات صعوداً وهبوطاً منذ عام 1982 وإلى عام 2010. وعلى رغم خفض معدل الفقر ثلاثة في المئة بين عامي 2005 و2008، والتي كان يمكن أن تقلصه إلى 12 في المئة فقط بحلول عام 2015، فإن ذلك لن يتحقق بسبب أزمة المال العالمية والتي أثّرت سلباً في النمو الاقتصادي. وهذا ما أكده وزير التنمية الاقتصادية الدكتور عثمان محمد عثمان، قائلاً لو استمرت معدلات النمو الاقتصادي التي بلغت سبعة وثمانية في المئة في سنوات سابقة، لساعدت مصر في مواجهة الفقر مواجهة حقيقية. وأضاف: «أكثر ما يضر الفقراء الغلاء» لكنه سارع إلى التأكيد أن مواجهة الغلاء ليست مسؤولية الحكومة وحدها، لكنها مسؤولية المجتمع ككل، وإن لم يوضح الآليات المطلوبة من المجتمع لمواجهة هذه المشكلة المستفحلة. ويشير التقرير إلى أن نحو خُمس المصريين مصنفون باعتبارهم «قريبين من الفقر»، وأن الفقراء ينفقون نحو 40 في المئة من دخلهم على الطعام، ما يوجب توقع حدوث آثار بالغة السلبية على الجهود المبذولة لحماية الفقراء من تبعات أزمة الغذاء العالمية. وحدّد الوزير عثمان معدل الفقراء في مصر ب20 في المئة، إضافة إلى 20 في المئة للطبقة المتوسطة منخفضة الدخل. ولأن الحديث يتصل مباشرة بالدعم المثير للقلق في الأوساط المصرية، فإن وزير التنمية الاقتصادية آثر المباشرة والصراحة مشيراً إلى أن الإصلاح الاجتماعي في حاجة ماسة إلى إجراءات جريئة وقوية كالتي اتخذت على صعيد الإصلاح الاقتصادي من دون مواربة أو تردد. مصدر آخر للتردد ورد في تقويم المنظمة الأممية لما أنجزته مصر على صعيد المساواة وتمكين المرأة. فعلى رغم تخصيص «كوتة» للمرأة في البرلمان (مجلس الشعب) المصري، فلا يزال أمامها الكثير لتحققه في القضايا المتعلقة بالتعليم والتمكين الاقتصادي، فضلاً عن سوء استخدام الثقافة والتقاليد في شكل يعيق تقدمها. فعلى رغم زيادة نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 18 في المئة عام 1984 إلى 23.1 عام 2008، فإن متوسط نسبة زيادة مشاركة الرجل في سوق العمل بين عامي 1990 و2008 تجاوزت نسبة المرأة بمرة ونصف. وتضاعف معدّل البطالة بين النساء من 11 في المئة عام 1990 إلى 22.9 عام 2009. وعلى رغم إشادة المنظمة الأممية بما حققته مصر على صعيد التعليم، وتحسن نسب محو الأمية، أشارت إلى الحاجة الماسة إلى مزيد من الاستثمارات لتحيّن نوعية التعليم لاستيعاب العدد المتزايد من الطلاب. وتنطوي الوصفة السحرية الموصوفة من قبل برنامج الأممالمتحدة لمصر لتحقق أهداف الألفية في شكل أسرع وأكثر تركيزاً، على نقاط يلخصها محرر التقرير الرئيس الدكتور حسين عبد العزيز بقوله: «يجب اتباع نهج أكثر استهدافاً لتسريع بلوغ الأهداف، وتذليل العقبات الأساسية والتركيز على تحسين نوعية الخدمات. وأبرز هذه العقبات القدرات المحلية، والإدارة القطاعية، والبطء في تحقيق التقدم في اللامركزية، إلى عدم كفاية المخصصات من الموارد لمصلحة الفقراء. الدكتور عثمان محمد عثمان قال إن ما تحقّق أشبه بالفريق الذي اكتفى بتحقيق الانتصار بهدف واحد في المباراة، وهو ما يضعه في موقع الخطورة، «فربما يحرز الخصم هدفاً في مرماه في الدقيقة الأخيرة». لكنه لم يحدد نوعية الهدف موضع الخطورة، هل هو خاص بتمكين المرأة وبالمساواة، أم أنه هدف بالفقر المزمن الذي يأبى أن يتزحزح! التقرير أعده برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالتعاون مع وزارة التنمية الاقتصادية، وهو الإصدار الخامس في سلسلة تقارير التقويم الدورية لمصر.